ثقافة وقراءة

عمارة الشنشول تاريخ وحضارة ساطعه

 

 

بقلم: د. جمال المهندس

 

شكل من أشكال العمارة التقليدية التي إشتهرت بإسم «المشربية».

يمكن رؤيتها في شوارع وحارات مصر القديمة، وهي أحد أروع الطرز المعمارية للعمارة الإسلامية، ومثلت حلاً معماريًا مبتكرًا وناجحًا للتغلب على طبيعة المناخ الحار.

***

كان ظهورها في القرن الثالث عشر الميلادي وبالتحديدفي العصر العباسي لكن أوج إستخدامها كان في العصر العثماني وكانت تستخدم في البيوت و المستشفيات، وإستمر حتى وقت قريب.

سبب تسمية المشربية: سميت بهذا الإسم لمكان وضع القلل المصنوعة من الفخار التي تستخدم في الشرب، حيث كانت توضع خلف المشربية لتبريد المياه وذلك بفعل التبخر الناتج من تحرك الهواء عبر فتحات المشربية، وفي نفس الوقت تبريد الهواء الداخل إلى المكان.

تكمن روعة هذا العنصر المعماري في تكامل وظيفته مع قيمته الإجتماعية والجمالية، حيث أن المشربية تُدخل كمية كبيرة من الضوء غير المباشر، وفي نفس الوقت تمنع أشعة الشمس المباشرة المصحوبة بدرجات حرارة عالية من الدخول إلى المكان، وبالتالي فهي تعطي إنارة ذات كفاءة عالية دون زيادة في درجة الحرارة، كما تسمح بتدفق الهواء بنسبة عالية وزيادة نسبة رطوبة الهواء، فالخشب المستخدم في تصنيعها يمتص ويرشح كميات معقولة من الماء. والأهم من كل ذلك انها تعطي خصوصية لأهل البيت أو المكان، وفي نفس الوقت يسمح لمن في الداخل بالنظر للخارج، بالإضافة لما سبق فإن المشربية تقدم قيمة جمالية إلى الشارع الذي تطل عليه الن

إستطاع النجار المصري تطوير شكلها وتقديمها إلى العالم في شكل واجهات خشبية رائعة الجمال، فادخل في صناعتها الأرابيسك ليكون العامل الأساسي لتشكيل المشربية بدقة خرطه للخشب على شكل مكعبات وكرات ومستطيلات، وتعشيقها بطريقة العاشق والمعشوق، وظهرت مهارته في الزخارف المستلهمة من البيئة من حوله، فظهرت زخارف للطيور والحيوانات والنباتات والأشكال الهندسية، ثم أدخل عليها الكتابات الإسلامية، ومع تطور الحرفة وزيادة الطلب عليها، اُضيف الزجاج الملون، وزوايا النحاس؛ لإضافة الفخامة والتميز لها، والعامل المشترك بين جميع المشربيات وجود مكان خاص للقلل الفخارية، موجهة تجاه الهواء لتبريد ماء الشرب.

 

بعض المصادر التاريخية أثبتت أن المشربية لها جذور تمتد إلي عهد توت عنخ آمون عندما وجدوا داخل مقبرته ومقبرة جده أشكال من الأثاث التي تشبه فن الأرابيسك.

من الأماكن التي مازالت تعكس فن الأرابيسك والمشربيات بصورة واضحة بيت «السناري، وقصر بشتاك الموجود بشارع المعز، وقصر السلطان قايتباي، ومنزل زينب خاتون، ومنزل السلطان الغوري، وبيت الكريتلية بجوار الجامع الطولوني، ومنزل جمال الدين الذهبي الذي لا يزال محتفظا بتفاصيله كاملة، ومنزل رضوان بيك الذي يقع جنوب باب زويلة، ومنزل المفتي(الشيخ المهدي) بشارع الخليج المصري، وقصر المسافر خانة بالجمالية، ومنزل إبراهيم الأنصاري بالقرب من المدرسة السنية».

أما منزل إبراهيم كتخدا السناري الذي يقع «بحارة منج بالسيدة زينب»والذي سأتحدث عنه لاحقاً إن شاء الله، ففيه مشربية تطل على قاعة هذه المشربية منشأه في قاعة أخري، يشعر الجالس في إحدى القاعتين وكأنها تطل من الداخل على الأخرى في الخارج، رغم كون كلاهما يقعان داخل بيت واحد.

في حارة الدرب الأصفر يقع بيت السحيمي «عبدالوهاب الطبلاوي»، ومن أنجح التصميمات على الفلسفة الوظيفية والجمالية في العصر الحديث ما قام به المهندس جان نوفيل أحد أبرز المعماريين الذين استخدموا المشربية في العمارة الحديثة والذي صمم معهد العالم العربي في باريس، فكان انطلاقة فيما بعد نحو تصميم مبنيين استخدم فيهما طرز المشربية، حيث قام بتصميم كلاً من برج الدوحة بدولة قطر ومتحف اللوفر بأبوظبي.

وللحديث بقية إن شاء الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق