المميزةثقافة وقراءة

غنوة عند الشفق

 

قصة قصيرة/ بقلم : زينب سالم

أتلهف دائما أن اتواجد أمام البحر قبيل انبلاج صبح كل يوم
أقف بشرفة حجرة أخي ( رحمه الله)
أتذكر يوم سافر و لحظة وداعه كانت عند الشفق ظل يراسلنا خمسة أعوام لم ينقطع أبدا عن كتابة الرسائل او الاتصال كل شهر. 
لكن و فجأة انقطع اتصاله و بعدها بعام بعدما حاولنا الوصول اليه بكل الطرق لم ننجح و بعدها بعامين كاملين جاءنا من أكد لنا موته و اختفائه من بيته فجأة حتى ملابسه كانت ما تزال متواجدة بغرفته التي كان يسكنها بهذه البلد
كنت وقتها قد اتممت الخمسة عشر عاما حزن كل من عرف اخي بخبر موته اما والداي فقد انهارا و اعتكفا عن العالم
كانت اختاي الكبيرتان قد تزوجتا و انعزلا عنا بحياتيهما
و بقيت انا الاخت الصغرى من اعاني وحدتي ببيتنا و غربتي وسط اهلي، انهيت بعدها بخمسة اعوام اخرى دراستي الجامعية .
و في اول يوم لي بالعمل عند محامي صاحب صيت و شهرة عرفت عن طريق زميل لنا ان هذا المحامي متخصص بأخذ حقوق من ماتوا او اختفوا بالغربة دون اخذ حقهم و رويت له قصة اخي
و بعد ان حصل من خلالي عن بيانات و معلومات عن اخي زارنا يوما و عندما حكى امام والداي ان هناك ثغرة قد توصلنا لمعرفة شئ عن سبب اختفاء اخي وجدت والداي و كأنهما افاقا من سباتهما و انتبها لكل جديد في موضوع اختفاء اخي الذي اتضح انه ما يزال حيا يرزق و كانت تلك صدمة لأهلي جاءتهما بمقتل اكثر من صدمتهما بخبر موته .
حينما عرفا انه قد تزوج ابنه ملياردير خليجي و اخفى عنه كل ما يتصل بنا ( عائلته) بل و افهمه انه يتيم و بلا عائلة .
عرفت من المحامي عنوان اخي و راسلته و افهمته اننا عرفنا اين يسكن و مكان عمله و انني بصدد فضحه اذا لم يأتي لزيارة والديه قبل موتهما ، و بالفعل اتصل و عرفت موعد عودته و انتظرناه و فوجئت برجل لا تشدني اليه عاطفة الاخوة حتى لهفته التي غادرنا بها ضاعت هل هي الغربة ام قساوة القلب ، عاتبنا جميعا لأننا هددناه و انه مستعد لكي يعطي كل منا مبلغ كبير ليساعدنا على معيشتنا لكني فوجئت بأختاي توافقانه و ارادتا معرفة كم المبلغ
و حينما نهرتهما اخذتني احداهما تؤكد لي طالما هو من باعنا فلم لا نأخذ منه ما يساوي الحزن الذي حزنتا عليه وقت غيابه و تعجبت من منطقها . لكنني سألته ؟ هل اشبعتك اموال الغربة يا اخي
هل وجدت منها حنان الاب و عناق الام و و دفء الأخوة.
هز راسه ساخرا ، المال اهم شئ بهذا الزمن و هنا قام ابي و القى عن كتفيه المرض و الحزن و بقي بعينيه نظرة الحسرة قائلا : اذن اخرج و لا تعد ان قلبي و قلب امك قد غضبا عليك و لن تجد يوما قلبا يعطيك درهم محبة او حنان و ستعيش و تموت جافا بلا اهل
تركنا اخي و سهرنا جميعا نتحسر انا و ابي و امي على ابن و اخ عاد ليموت بقلوبنا
و خرجت اختاي متحسرتان على الاموال التي حلمتا بها من اخي و راحت ادراج الرياح
اليوم و بعد وفاة والداي و ابتعاد اختاي عن حياتي سمعت امس ان اخي قتل على يد اخ زوجته ذبحا و ان ولداه لم و لن يتعرفا ابدا عن عائلة والدهم مسكين يا اخي حرمت من ان تموت بين اهلك و في ارضك هل افادتك الاموال ان تصنع لنفسك مدينة حب تطوقك
اما انا فأعيش بين زوج محب و ابناء عطوفين يعرفان معنى الانتماء كما ربيتهم ، ها قد بدأت الشمس تولد و ينقشع الظلام و بدأ ولادة نور و دفء يملأ المكان .
تمت

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق