أقلام حرّة

حاتم زكريا يكتب: الرئيس قـيـس سـعـيد تـمـثيل شـجـاع 

 

قبل إنطلاق شهر رمضان المبارك بسويعات قلائل جاءت زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى مصر ومباحثاته مع أخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في إشارة الى عودة تونس الخضراء الى طريق الإصلاح والخروج من عباءة ” الإخوان ” مجدداً رغم بعض المعوقات .

ولا شك أن ثورة 30 يونيو 2013 إمتدت شعلتها من الحدود المصرية الى تونس الشقيقة ليستعيد الشعب التونسي إرادته الجبارة فى العيش فى أمان وسلام تحقيقاً لأمانيه وتطلعاته التي اختطفت منه فى فترة ظلامية لا تتوافق أركانها مع ملامح وأبجديات هذا الشعب الأبي ..

وقد يكون إنتخاب قيس سعيد كرئيس للجمهورية التونسية وسط محاولات شديدة لإعادة عقارب الساعة الى الوراء هو الذى أعطي الأمل فى إستمرار الصحوة التونسية للخروج من براثن المخططات الظلامية الدولية التي تمتد أصابعها وتأتي من الخارج ..

والطريقة التي جاء بها قيس سعيد الى كرسي الرئاسة التونسية لم يتوقعها أحد .. فقد كان يعتمد على ذكاء وفطنة المواطن التونسي الذى يرفض أن يكون أسيراً لتكتلات سياسية تعمل لتحقيق أهداف خاصة بها ، بينما نجح قيس سعيد فى مخاطبة وجدان المواطنين التونسيين ، واقترب من قلوبهم ضارباً كل التوقعات والتكتلات فأصبح ظاهرة تستحق دراسة خاصة ما زال الأكاديميون يعكفون على الخوض فيها .. وقد يكون كونه أستاذاً جامعياً فى القانون هو الذى أعطاه القدرة على مواجهة كثير من المواقف الشائكة التي ما تزال مستمرة حتي اليوم .. وقد يكون ما صرحت به الفنانة التونسية لطيفة – التي التقت ضمن مجموعة من أعضاء الجالية التونسية بالقاهرة بالرئيس قيس سعيد – يعبر عن نظرة كثير من مواطنيها لرئيسهم فقد قالت الفنانة لطيفة بعد اللقاء : إنه رجل عظيم ومثقف وفاهم لكافة الأوضاع فى بلدها ..

ولعل ما قاله الرئيسان السيسي و سعيد فى المؤتمر الصحفي عقب مباحثاتهما يوم السبت الماضي بقصر الإتحادية يعبر عن توافق مصري تونسي تام لرؤية البلدين للقضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك .. ففي كلمته أكد الرئيس السيسي أنه أجري مباحثات مكثفة وبناءة مع الرئيس قيس سعيد تناولا خلالها عدداً كبيراً من الموضوعات الثنائية والإقليمية ذات الإهتمام المشترك ، عكست الإرادة المشتركة نحو تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين والإرتقاء بها فى مختلف المجالات الى أفاق أرحب ، وذلك من خلال تفعيل أطر التعاون وآليات التشاور والتنسيق بين البلدين على جميع المستويات سواء فيما يتعلق بالموضوعات الثنائية أو بالنسبة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك ، كما أكد الرئيس السيسي أهمية تعزيز التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره ومطالبة المجتمع الدولي بتبني مقاربة شاملة للتصدي لتلك الظاهرة بمختلف أبعادها الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والتنموية والفكرية والأيديولوجية ..

وأوضح الرئيس السيسي أنه بحث مع نظيره التونسي سبل الإرتقاء بالتعاون الثقافي من مختلف جوانبه ، بما يسهم فى تعزيز التقارب بين الشعبين الشقيقين خاصة أن هناك دوراً مهماً للثقافة فى التصدي لمخاطر التطرف الفكري التي تواجهها دول المنطقة واتفقنا على إعلان عام 2021-2022 عاماً للثقافة المصرية – التونسية من خلال تفعيل الأنشطة الثقافية والفنية المشتركة بمختلف مناحيها فى كل من مصر وتونس بما يعكس التاريخ المشترك بين الشعبين والتواصل القائم بينهما ..

واستعرض الرئيسان القضايا المطروحة على الساحة العربية وأكدا على أهمية دعم العمل العربي المشترك والحفاظ على الأمن القومي العربي وحماية وحدة وسلامة وإستقلالية أراضي الدول العربية وتعزيز مفهوم الدولة الوطنية ورفض جميع محاولات التدخل الخارجي فى الشئون الداخلية للدول العربية ، والتأكيد على مواصلة الجهود العربية من أجل دعم القضية الفلسطينية كونها القضية المحورية للعالم العربي ، وضرورة بذل الجهود لتطبيق مبدأ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة علي خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .. وأشار الرئيس السيسي إلى أن المباحثات تناولت تطورات الأزمة الليبية ، وأكد الرئيسان ضرورة تفعيل الدور العربي إزاء هذه الأزمة ورحبا بالسلطة التنفيذية الجديدة ، وأكدا إستعدادهما لتقديم جميع أشكال الدعم لها ،بما يمكنها من أداء دورها فى إدارة المرحلة الإنتقالية وإجراء الإنتخابات فى موعدها المقرر نهاية العام الحالي وإنهاء التدخلات الخارجية وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين والإرهابيين الأجانب من ليبيا .. بما يضمن إستعادتها استقرارها الكامل والمنشود ويصون سيادتها ووحدة أراضيها ومقدرات الشعب الليبي الشقيق ..

وثمن الرئيس السيسي الدور الذى تقوم به تونس بصفتها العضو العربي فى مجلس الأمن وما تبذله من جهود لدعم القضايا العربية ..

ومن جانبه أكد الرئيس قيس سعيد أن الأمن القومي لمصر جزء من الأمن القومي لتونس وموقف مصر فى أي محفل دولي سيكون هو موقف تونس . مشيراً الى أن تونس لن تقبل أبدا المساس بالأمن المائي لمصر ، موضحاً أن مصر تحدثت عن حلول عادلة للقضية ..

وأكد الرئيس قيس سعيد أن هناك محطات تاريخية مشتركة بين تونس ومصر كان الموقف فيها واحدا ، وأشار أنه تم تناول القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك فضلاً عن المخاطر التي يجب التصدي لها والتي تستهدف المجتمع العربي ، مؤكداً على أهمية الوعي بهذه المخاطر والحفاظ على مؤسسات الدول وتماسك المجتمعات العربية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق