أقلام حرّة

محمد صلاح يكتب: في ذكراكي يا أمي

 

هى.. «حبيبتي»!؟

«وإن غبت عني يا حتة مني روحي تناديلك.. وبنسى همي ساعة ما اسمي عليك واشيلك.. لو يحرموني من نور عيوني، مطرح ما تبقى اشوف واجيلك، سيد الحبايب يا ضنايا انت».

كانت هذه الأغنية للفنانة شادية، هى الأغنية التى كانت أمى حبيبتي رحمها الله تغنيها لى، حتى بعدما كبرت كانت تغنيها عندما أصر أن تغنيها لى، هى وبعض الأغاني القديمة، كانت تغني لي، وأنا اغني لها دائماً «ست الحبايب يا حبيبة، يا أغلى من روحى ودمى»، كنت صاحب أمي، وكانت هى حبيبتي، ليس من نوع الطفل المدلل ومن يلقبوه «ابن أمه» بل كنت حبيب أمه، ليس منا مني عليها، ولكن حقاً أصيلا لمن تحملت آلام المخاض لكي أرى نور الدنيا، وسهر الليالي وشقاءها من أجل تربيتي وتربية أشقائي، الذين لم يتأخروا لحظة في برهم للأم العظيمة.. حبيبتي.

نعم هى حبيبتي، وستبقي حبيبتي بل وصاحبتي، فقد كنت طوال حياتي أطبق وصية الرسول عليه الصلاة والسلام، عندما سأله أحد الصحابة من أحق الناس بحسن صحابتي، فقال له الرسول الكريم: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، و كنت أضع امام عيني دائما قول الله تعالي «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِالْوَلِدَيْنِ إِحْسَنًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ لْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» صدق الله العظيم، كنت لا أترك أمي تنام غاضبة، لأنى كنت أعلم أن عرش الرحمن يهتز لغضب الأم، كنت دائما أحاول رسم الابتسامة على شفتيها، ليس من منطق الواجب لأنها أمى، بل لأنى جعلتها صاحبتي وحبيبتي.

كنا صغاراً نذهب لشراء الورد والكارت الجميل لنقدمه الى امهاتنا في عيد الأم، كان يوما جميلا، كان فكرة كتبها عميد الصحافة العربية العظيم مصطفى أمين في مقاله «فكرة» بأخبار اليوم، عندما ذهبت إليه إحدى الأمهات في مكتبه، وقصّت عليه قصتها، وكيف أنها ترمَّلت وأولادها صغار، ولم تتزوج، وكرّست حياتها من أجلهم، وظلت ترعاهم حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقلوا بحياتهم، وانصرفوا عنها ! كانت فكرة وأصبحت عيدا سنويا، لتكريم الأم ورد الجميل، بل أصبح عيدا نستقبله فى بدايات فصل الربيع، وتفتح الورود وتنفس عبير الزهور وعطر أمهاتنا الجميل.

أحبائي.. إن الحديث عن الأم والأب وبرهما ليس من باب التشدق، فمعظمنا يبر والديه، ولكن هناك من تشغله مسئولياته عن والديه، من تشغله أمور الحياة والظروف الصعبة عن رعاية والديه، أقول لهؤلاء اتركوا أي شىء الآن، فبر الوالدين لا يسبقه إلا عبادة الله عز وجل، اترك كل شيء واذهب لأبيك وأمك، قبل ان يأتي يوماً تتحسر فيه على ما فاتك، قبل قدم أمك أمام أولادك، ولا أجد ختاماً إلا ما كتبه الشاعر أحمد الهمامي قائلًا: «مين غيرك حملني ورعاني وشال سنين همّي، مين اللي قال حبل المشيمة اتقطع بينا. دا أنا لـسه مربوط بيكي، وحبك بيجري في دمي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق