المميزةتحقيقات وتقارير
صراع المصالح يضرب السودان…البرهان وحميدتي حرب البقاء
السودان : أكبر أزمة نزوح في العالم

تقرير /يحيي محمد حسين
ماذا يحدث في السودان الشقيق؟
شهد السودان منذ 15 أبريل 2023 بصراع مُسلّح بين ميليشيا الدعم السريع والقوّات المسلّحة، ما أدّى إلى وقوع آلاف القتلى والجرحى، ، أسفرت الحرب في السودان عن سقوط أكثر من 12 ألف قتيل حتى مطلع كانون الأول/ديسمبر وفقا لحصيلة بالغة التحفظ لمنظمة أكلد المتخصصة في إحصاء ضحايا النزاعات. كما أدت إلى نزوح 7,1 مليون شخص داخل البلاد فيما لجأ أكثر من 1,5 مليون إلى الدول المجاورة، وفق ما أعلن ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الخميس، واصفا ما يجري بـ”أكبر أزمة نزوح في العالم”. وتوقفت الحياة في السودان حيث توقفت المدارس في الجامعات والمنشاات الحكومية وتوقف الرواتبً
وتوقفت الحياة .
أصوال الصراع
قبل اندلاع القتال في 15 أبريل 2023 تصاعد التوتر بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اللتين شاركتا في الإطاحة بحكومة مدنية في أحداث أكتوبر ..
انفجر الخلاف بسبب خطة مدعومة دوليا لبدء عملية الانتقال لمرحلة سياسية جديدة مع الأطراف المدنية. وكان من المقرر توقيع اتفاق نهائي في وقت سابق من أبريل، في الذكرى الرابعة للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة بموجب الخطة، كان يتعين على كل من الجيش وقوات الدعم السريع التخلي عن السلطة واتضح أن هناك مسألتين مثيرتين للخلاف بشكل خاص. الأولى هي الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة النظامية، والثانية هي توقيت وضع الجيش رسميا تحت إشراف مدني.
أشتعال القتال
بدأ القتال في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية التي يقودها عبد الفتاح البرهان وبين قوات الدعم السريع تحتَ قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). تركّزت الاشتباكات في يومها الأول في العاصمة الخرطوم (ولاية الخرطوم) وخصوصًا في محيطِ القصر الرئاسي وفي مطار الخرطوم الدولي لكنها امتدَّت في الأيام اللاحقة لمدن وبلدات أخرى تقعُ في ولايات ثانية وتحديدًا الولاية الشمالية وولايات دارفور (الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب). تسبَّبت هذه الاشتباكات في تفاقم الوضع الإنساني في السودان وفي موجات نزوح كبيرة كما نجمَ عنها حتى الـ 22 من نيسان/أبريل مقتل حوالي 250 مدنيًا وإصابة أكثر من ألف آخرين بحسبِ إحصائيات نقابة أطباء السودان، فيما أشارت منظمة الصحة العالمية لأرقام أكبر وتكادُ تصل الضعف بحيثُ شملت عدد القتلى في صفوف المدنيين وفي صفوفِ الطرَفين المتحاربين مع توقّعات بأنّ الأرقام أكبر بكثير في ظلّ استمرار المعارك وصعوبة الحصول على أرقام دقيقة من على الأرض.
بدأَ هذا النزاع بهجماتٍ خاطفة شنتها قوات الدعم السريع على مواقع حكومية رئيسية في العاصمة وذلك بعد أيامٍ من الاستعداد وحشدِ القوات، فيما ردَّت القوات المسلحة السودانية عبر جيشها على الأرض واستعملت سويعات من بداية الاشتباكات الطيران الحربي فضلًا عن قوات المدفعيّة لصدّ هجمات الدعم السريع وشنّ هجمات مماثلة وأخرى هجوميّة في مناطق مختلفة من ولاية الخرطوم ومن ولايات أخرى. تميّزت هذه الاشتباكات في أسبوعها الأول بتبادل الاتهامات بين الطرفين المتناحرين وبتضارب الأنباء حيثُ أعلن الطرفين سيطرتهما على العديد من المواقع الحكومية الرئيسية بما في ذلك القصر الرئاسي ومطار الخرطوم الدولي وتلفزيون السودان ومواقع أخرى، لكنّ الوضع على الأرض ظلَّ متأرجحًا وفي شدّ وجرٍ بين الطرفين دون تغيير حقيقي أو مؤثر في أماكن السيطرة
التداعيات الاقتصادية
فاقم الصراع القائم بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم في السريع، من الأزمة الاقتصادية التي تشهدها السودان في ظل ارتفاع المؤشرات السلبية المرتبطة بارتفاع التضخم، وتراجع العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، ووقف خطة الدعم الدولي من جانب المؤسسات الاقتصادية الدولية والدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة، فبحسب مركز الإمارات للسياسات؛ دمر الصراع المسلح بين الطرفين آمال السودانيين في خفض التضخم المتزايد وإنعاش الاقتصاد وتحقيق معدل نمو إيجابي لم يتحقق منذ مدة طويلة، حيث من المتوقع أن يَنتُج عن الصراع الحالي فقدان للاستثمارات الخارجية، مع تزايد التأثير السلبي للمواجهات المسلحة على مختلف محاور الاقتصاد السوداني.
ويواجه الاقتصاد السوداني في ظل الصراع الحالي مستقبلاً مجهولاً، لاسيما أنه كان يعاني من ضغوط وأزمات مختلفة خلال العقود الماضية، أبرزها العجز المستمر في الميزان التجاري منذ انفصال الجنوب عام 2011 بموارده البترولية، إضافة إلى النقص الحاد في العملات الأجنبية، إلى جانب بلوغ معدلات التضخم 63% في فبراير الماضي من عام 2023، كما زادت قيمة الدين الخارجي إلى 62.2 مليار دولار عام 2021، والدين الداخلي إلى 12.5 مليار دولار في نفس العام حتى بلغت نسبة الدين الحكومي 128% العام الماضي، وارتفعت معدلات البطالة إلى 19.8% والفقر إلى 46.5%، وارتفعت معدلات الجوع مع استمرار الصراعات القبلية وكثرة عدد اللاجئين من دول الجوار.
ومع انطلاق شرارة الصراع الأولى بين قوات الجيش السوادني وقوات الدعم السريع، بدأت نُذر الأزمات الاقتصادية والإنسانية والصحية تتشابك مع الأزمة السياسية، إذ عكست هشاشة البنية التحتية والانهيار السريع لمفاصل الدولة، مما زاد من الحاجة الماسة إلى المساعدات الإنسانية والغذائية، وتحديدًا الماء والمأوى المناسب، في ظل تعرض منظمات الإغاثة الدولية وغيرها من الجهات إلى النهب.
من المتوقع أن تمتد تداعيات الحرب السودانية الجارية وآثارها إلى دول الجوار السبع: مصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وإثيوبيا وإريتريا، والتي لكل منها أزمة داخلية مختلفة وتعاني عدم استقرار سياسي أو اقتصادي أو تتشابك في قضايا إقليمية مثل سد النهضة، إضافة إلى الأثر الذي يمكن أن يطاول أمن البحر الأحمر وانعكاساته على التجارة الدولية عبر ممراته.
الإمارات ودعم الدعم السريع
كان التدخل الاماراتي في دعم حميدتي أمر ساعد أشتعال القتال ، صرح الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، اتهم فيها الإمارات بأنها “دولة مافيا” سلكت “طريق الشر” بدعمها قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق دقلو.
وفي خطاب حماسي أمام جنوده في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتهم الفريق ياسر الإمارات -أيضا- بأنها ترسل منذ اندلاع الحرب أسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر أوغندا وأفريقيا الوسطى “بمساعدة فاغنر”، مجموعة المرتزقة الروس التي كانت في وقت من الأوقات تنتشر بقوة في بانغي.
وأضاف “بعدما ضعفت فاغنر، صارت طائراتهم تمر من تشاد. ومنذ أسبوع تهبط تلك الطائرات في مطار نجامينا”، مشيرا بأصابع الاتهام -كذلك- إلى المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا..
في أغسطس ، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مسؤولين أوغنديين قولهم، إنهم عثروا على أسلحة في طائرة شحن كان يُفترض أن تنقل مساعدات إنسانية إماراتية إلى لاجئين سودانيين في تشاد.
ويري المراقيبن ان سر علاقة بين الامارت وحميدتي ترجع أن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كان يدعم الفريق دقلو؛ لأنه “أرسل له جنودا من قواته للمشاركة في الحرب الإماراتية السعودية في اليمن”.
ويتابع “كما أن دقلو يستفيد من تجارة الذهب التي تفيد كذلك الإمارات”. وأتاحت هذه التجارة، حسب واشنطن، تمويل جزء من عمليات فاغنر.
وتتطور الامر نفت الإمارات بحزم المعلومات التي نشرتها وول ستريت جورنال. غير أن متظاهرين سودانيين عادوا وهاجموا الإمارات في نوفمبر الفائت.
في أعقاب ذلك، طردت الإمارات دبلوماسيين سودانيين، حسب وزير الخارجية السوداني علي صدّيق الموالي للجيش.
وقال علي صدّيق في تصريحات للتلفزيون الرسمي السوداني، “لم نطلب توضيحات من الإمارات على الرغم من توافر معلومات لدينا حول تورطهم في الحرب”. وتابع “لكنهم بادروا بطرد دبلوماسيينا فاضطررنا للرد.”.