أقلام حرّة

خالد جعفر يكتب: سينما مصر ورسالة وفاء

 

لم تعد سطور الورق ذلك الرداء الذي يلبسه الفنان المسرحي متنكرا ليتقمص دورا ما ، وينتهي بمجرد إسدال الستار، ولم يعد قناعا معزولا في محيط فكرة واحدة تسيطر على المشاهد طوال العرض، بل أصبح الفن المسرحي ثقافة كونية تتحول في جغرافيات متنوعة وأزمنة مختلفة يربطها خيط واحد بدافع الفضول والرغبة في كشف مغاليق الذات واستلهام الماضي العريق .

هنا في قلب القاهرة وفي الأوبرا أكبر صرح ثقافي في العالم العربي ، وتحديداً في مركز الإبداع الفني نشاهد أكبر احتفالية في عالم المسرح في شكل جديد ومبتكر لتخريج سبعة وستين من مواهب مركز الإبداع في فن المسرح . مشروع تخرج يعتبر هو الأول من نوعه في عالم الفن والمسرح العربي في عرض (سينما مصر) .

رؤية وإخراج الفنان القدير خالد جلال الذي استطاع بمهارة واقتدار أن يحول السينما إلي مسرح ، ويعيد لك تاريخ السينما المصرية خلال قرن من الزمان بمشاهد من أفلام الزمن الجميل ويحولها إلي واقع تراه أمامك على خشبة المسرح . جسد خلالها مشاهد مختلفة من خمسة وأربعين عملا سينمائيا في تاريخ السينما المصرية ، بدأها بمشهد من فيلم (الليلة الأخيرة) وبطلته نادية التي تبحث عن ذاكرتها المفقودة مروراً بأجمل وأروع مشاهد من أفلام السينما المصرية ، منها سلامة في خير، ودعاء الكروان ، وغزل البنات ، وإسماعيل يسن في الجيش ، وقصر الشوق ، والناصر صلاح الدين ، والمصير، والكيت كات، وغيرها .. إلي جانب بعض الاستعراضات والاسكتشات .
خالد جلال في هذا العرض قدم سبعة وستين من الخريجين والموهوبين في أعظم رسالة يقدمها فنان يؤمن بتاريخ الفن المصري العريق ويحمل ميراثا ثريا ومشرفا من الفن والإبداع ، ففكرة العرض عنده ليست مجرد حنين إلى الماضي بقدر ما هي تباهي وفخر بهذا الميراث الضخم العظيم .
خالد جلال واحد من مبدعي الإخراج المسرحي وحلقة من حلقات سلسلة كبار وعظماء المسرح العربي ، استطاع بمهارة ودقة أن يتحكم في سبعة وستين فنانا وفنانة على خشبة المسرح وكأنهم حبات عقد جمعهم خيط يمسك هو بطرفيه بحكمة وفن ، وتزيد حالة الإعجاب وأنت تشاهد العرض وتسأل نفسك : كيف استطاع أن يوظف موسيقي خمسة وأربعين عملا سينمائيا بهذا التوافق الذى لم نشعر معه بحالة القطع أو فاصلة الاستماع ، إنه مجهود رائع وشاق في نفس الوقت ، ثم يتصاعد الخط البياني لحالة الإعجاب حتي يصل إلى أقصى مدي من دقة اختيار ملابس كل مشهد باختلاف موضتها حسب زمن المشهد .
خالد جلال حالة مصرية تشعر معها أنه فنان مختلف ، وصاحب رؤية جديدة ، معجون ومنصهر في مصريته التي تعطي له مكانة خاصة من الحب والتقدير والإعجاب لدى المشاهد .
شكر خاص لدار الأوبرا برئاسة الدكتور مجدي صابر ، ومهندس الديكور الفنان محمد الغرباوي ، والمخرج المنفذ علا فهمي التي بذلت جهدا كبيرا وشاقا في هذا العرض . شكراً لكل فريق العمل .

موهوبو مصر و خريجو الدفعة الثانية قسم التمثيل ، شكراً لكم وشكراً لرسالتكم التي أرسلتموها لكل فنان من فناني السينما في الزمن الجميل والتي سأنقلها منكم علي لساني .
(شكراً لأنك منحتنا السعادة ، وحفرت اسمك في وجداننا لعلنا ننال شرف اقتفاء أثرك) .

كاتب المقال مع المخرج الكبير داوود عبد السيد

كاتب المقال مع المخرج الكبير داوود عبد السيد
ومع المخرج خالد جلال
ومع بطلة العرض إيمان غنيم
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق