أقلام حرّة
مجدي سبلة يكتب .. (مكس الايدلوجيات والفلوس) في الأحزاب

كاتب صحفي ..ورئيس مجلس إدارة دار الهلال السابق
المراقب للاداء الحزبي هذه الاونه يلاحظ خلط شديد بين أصحاب الفلوس والايدلوجيات الحزبية وافعل التفضيل يأتى هنا من جانب الأحزاب وقيادتها لاختيار رؤوس الأموال بتوزيع المناصب الحزبية عليهم بغض النظر عن ملائمة افكار صاحب الفلوس لأفكار الحزب المنضم إليه التى هي الأصل في إنشاء الأحزاب والانضمام إليها المهم الفلوس والانفاق على فعاليات الحزب وبات الأمر كان الأحزاب سوبر ماركت نبيع ونشترى فيه ولايبنى بأفكار للوصول للأغلبية وتلبية اهداف تصب في خانة الدوله ومصالحها ومواطنيها ..صحيح فكرة ضم هذه النوعية للأحزاب قديمه منذ ايام الحزب الوطني حيث هبط رجال أعمال وقتها وحصلوا على عضويات في مجلس النواب وبعضهم حصل على اشياء اخرى في صورة بيزنس واستثمار متوحش واحتكار سلع احيانا ..الان نجد التجربة تعيد نفسها حيث نجد بعض الأحزاب تهرول وراء هذه النوعيه من جديد بغض النظر عن إعلان اسماء لكن وظيفة الصحافة الهادفة أن تنبه عن ملاحظة حتى نتلاشاها نكتب رسائل للمعنين بالشأن الحزبي أن يفسروا هذا التوجه وهذا المسار المحير .. والمشاهد للأداء الحزبي يجد أن المنضمين للحزب قد حصلوا على عضويات في المجالس النيابية وأعمال بطرق شرعية لا توقعهم في مخالفة القانون لكن كله بمعرفة قيادة الحزب المنضم إليه لكنهم ادوات للإنفاق على الحزب ..
خطر هذا التوجه في الممارسة الاحزاب أنه من الممكن أن يؤثروا في الأغلبية داخل المجلس ورجحوا قوانين من الممكن تشكل اتجاه تنفيذى معين..
لذلك أرى أن مصطلح المال السياسي الذى اضيف الى المعاجم بسبب هذه الشواهد . حيث تعود أسباب ما يحصل من فعاليات على المستوى العالمي، حتى اركنت اليه جميع التهم والتجاذبات الحاصلة في المضمار السياسي، وكل يهرول وراءه لتحقيق دوافع واهداف متبادلة بين جميع الأطراف.
ان توفر المال السياسي بيد جهة على حساب الجهات الأخرى دفع الى الكثير من المفارقات او التناقضات في العمل السياسي داخل منظومة العمل الحزبي على الصعيد المحلي، فمن خلال الأموال الطائلة تمكنت بعض الجهات من الوصول الى المشتركات مع بقية الأطراف الذين تجمعهم مصالح موحدة وليس الأهداف او الأفكار المتشابهة.
وقد نجحت الكثير من الجهات الحزبية في توظيف المال السياسي في مجالات متعددة ومنها مجال الحصول على المكاسب بما في ذلك فى السيطرة على الساحة واحتواء المقابل مهما كانت نياته سليمة ويهدف الي خدمة أبناء الشعب مقابل تغلغل الأحزاب التي لا يهمها سوى مصالحها الشخصية والتفكير بما يحقق ذلك وبأسرع وقت.
في كل ازمة سياسية يكون دور المال السياسي فعال وواضح التأثير، فلا يمكن لأي مشكلة او انسداد ان يسلك طريقه نحو الحل، الا بفعل المطرقة الساخنة للمال المتكدس بيد الأحزاب التقليدية والمتحكمة بالإيرادات المالية طيلة السنوات الماضية، ومن هنا تكون أي عملية تفاوضية يشكل المال السياسي حجر الزاوية فيها ولا يمكن الاستغناء عنه، وبدونه يكون الكلام خال من الجدوى وغير نافع لإيجاد الحلول اللازمة.
ظاهرة المال السياسي اخذت بالتنامي في السنوات الأخيرة التي عقبت تغيير النظام، فالتنامي الكبير لهذه الحالة، جعل من الجميع يغبط من يخدمه الحظ ليكون ضمن النخبة السياسية الحاكمة في البلد، ولهذا السبب، صار رجل الاعمال يتنافس مع الأشخاص الكفاءة لخوض هذه التجربة، وبقدر ما يخدم المال تسهيل الوصول الى المواقع السياسية، فأن رجل الاعمال هذا يتعامل مع الموقع الجديد بلغة الاستثمار، أي يضع في حساباته ما الذي سيضيفه المنصب الى ثروته.
ومن يدخل الى العمل السياسي عن طريق المال وما يملكه من ثروة اقتصادية كبيرة يمكن ان يحول الكرسي الى منفذ لتخزين كميات مالية أخرى وتحويل كل ثروته وممتلكاته الى صفة المال السياسي الذي يوظفه لخدمة امواله من الضياع او التأثر بالظروف العامة التي تسود في البلد.
جميع الأحزاب المشاركة في إدارة شؤون البلد تشترك بصفة استغلال المال السياسي للوصول الى مطالبها الضيقة حدث في الحزب الوطنى في مصر قبل ١٠ سنوات ويجرى في أحزاب دولة مثل العراق حاليا على سبيل المثال حيث يتم توظيف واستخدام المال السياسي ربما بصورة أكثر وضوحا وتجليا على مستوى المنطقة، تمكنت الاحزاب من سحب البساط من تحت اقدام القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية وكذلك المنافذ الأدبية لتكون تحت رعاية المال وخدمة للجهات المالكة له.
وبذلك ازدادت قدرة التحكم بآراء وتوجهات اغلب الطبقات الاجتماعية وأكثرها العامة التي وظُفت فكريا لخدمة المنظومات السياسية، المهيمنة عبر منطق المال السياسي الذي حرف الموضوعات واستبدل المنطقيات بأشياء غير ذلك، ومن جعل الأمور أكثر تقبلا من طرف المجتمع هو الأموال الطائلة التي اغدقت على الافراد بدوافع مزعومة بأنها إنسانية.
كثرة الأموال السياسية بيد الأحزاب تجعلها قادرة على المناورة في التجاذبات السياسية الحاصلة على الساحة، ولا حظنا كيف تمكن المال السياسي من الحصول الى الميول الواضح والرضوخ الكبير من قبل الأحزاب الصغيرة الباحثة عن مقعد بين الكبار على المستوى السياسي، وبالتالي تغيرت الولاءات وصارت التوافقات على الحصص هو الشغل الأهم بالنسبة لهذه الجهات.
الواقع المصرى يسير في هذا الاتجاه فرجال المال هم المتحكمون فى الأحزاب ، فهم يدعمون المرشحين للبرلمان، فتجد رجل أعمال مثلا يقف خلف عدد من المرشحين ويتحمل نفقات الحملة الانتخابية كاملة والدعاية وغيرها حتى ينجحوا ويصبحوا أعضاء فى المجلس، وبالتالى يكون انتماؤهم لهذا الرجل ويدافعون عن مصالحه وسيحمونها بكل قوة.
هذه المسألة فى منتهى الخطورة فرجال الأعمال يكون تأثيرهم كبيرا جدا على الفضائيات والصحف أيضا من خلال تمويلهم لان الجريدة أو الموقع يتولى هذا الاتجاه الذى يصب في خانة المال السياسي