أقلام حرّة

تايتان ولعنة تايتانيك 

 

 

 

بقلم/دكتور رضا محمد طه

 

 

يستطيع الإعلام والفن من خلال التخطيط والتنفيذ الذكي ان يخلق من بعض الأحداث اوالكوارث المحددة والتي قد تحدث مثلها بل اكثر منها اهمية في العالم الا انه ومن خلال تركيز انظار العالم وتكرار ذكرها والتحدث عنها تتحول مع الوقت لمزارات وذكريات وتكتب فيها القصص والروايات ويصنع منها الأفلام والمسرحيات.

 

وخير مثال علي ذلك هو سفينة الركاب تيتانيك والتي غرقت في المحيط الاطلسي منذ اكثر من مائة عام -١٥ أبريل 1912-بعدما اصطدمت بجبل جليدي وهي في طريقها متجهة الي مدينة نيويورك مما ادي الي موت اكثر من 1500 شخص واصبحت تيتانيك اسم اشهر من نار علي علم في العالم أجمع.

 

تايتان هي غواصة صغيرة مملوكة لشركة ستوكتون اوشين جيت وتستوعب فقط خمسة افراد ومجهزة من اجل تأجيرها للفرد الواحد بمبلغ ربع مليون دولار للقيام برحلات ترفيهية. وفي مغامرة راح ضحيتها منذ يومين خمسة من أثرياء العالم وهم رجل الأعمال البريطاني هاميش هاردينج ورجل الأعمال البريطاني الباكستاني شاهزادا داود وابنه إضافة الي ستوكتون راش الرئيس التنفيذي للشركة المالكة للغواصة. هؤلاء انفجرت بهم الغواصة تايتان عند عمق 3800 متر بعد حوالي ثلاث ساعات من اقلاعها وهي في طريقها لمشاهدة حطام سفينة تيتانيك.

 

فهل ما حدث لهؤلاء لاثرياء هي لعنة تلك السفينة المنكوبة تيتانيك ام أن السبب هو ان هؤلاء راحوا ضحية الأشياء التي صنع منها الغرب مزارا واصناما يحج اليها المغامرون والذين قد يعرضون انفسهم لمخاطر تصل الي حد الهلاك وضياع النفس والمال؟.

في الوقت الذي حدث فيه انفجار الغواصة تايتان سبقه بوقت قليل غرق سفينة قبالة السواحل اليونانية كانت تحمل مهاجرين غير شرعيين وهي في طريقها الي إيطاليا ومات بسبب ذلك اكثر من 650 معظمهم من النساء والأطفال جاءوا من بلدان فقيرة يبحثون عن حياة آدمية في بلدان أوروبا لكن الأقدار لم تحقق لهم امانيهم.

 

لماذا لا يلتفت أثرياء العالم لمثل هؤلاء المساكين الذين يتركون بلدانهم الفقيرة او المنكوبة بالحروب والكوارث والاستبداد والطغيان ناهيك عن الأمراض والاوبئة التي تنتشر في تلك المناطق من العالم؟، والسؤال الأكثر إلحاحا هو لماذا يغمض حكام الدول الغنية أعينهم عن مساعدة والتنمية في البلدان التي يتركها مثل هؤلاء المهاجرين المساكين والذين قد يضحون بما يملكون في سبيل تحقيق ما يحلمون به، علما بأن الكثير منهم يفقدون أرواحهم في تلك المغامرة الكارثية؟.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق