أقلام حرّة

إسراء كارم تكتب: قبلة لا تنسى».. أنا وعبدالرحمن

 

 

بوجه عابس .. ظل يختلس النظر إلي في اللقاء الأول، فيما كانت قدماي تتعثر وأنا اقترب منه غير مدركة هل أقبله على الفور أم أبدأ بإلقاء التحية!

لا يعلم على الإطلاق أنه بمثابة بطل ومن المشاهير سواء في البرامج أو على السوشيال ميديا وأنني أعرفه بسبب حادث مشئوم، لكن بمجرد أن اقتربت منه وأخذت أمازحه بادلني عبدالرحمن ذو الأربع أعوام، وكأنه كان في انتظاري منذ وقت طويل.

دعاء مستمر منذ حادث انفجار معهد الأورام، لكل المرضى ولكن عبدالرحمن كان حالة خاصة، بعد أن انتشرت صورته وهو محمولا على كتف والدته والبكاء يكسو ملامحها، خاطفا القلوب ليزداد الدعاء له.

اكتفى بمعرفة «اسمي» في محاولة منه للهروب من أوجاعه في بضع لحظات سعيدة نلعب فيها سويا دون تحريكه من سريره بمعهد الأورام، حيث رأسه المغطى بالأربطة والشاش بسبب العديد من العمليات، ينظر إلي ببراءة لم تصادفني طوال ٣٢ عامًا.

لم يكن لديه طاقة للكلام أبدا، إلا أن رده على سؤال والدته: «بتحبها؟» كان أقوى من أي كلام، حيث اندفع نحوي ليعطني قبلة لم أحظ بمثلها يوما ما رغم تعاملي المستمر مع الأطفال.

همست والدته في أذني ومن معي، بأن غدا يوم صعب سيخضع فيه عبدالرحمن لعملية استئصال ورم من المخ لا يصل إليه الكيماوي، قائلة: «ادعوله يعيش.. ويخرج سليم»، وبينما هي تتحدث يحاول الصغير انتهاز فرصة أخيرة للتصفيق على يدي ويعيد تقبيلي وكأنه يترك بصمته وينقشها في قلبي، ويطالبني بألا أنساه.

لحظة انفجار معهد الاورام واحتضان الام لابنها عبد الرحمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق