أقلام حرّة

الرضا الزوجي وعلاقة متناغمة

يقول تعالي في سورة الروم “وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ”، السكن والمودة والرحمة تخلق الوئام والتفاهم والتناغم والرضا بين الزوجين بما نسميه بالسعادة الزوجية. تلك الخصال الحسنة آخذة في التراجع والهشاشة في العلاقة الزوجية أصبحت واضحة بين الأزواج بسبب رغبة أي من طرفي العلاقة في أن يعيش فقط الحلوة ولا يتحمل مع شريكه المُرة أو الصعبة فضلاً عن لهاثهم أوسعيهم نحو حطام الدنيا وإتباع الهوي والشهوات، لذا فإنه وعند أدني إختبار أو خلاف بسيط بين الزوجين فينكشف المخبوء وقد تتحطم العلاقة الزوجية وتنتهي بالطلاق. والأكثر مدعاة للإستياء هو ما صدر مؤخراً من بعض الشخصيات النسائية المعروفة وإنتشر عل ي وسائل التواصل من جدل أو بالأحري ليس إلا تحريض مبطن للزوجات علي عصيان أزواجهم في صيغة بالغة البشاعة وهي “الزوجة ليست ملزمة بكذا وكذا …..إلخ” في ظروف الكثير من العلاقات الزوجية وخاصة بين الشباب علي شفا جرف هار تكاد تنهار بهما.
تشير الأبحاث أيضًا إلى أن الأزواج على المدى الطويل غالبًا ما يبدأون في التفكير والتصرف بشكل مشابه ، مما يترك العديد من الأسئلة دون إجابة حول كيف يمكن أن يلعب هذا دورًا في الرضا الزوجي. وكشفت دراسة حديثة من جامعة ستانفورد بالتعاون مع باحثين في الصين عن أدلة على أن نشاط الدماغ المشترك قد يتنبأ بالسعادة الزوجية. وتقدم نتائجهم أيضًا نظرة ثاقبة على الأساس العصبي البيولوجي للرابطة الزوجية البشرية. وكان الرضا الزوجي والتوافق الرومانسي موضوع البحث لعقود. ومع ذلك ، بدأ العلماء فقط في فهم سبب قيام بعض الأزواج بالإبلاغ عن السعادة في إطار العلاقة ، بينما لا يشعر الآخرون بهذا النوع من الرضا عن العلاقة. ولعبت العوامل الشخصية والصحة العقلية أيضًا دورًا ، إلى جانب المهنة ، وطول فترة الزواج ، والعمر ، وعدد الأطفال الذين أنجبهم الزوجان. وبمرور الوقت ، غالبًا ما يبدأ الأزواج المتناغمون في التفكير والتصرف بطرق متشابهة. على سبيل المثال ، وجدت دراسة أجريت عام 2021 دليلًا على تزامن وتطابق في الشخصية بمرور الوقت بين الأزواج البالغين الأكبر سنًا.
دراسة جديدة نُشرت مؤخراً في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم باناس (PNAS) وأجراها باحثو جامعة ستانفورد بالتعاون مع علماء في الصين قد كشفت عن مزيد من التبصر في الرضا الزوجي. على وجه التحديد ، حيث وجدوا أن الشركاء المتزوجين من جنسين مختلفين الذين أبلغوا عن رضا زوجي أعلى لديهم أيضًا نشاط دماغ متزامن عند مشاهدة الصور المتعلقة بالزواج.
علاوة على ذلك ، وعلى عكس الأبحاث الأخرى ، لم يجد العلماء أي علاقة ذات دلالة إحصائية بين الرضا الزوجي والعمر والجنس وسمات الشخصية أو طول الزواج. وقد افترض مؤلفو الدراسة أن قياس الرضا الزوجي قد يكون ممكنًا من خلال النظر في استجابة الدماغ للإشارات الزوجية والاجتماعية. حيث اقترحوا أيضًا أنه نظرًا لأن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن النشاط العصبي لدى الأفراد الشريكين يصبح متزامنًا بشكل متزايد مع مرور الوقت وخبرات الحياة المشتركة ، فقد تساهم هذه التواؤمات في زيادة الرضا الزوجي.
لمزيد من التحقيق في هذه النظرية ، قام العلماء بتجنيد 35 من الأزواج من جنسين مختلفين في الصين الذين تزوجوا لمدة عام على الأقل. شمل الباحثون أيضًا أزواجًا تم اختيارهم عشوائيًا من الذكور والإناث الذين لم يكونوا متزوجين. بعد ذلك ، خضع المشاركون لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ أثناء عرض مقاطع الأفلام ذات الصلة بالعلاقة والأشياء. يأمل العلماء في تحديد ما إذا كان الأزواج أظهروا تزامنًا أكبر لنشاط الدماغ من الأزواج المختارين عشوائيًا من الذكور والإناث.
وأظهر التحليل أن الأزواج الذين أبلغوا عن المزيد من الرضا الزوجي كانوا أكثر عرضة لإظهار نشاط في أجزاء مماثلة من الدماغ. وغالبًا ما يفكر المتزوجون في الأمر نفسه ، وهو ما يسمى بالتفكير المتزامن. حيث يمكن أن يكون هذا النوع من التفكير شيئًا يجمع الأزواج معًا. غالبًا ما يختار الناس شركاء يشبهونهم. يمكن أن يكون التفكير المتزامن كإستجابة مكتسبة تحدث بعد أن يكون الزوجان معًا لفترة طويلة من الزمن. تفسير هذا الأمر هو أنه في العلاقة ، يتحرك كلا الشريكين نحو خط تفكير مماثل فيما يتعلق بالاحتياجات والرغبات والآمال. كلا الشريكين يؤثران على بعضهما البعض.
الأزواج الذين لديهم أنماط تفكير وشخصيات متشابهة معًا بسهولة ، غالباً ما يتعايشون جيدًا، ويعيشون بسهولة في وئام. من ناحية أخرى ، يجتمع بعض الأشخاص لأنهم يفتقرون إلى سمات معينة في أنفسهم ، ويبحثون عن شركاء يمتلكون السمات التي يفتقرون إليها من أجل تحقيق شعور بالتوازن. حيث أنه في الشراكات الناجحة حيث تلعب هذه الديناميكيات دورًا ، يحترم كل من الأفراد ويعجب بهم ويتعلمون من بعضهم البعض. بمرور الوقت ، غالبًا ما يتم تحديهم وإلهامهم للتعلم من واكتساب السمات التي يعجبون بها في شريكهم. مثل هذه القواسم المشتركة بين النشاط العصبي / المخ يمكن أن تكون مؤشرات قوية للرضا الزوجي.
ولكي تستقيم العلاقة الزوجية يعلمنا ديننا الحنيف أن الصبر وقوة التحمل هما عماد ثبات العلاقة فإذا وجد المتحاور من محاوره (طرفي العلاقة الزوجية) صلابة في الرأي أو حدة في القول فليلن له الجانب، وليُحسن له القول، قال الله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً البقرة: 83. وقال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الإسراء:53. وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً الأحزاب:70. وقال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ المؤمنون: 96.
دكتور رضا محمد طه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق