أقلام حرّةالمميزة

إمبراطورية (جيم)

 

 

 

بقلم: يحي سلامة

 

 

من عظمة اللغة العربية أن للحروف أسرار خاصة لم يتوصل علماء اللغة إلي رأي حاسم في أغلب مسائلها وإنما بقيت محاولتهم في إطار الإجتهادات وهو مايتضح جليا في محاولة تفسير سر الحروف المقطعة التي بدأت بها بعض سور القرأن الكريم.

أما عن حرف (الجيم) في هذا المقال فهو مرتبط ارتباطا عصريا بأماكن وأشخاص وأحداث مازالت تلقي بتأثيرها في المشهد الراهن (سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا).

١- حرف الجيم يبدأ به إسم مدينتين ساحليتين إحداهما تقع في شرق البحر الأحمر والأخري تقع غربه.

٢-حرف الجيم يرتبط بالمهرجانات والأنشطة التي تقام في كل من المدينتين .

٣-حرف الجيم يأتي في (اللقب) الذي يمكن أن يطلق بسهولة علي الراعيين الرسميين لهذه المهرجانات وهو (مرجان أحمد مرجان) الشخصية المعروفة في فيلم عادل إمام الذي يحمل نفس الإسم ويمكن إطلاق الإسم عليهما بحمولته الدلالية والرمزية دون مبالغة أو تهويل.

ومن وجهة نظري فشخصية (مرجان أحمد مرجان) هي الشخصية العصرية لشخصية (كشكش بيه عمدة كفر البلاص ) التي قدمها الريحاني علي مسرحه في أوائل القرن الماضي وهو العمدة الذي يأتي للقاهرة ومعه ثروته التي حققها نتيجة بيعه لمحصول القطن ليهدرها في ملذاته وشهواته بكازينوهات عماد الدين وقتها .

فالتيمة الحاكمة للشخصيتين(مرجان وكشكش بيه)هي تيمة التعامل مع فائض رأس المال وسوء استخدام الثروة الفجائية التي تضخمت فجأة لأسباب إقتصادية وسياسية وإجتماعية مختلفة.

وبينما كان أقصي مايفعله (كشكش بيه) هو أن يعطي الراقصة أو فتاة الليل أموالا كثيرةويعطي بقشيشا للجرسون الذي اشترك مع الراقصة في خداعه وتقديم المشروب الروحي بأغلي من ثمنه (واقتسام الفارق بينهما وبين صاحب الصالة) فبعد مرور قرن من الزمان تغير الوضع تماما فقد إشتري (كشكش بيه القرن الواحد والعشرين أو مرجان أحمد مرجان) الصالة بمن فيها وحولها إلي صالة عروض ازياء فاضحة تتنافس فيها العارضات في التعري وإبراز أكبر مساحة من أجسادهن ومفاتنهن تحت مسمي مهرجان السينما واحتضانه وتبنيه لكل مثال سيئ في التمثيل أو الغناء وعلي طريقة الأفلام القديمة من تشغيل عديمي المواهب والعاطلين عن العمل ممن تجاوزهم العمر والتجربةوشراء النجوم والأسماء الكبيرة بالمال وتقديمهم في الصف الأول ونجوم شباك في شكل مهرجانات غنائية تابع الجميع فيها الخروج علي الأخلاق في الملابس واللياقة والتسبيح بحمد (كشكش بيه أو مرجان والثناء عليه وعلي كرمه الحاتمي) الذي وصل إلي حد نكران الجميل للبلد والأهل والعشيرة في مقابل حفنة الريالات والدولارات بل والقبول بأداء حركات بهلوانية في شكل مقالب مفتعلة في برنامج سخيف يتبادل فيه الضيوف الشتائم والسباب من أجل إضحاك (كشكش بيه أو مرجان أحمد مرجان) .

ولأن النجاح في تكوين ثروة طائلة (سواء بالعمل العصامي أو بالميراث أو حتي بالمصادفة) لا يعني بالضرورة النجاح في كل شئ (فرجال الأعمال يكتسبون المكانة والشهرة من النجاح في إدارة أعمالهم وأنشطة إمبراطورياتهم الإقتصادية بحرفية وإقتدار) وربما لسبب أو لأخر غابت هذه البديهة عن (مرجان أحمد مرجان أو كشكش بيه القرن الواحد والعشرين)فنراه تورط مرة في العمل السياسي وأنشأ حزبا سياسيا لم يعد له وجود بعد أن صرف عليه الملايين وتارة يقحم نفسه في العمل الإعلامي ويشتري قناة بمذيعيها الذين يروجون له ولأفكاره ولعبقريته ويتمثلون قول النابغة الذبياني (كأنك شمس والملوك كواكب

إذا بدوت لم يبد منهن كوكب) وتورط مرة في شراء نادي وإغداق الملايين عليه ولم يحقق هذا النادي الحد الأدني من الطموح بالفوز بلقب محلي أو حتي الفوز بكأس دورة رمضانية ونراه تارة يقدم نفسه أنه شاعر (فجأة) ويكتب الأغاني التي يتم إنتاجها وتسجيلها علي نفقته الخاصة وتارة هو منظر إجتماعي ومفكر وصاحب رؤية إجتماعية ودينية وإقتصادية وفنية وأدبية وسياسية وثقافية علي طريقة (بتاع كله) .

لأقرر في الأخير أن شخصية مرجان أحمد مرجان أو شخصية كشكش بيه عمدة كفر البلاص لم تكن شخصيات فنية من خيال المؤلف والمخرج والممثل تم تقديمهما علي خشبة المسرح وشاشة السينما إنما كانت شخصيات حقيقية كانت ومازالت تعيش بيننا ونتأثر بتصرفاتها وإذا كانت هناك مقولةشهيرة (أن رأس المال جبان) فمن الممكن أن يلهمنا مرجان وكشكش بيه بمقولة جديدة (أن التعامل مع فائض رأس المال يفتقد الحكمة أحيانا)

ومع عدم استبعاد (عدم الحكمة) في تصرفات مرجان وكشكش بيه نري أن من وراء هذه التصرفات هدف أخر وهو مابات واضحا وهو تشويه صورة (الفن أو القوة الناعمة كما يطلق عليه) بالاحتفاء بهذه النماذج الشاذة وإظهار الفن المصري في أسوأ حالاته الفنية سواء من نوعية المنتج الفني أو من خلال ملابس وكلام الفنانين والفنانات أنفسهم لأستدعي جملة يوسف داوود لعادل إمام في فيلم (النمر والأنثي)

القماش بيتريق عليك ياوحيد

لأقول ان مرجان وكشكش بيه بيتريقوا علينا وعلي الفن المصري .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق