أقلام حرّة

د.منى صبحي نور الدين تكتب:الوجه الآخر للكورونا

تنفس التجارة الإلكترونية وتغير سياسات الدول والمنظمات وزيادة معدلات البطالة و الفقر .

 

إن ما يحدث على الساحة العالمية منذ أن اجتاح هذا الوباء العالم أجمع توقفت العديد من الأنشطة الإقتصادية وتفاقمت خسائرها إلى أبعد الحدود وكأنها أشبه ما تكون بعدوى إقتصادية صاحبت عدوى الكورونا والتزمت منهجها فى قلب الموازين الإقتصادية فى العالم وكأنهما وجهان لعملة واحدة ، فضلا عن تراجع خطوط إنتاج كثير من الدول الصناعية وعلى رأسها الدول الأوروبية ومنها إيطاليا و ألمانيا وبريطانيا وأسبانيا وفرنسا ، وفى ظل هذا الركود الاقتصادى وانخفاض معدلات النمو ربما ينتظر العالم الكساد الأعظم ..
وفى ظل الركود الاقتصادي لبعض قطاعات الإنتاج نجد على النقيض حقق قطاع التجارة الإلكترونية تطور هام ومن أمثلة ذلك أمازون الأمريكية التى قامت بتوظيف اكثر من ١٠٠ ألف عامل إضافى لمواكبة ارتفاع الطلبات فى ظل الكورونا وتلبية الطلبات المنزلية على الرغم من غلق بعض المراكز التجارية وكذلك بدأت كثير من المراكز التجارية تعرض منتجاتها على شبكات التواصل الاجتماعى بصورة مفصلة لخدمة التوصيل (( دليفرى )) ذلك المصطلح الذى يظنه البعض قاصرا على توصيل الطلبات المنزلية والأطعمة ولكنه مفهوم واسع فى عالم التجارة الدولية والإلكترونية والنقل البحرى ومن أهم المتاجر الإلكترونية متجر أمازون والذى يمتلك نحو ١٣ فرعا حول العالم ومتجر سوق دوت كوم ومتجر marketplace ومتجر جوميا ومعظم الهايبر ماركت مثل كارفور ومترو ماركت وأسواق الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية ، هذا فضلا عن التسويق الإلكترونى للأفراد والقطاع الخاص عبر جروبات الفيس بوك والواتس آب .
وعلى الرغم من وجود مظاهر التجارة الإلكترونية فى مصر لكنها بدأت فى التوسع الآن أكثر وبدأت تنمو وتقفز بخطى سريعة وكانت من قبل لا تساهم إلا بنسبة ٢ % من حجم التجارة ، ولما حدث توقف للتجارة بشكلها التقليدى وتراجعت بشكل كبير حلت محلها التجارة الإلكترونية ومن المتوقع أن ينمو حجم التجارة الإلكترونية ليصل إلى ٢٨.٥ مليار دولار فى عام ٢٠٢٢ فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والآن معظم السلع يتم عرضها وتسويقها عبر شبكات الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعى لخدمة التباعد الإجتماعى للأفراد فى ظل الحظر والحجر الصحى الذى تشهده معظم الدول حتى شركات التسويق العقارى والأسواق والمراكز التجارية والمحلات المتخصصة الصغيرة بدأت تزيد من طرق تسويقها وإنما يقودنا ذلك إلى تغيير ثقافات الشعوب وخاصة فى الدول النامية وربما يفرض نوعا من الأنظمة الإقتصادية التى نفتقدها فيما يخص الاستهلاك وربما تتغير ثقافة البيع و الشراء وتطور عمليات التسويق عما ذى قبل ، وقد تؤثر العزلة الدولية إلى تحسن ميزان المدفوعات وتقليل الواردات .
أما فيما يخص أثر الكورونا على البطالة فقد أعلنت منظمة العمل الدولية أن العالم سيخسر نحو ١٩٥ مليون وظيفة من بينها ٥ مليون فى الدول العربية وفقا لتقرير منظمة العمل الدولية حيث سيتعرض نحو ١٤٤ مليون موظف لفقدان وظائفهم فى قطاع الغذاء والفنادق وفى قطاع البيع بالتجزئة والجملة سيخسر العالم ٥٨٢ مليون فرصة عمل وفى قطاع الخدمات والأعمال ستفقد ١٥٧ مليون وظيفة وفى قطاع التصنيع ستفقد نحو ٤٦٣ مليون فرصة عمل مما سيؤدى إلى ارتفاع نسبة البطالة وتحمل الحكومات ما لا تطيق وزيادة معدلات الفقر وزيادة الدول التى تقع تحت خط الفقر ، ولجأت كثير من الشركات لتغيير سياسة الإنتاج الخاصة بها والمنتجات وتغيير خطوط الإنتاج من صناعة الملابس إلى صناعة الاوقية والكمامات ويحمد لها ما صنعت سواء بغرض الربح المادى فحسب أو لخدمة المجتمع فكلاهما يصب فى مصلحة البشرية .
وبالنسبة للسياسات المالية التى تنتهجها الدول فى الوقت الحالى وانطلاقا من سياسات الأمم المتحدة سواء صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وما تبع ذلك من تخفيض ديون بعض الدول الأكثر فقرا .
وهل الدول ستتعامل بنظرة اقتصادية بحتة على أنها فرصة حقيقية أم ستتعامل بصورة إنسانية فيما يخص حاجة الشعوب ونجد فى الوقت الذى توقف ترامب وأحجم عن تقديم المساعدات المادية لمنظمة الصحة العالمية والتى تصل إلى ما يزيد عن ٥٠٠ مليون دولار بحجة مقارنته بالصين التى تدفع ٤٠ مليون دولار ، فهل هذا وقت المقارنات أم أنه تعنت ضد الصين نظرا لما قامت به من توجيه الاتهام علانية للولايات المتحدة فى فبراير ٢٠٢٠ بسبب تسمية مرض الكورونا بالفيروس الصينى ، إضافة إلى ذلك إعتذار الإتحاد الأوروبى عن تقديم الدعم لإيطاليا فى الوقت الذى قدمت فيه مصر المساعدات و الإمدادات الطبية لها ، وما أعلنته كريستينا جورجيفا رئيس صندوق النقد الدولى من أنها تحتاج لتمويل ١،٨ مليار دولار على الأقل كموارد الدعم الجديدة وكذلك إعلان مجموعة العشرين الإتفاق على إجراءات لتخفيف عبء الديون عن الدول الأكثر فقرا وكذلك خصص البنك الدولى ١٢ مليار دولار عبارة عن مخصصات مالية مساعدات وقروض منخفضة التكلفة ومنح .
وفى كثير من دول العالم أوقفت التعامل بالنقود تماما وأثر ذلك على تغيير ثقافة التعاملات المالية عن طريق إدخال الدفع الإليكترونى عن طريق الهاتف المحمول والذى كانت تسعى كثير من شركات المحمول لفرض هذا النظام .. اليوم النظام فرض نفسه حول العالم .
وعن دور منظمات المجتمع المدنى فقد حذرت منظمة أوكسفام وهى منظمة عالمية للجمعيات التطوعية ومنظمات خدمة المجتمع أن العالم سيخرج من بعد أزمة الكورونا ليلاقى عدو لدود وهو وقوع كثير من الدول تحت خط الفقر ، وربما تكون الدول الأكثر أمانا هى التى قدمت منظماتها المدنية والحكومية والقطاع العام والخاص الدعم على حد سواء كما هو الحال فى مصر فقد تحركت إلى حد كبير بعض شركات القطاع الخاص والأحزاب والجمعيات الأهلية وتعهدت بتقديم المساعدات المادية سواء لوزارة الصحة أو لكفالة الأسر أصحاب العمالة اليومية هذا فضلا عما قدمته الدولة المصرية نحو مواطنيها والسياسات المالية التى وضعها البنك المركزى بشأن سداد القروض والديون ولعل من السياسات الدولية الجديدة نجد دولة فيتنام التى لجأت لتقديم الدعم العينى بصورة أكثر تعبيرا عن الأزمة فقد تم توزيع الأرز فى فيتنام بصورة عينية من ماكينات الصرافة الآلية على المواطنين تجنبا لحدوث أزمة فى الغذاء وهذا ما فرضته الكورونا .
وما زال للحديث بقية .

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. عرض رائع لاقتصاديات العالم بعد كورونا.. دكتورة منى…. ننتظر اثر الكورونا على التكتلات السياسية الحالية… واستمرارها… تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق