تحقيقات وتقارير

ظاهرة “الخرس الزوجى فى ظل انتشار السوشيال ميديا”..تعريفها..اسبابها..عواقبها..طرق علاجها

واكد الخبراء النفسيين ان هذه الظاهرة اصبحت فيروس العصر الحديث لانها ظاهرة تغزو اكثر البيوت وتهدد كثير من الاسر بالانهيار

 

 

تحقيق تكتبه: هبه صوان

 

“الخرس الزوجى”،”الصمت الزوجى، “الطلاق الصامت” كلها مصطلحات لها معنى واحد وهو السكوت السلبى وانعدام لغة الحوار بين الزوجين كما عرفه خبراء علم النفس وخبراء العلاقات الزوجية و الاسرية.

 

واكد الخبراء النفسيين ان هذه الظاهرة اصبحت فيروس العصر الحديث لانها ظاهرة تغزو اكثر البيوت وتهدد كثير من الاسر بالانهيار حيث يعاني منها كثير من الازواج وخصوصا بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضى والتى يلجأ فيها احد الزوجين الى الصمت او الرد بأختصار علي الطرف الاخر مهما حاول الطرف الثاني فتح مجال للحوار ويعد ذلك مؤشرا قويا علي فتور العلاقة الزوجية وجمودها والهدوء الذى يسبق العاصفة لانه فى اغلب الاوقات ينتهي بالطلاق الفعلي ويليه التفكك الاسري.

 

الهروب الزوجى

 

 

شهدت الفترة الاخيرة في مصر والمجتمعات العربية عموما تفاقم ظاهرة الطلاق بسبب الاندماج مع العالم الافتراضى والهروب من العلاقات الزوجية المباشرة .

 

 

فقد كشفت دراسة أجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عن ارتفاع معدلات الطلاق المبكر فى مصر، وكانت أعلى معدلات للطلاق فى المحاكم تلك التى تمت عن طريق الخلع، يليه الطلاق بسبب الإيذاء، وارتفاع معدلات الطلاق فى الحضر عن الريف.

 

 

كما كانت أعلى معدلات الطلاق فى الفئة التى تحمل شهادة تعليم متوسطة، تليها الفئة التى تقرأ وتكتب، وتقل النسبة مع الدرجات العلمية العليا ,وأظهرت الدراسة ان أعلى معدلات الطلاق فى الفئة العمرية من “20-35″، وأعلى معدلات الطلاق بما يقرب من النصف تقع بشكل مبكر خلال السنوات الأولى.

 

وارجعت الدراسة أنه من ضمن اسباب حالات الطلاق هو “الخرس الزوجي” وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت والبرامج والتطبيقات التكنولوجية الحديثة، وتأثير بعض ما يقدم بالدراما والشاشات والفضائيات.

 

 

كما ان هناك تقرير للجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء المصرى اكد علي ان حالات الطلاق وصلت الى حوالى 213 الف حالة طلاق عام 2020 بواقع حالة كل دقيقتين وهذه الظاهرة تمثل تهديدا للواقع الاجتماعى .

 

 

برنامج مودة

 

 

كما كشف تقرير من وزارة التضامن الاجتماعى أن 15% من حالات الطلاق المسجلة في 2020 كانت بسبب سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت الدكتورة راندة فارس مديرة برنامج مودة بوزارة التضامن الاجتماعى ان الاسرة المصرية اصبحت فى حالة من ” الفردانية “, اي ان كل شخص يعيش مع نفسه وغاب الاندماج الفعلى والعلاقات الايجابية المباشرة .

 

 

كما اكد الدكتور علي جمعة، مفتى الديار المصرية الاسبق، خلال احد لقائاته التليفزيونية: ان سبب زيادة نسب الطلاق هو سوء استخدام الانترنت وقال “ان في ناس عندها استعداد تقفل بيتها ويتخرب وما يقفلوش صفحاتهم على الفيس بوك “.

 

 

 

اذا ما هى اسباب انتشار ظاهرة الخرس الزوجى، ولماذا راح كل طرف يبحث عن شريك اوصديق من خلال وسائل التواصل الاجتماعى واصبح كلا الزوجين ينظرون فى شاشات جوالاتهم اكثر من الحديث الفعلى والتفاعل الايجابى المباشر؟.

 

 

 

يقول الدكتور فؤاد الدواش، استشارى الصحة النفسية ان الخرس الزوجى مسألة شائعة جدا ولها اسباب مختلفة قد يصعب حصرها والالمام بها ولكن انكسار الحب وضعف الالتزام وغياب لغة الحوار هما الاسباب الاساسية للخرس الزوجى, لان الحوار بين الزوجين هو بمثابة اكسجين العلاقة الزوجية فبدون الحوار بين الزوجين تصبح العلاقة والحياة اكثر شقاء وتعاسة, وحتي يكون هذا الحوا ناجح وهادف يجب اختيار الوقت المناسب للحوار , فليست كل الاوقات مناسبة للجميع.

 

 

الاختبار المناسب

 

 

كما يجب اختيار اسلوب مناسب لاجراء الحوار ,فمن المهم اختيار نبرة صوت ولغة جسد مناسبتين الا ان سرعان ما تتحول لغة الحوار الى شجار حيث يجمع خبراء التواصل  على ان الكلمات تؤثر بنسبة 7% بينما يؤثر التواصل غير اللفظى بنسبة 93% ويشمل لغة الجسد ونبرة الصوت.

 

 

وتقول دعاء ليلة، خبيرة العلاقات الزوجية والاسرية ان من اهم اسباب الخرس الزوجى هو عدم الاستمتاع بالعلاقة الحميمية بين الزوجين بسبب قلة الثقافة الجنسية وسوء التصرف اثناء العلاقة والخجل من المواجهة والعجز في التعبير عن المشاعر بصراحة فيلجأ احد الطرفين للصمت والهروب للعالم الافتراضي من خلال السوشيال ميديا وفي هذه الحالة تتم الخيانة الالكترونية، وهذا يعني فشل التواصل المباشر بين الزوجين.

 

 

وتقول “ليلة” ايضا من اسباب الخرس الزوجى هو الحالة الاقتصادية والاوضاع المادية  واعباء وضغوط العمل والسعى الدائم لتحسين الاوضاع المعيشية الملقاه على عاتق الزوج تدفعه الى الصمت وعدم الرغبة فى الحوار او انه يكون اكثر عصبية فينتهى الحوار بشجار فيلجأ كلا الطرفين للصمت.

 

 

كما اجريت دراسة سنة 2010 عن اسباب الطلاق العاطفى واثبتت الدراسة ان الطلاق العاطفى يتناسب عكسيا مع الحالة الحالة الاقتصادية فكلما انخفض مستوى الحالة الاقتصادية ارتفعت نسبة الطلاق العاطفى.

 

 

كما أوضح خبراء العلاقات الزوجية والاسرية  ان من اسباب الخرس الزوجى عدم وجود اهتمامات مشتركة بين الزوجين بعد غياب  انبهار فترة الخطوبة واولى ايام الزواج، كما ان اختلاف البيئة التى نشأ بها كلا الزوجين واختلاف الثقافات والعادات والاعتقادات والمفاهيم الخاطئة بأن اللين مع الزوجة والاستماع اليها ضعف او استخدام لغة الصمت كعقاب وضغط لاحد الطرفين.

 

كما ان الانانية والبخل والشح العطفى يزيد من تعقيد الحياة الزوجية حيث يرى البغض ان الزوجة لا يحق لها المطالبة بالاهتمام والرعاية عندما تكون جميع المتطلبات المادية متوفرة.

 

 

كما ينظر بعض الرجالة للزوجة انها امراة للفراش وتربية الاولاد فقط فيكون رد فعل الزوجة في هذه الحالة هو الصمت لانها تصبح مقتنعة بان الكلام لا فائدة منه وبالتالى تنعدم لغة الحوار ويسود الانفصال العاطفى.

 

 

عواقب الخرس الزوجي

 

 

اظهرت الابحاث والدراسات ان تجاهل او اقصاء الشخص ينشط نفس المنطقة من الدماغ التى ينشطها الالم الجسدى وبالتالى فمن عواقبه شعور الطرف المتجاهل بانه لا قيمة له وانه غير مرغوب فيه وغير محبوب مما يؤدى الى الانغلاق والصمت كردة فعل على صمت شريكه.

 

 

كما أن استمرار تحمل الزوجين للضغوط الناتجة عن حالة الخرس الزوجى لفترات طويلة يؤدى الى ظهور اعراض نفسجسمانية والتى تؤدى للمرض بالضغط والسكر والقولون العصبى وزيادة الوزن والقلق والتوتر كما يؤثر الخرس الزوجى على الصحة النفسية للابناء ويؤدى الى خلل واضح فى شخصياتهم وينعكس ذلك على عدم اهتمامهم وتقديرهم لوالديهما فيما بعد.

 

 

 

كما يرجع الخبراء الخرس الزوجى إلى انه يؤدى الى الخيانة حيث يدفع كلا الزوجين للبحث عن شخص اخر يمنحه الاهتمام ويبادله مشاعر ايجابية ويتحدث معه عن احتياجاته العاطفية بدون خجل.

 

 

علاج الخرس الزوجى

 

 

اجمعوا الاخصائيين النفسيين وخبراء العلاقات الزوجية والاسرية على ضرورة وجود الدافع لدى الزوجين لخلق مناخ حياتى مناسب وفتح باب للحوار وادراك كلا الزوجين ان العصبية والشجار لن توصلهما الى نتيجة مرضية ,كما يجيب اختيار لغة حوار مناسبة وانتقاء كلمات مناسبة وعدم التهكم او السخرية او التقليل من حجم ما يقوله كلا الطرفين, كما ان المواجهة والصراحة مع الذات تفتح بابا للحوار الايجابى ,اى كلا الطرفين يسأل نفسه هل اهملت شريكى وهل كنت سبب فى اصبابته بخيبة امل؟.

 

 

كما أكدوا على أهمية محاولة تقبل كلا الزوجين لبعضهم وادراك كلا الطرفين، وخاصة انه لا يوجد انسان خالى من العيوب وعلى كلا الزوجين احتواء بعضهم وتعديل هذه العيوب ان امكن مع تجنب المشاكل وسوء التفاهم وعدم التوقف عند الامور التافهةوتبادل الاتهامات وعدم استدعاء المواقف السلبية وعدم التعامل بندية بين الزوجين يخلق حوار ايجابى هادف، ومحاولة استرجاع الذكريات الجميلة مثل تذكر ايام الخطوبة واولى ايام الزواج المليئة بالحب والاهتمام، وأهمية تبادل الرسائل النصية بين الزوجين يفيد فى حالة فشل المواجهة والتواصل المباشر بسبب خجل احد الطرفين وعدم قدرته عن التعبير عن مشاعره الا بالكتابة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق