من القلب للقلب

بطل أنا….من ذوي الهمم

 

تقدمه: د.أماني موسى

 

فرحة انتظار مولود جديد لا يضاهيها فرحة ورسم الخيالات عن الطفل وتربيته وحياته من أمتع الخيالات لدى الكثير من الناس، لكن ماذا لو جاء الطفل باحتياج أو إعاقة ما مهما بلغ حجمها؟ قد يصاب الأهل أحيانًا بخيبة أمل وصدمة، ينشغلون بالعلة ويتجاهلون احتياجه الفطري إلى الشعور بالأمان وتوقعاته الإيجابية من المحيطين به، خاصة توقعات القبول والحب غير المشروط، حيث تكون طبيعته أقل استقرارا وأكثر غضبا، وأي شيء يخالف توقعاته بالأمان والاحتواء والتفهم من المحيطين قد يسبِب له الخذلان والاكتئاب حتى وإن لم يظهر لنا ما يشعر به من انهزام نفسي ورفض، فذلك يرجع فقط إلى النظرة غير الواعية إلينا لا بحقيقة ما يشعر.
ارض الواقع ملىء بالحكايات والروايات ،
ويهدف صوت الوطن إلى مد جسور التواصل بينه وبين المجتمع ، وتعزيز العمق الثقافي …

ومن أرض الواقع تحكى ولية أمر:

ذهبت لمدرسة ابنتى بعد انتهاء اليوم الدراسى وأثناء تواجدى فى فناء المدرسة شاهدت الاطفال فى المرحلة الابتدائية يتدافعون ، بعضهم فى حالة من الفزع وآخرين يسخرون من زميل لهم ويتنمروا عليه
واربعة أصدقاء أخرون واقفون يتجاذبون أطراف الحديث وفجأة يقطع كلامهم صوت ضحكات تتعالى قادمة إليهم من بعيد ، إنه صديقهم الخامس ، المهمل فى ملبسه و حاملا حقيبته وهو يضحك بشكل هستيري .
فيسأله أحدهم وهو غير مهتم : ماذا حدث ؟ هيا أضحكنا معك.
فيرد عليه المهمل فى مظهره وهو سعيد وتتعالى ضحكاته : رأيت الولد (المعاق )، المجنون هناك وصنعت به مقلب .
فيرد عليه زميل متعاطف ،حنون بصوت هادىء : يا أخي حرام عليك أنه طيب جدا وبسيط ، هل أنت لا تخاف من الله ،ستدخل النار ؟
فيرد صديق شعرت أنه منطوى قليلا ويخاف : وهل لا تخاف أن يهجم عليك أو يضربك بشيء ؟ هؤلاء دوما عصبيين ومؤذيين .
فيرد عليهم (المهمل) :أنا لا اخاف ، أنا أعطيته ورقة و قلت له هذه نقود لك اشتري بها ماتشاء من الحلوى ، وراح يشترى بالنقود بكل سذاجة .
فيرد الآخر : من الواضح إنك معتاد أن تفعل معه هذه المقالب ؟!!!!
فيوجه الزميل الحنون كلامه له : يا أخي حرام عليك أن تسخر منه ، هذا ليس له ذنب في إعاقته وقد أكون أنا أو انت مكانه .
فيتدخل الآخر ويقول : نعم والله صدقت هم مساكين ،لكن لا يتفاهمون ، يضربون ويصرخون.
وأنا بصراحة أخاف ولا أقرب منهم .
فيقول أحدهم : ياسيدي اضحك ، هو لايستوعب أننا نضحك عليه؟ انه مجنون .
في هذه الأثناء هناك طالب بالمرحلة الاعدادية يقف متكأ على الجدار بجوارهم وسمع ما يدور بينهم ، فيتدخل بكل هدوء و أدب ويقول :السلام عليكم ، فيردون : وعليكم السلام .
فيقول لهم : سمعتكم ياشباب تتكلمون عن المعاقين ، منكم من يسخر منهم ومنكم من يخاف منهم وآخر يراهم مساكين .
فيقاطعه زميل بدون أدب : طيب . خير ؟!!! ماذا تريد ؟!!!
ليرد عليه : هذا الذي تسخر منه يعتبر من ذوي الإعاقة البسيطة وقابل للتعلم ، يعني لا تتوقع إنه غير مدرك وفاهم ، ولا يتخاف منه مثل زميلك .
ويرد احدهم: والله إنهم يحزنون ولا يدركون شيئا ، لماذا يأتوا إلى المدرسة ؟
فيقول له : بالعكس وجودهم في المدرسة يبعدهم عن العزلة ويجعلهم يتقبلون الناس والناس يتقبلونهم ،
ويكفي إن أهله يفرحون به بعد عودته من المدرسة وهو يحمل حقيبته ويكتب واجباته مثل باقي الطلاب .
يرد أحدهم بإستهزاء : أرى أن يظل المعاقون فى بيوتهم افضل لهم و لنا ، لأنهم يسببون لنا الأذى في المدرسة ولا نرغب بوجودهم، فهم معاقين .
فيرد عليه صاحبه : يا أخي والله إنهم ما يخوفون ولا يؤذون ، لكن أنت تعاملهم معاملة سيئة
حاول انت تتعامل معهم بالطيبة والمحبة وعامل أي واحد منهم على أنه أخوك الصغير وسترى كيف يتقبلك ويحبك ويلعب معك .فهم طيبون جدا مثل الملائكة.
فيسأله : هل تعرف أن تتعامل معاهم ؟
فيجيبه : أنا أتعامل معاهم بالصبر والحب وليس بالشفقة ، وإني أتفهم حالته وأشاركه في أموره الحياتية الطبيعية ، ولا اجعله يشعر بأنه ليس له داعي في الحياة .
واضحك معه ولا اضحك عليه ،
فهم فيهم مرح ومحبة للآخرين ويحبون الضحك والمزاح الغير جارح والمناسب لحالتهم .
يا إخوان هيا نتعاهد كلنا مع بعضنا أمام الله أننا نعاملهم معاملة حسنة وبشكل طبيعي
وبدون خوف ولا استهزاء ولا شفقة ، فهم جزء من مجتمعنا لا يمكننا التخلي عنه أو إهماله .
ونظرت لهذا الطفل وهو من ذوى الهمم فوجدته حزين من تنمر أصحابه عليه ورفضهم لوجوده معهم وسلمت عليه وجعلته يشعر بالأمان والاطمئنان واخدته وذهبنا لمكتب مديرة المدرسة
وبدأت اقص عليها كل ماحدث من أصحابه واوصف لها مدى حزنه وخذلانه وكيف سيؤثر هذا على حالته النفسية .
قالت مديرة المدرسة إنها ستتابع الأمر، مستنكرة تنمر أحد الطلاب على أخر ، أو استخدام مثل هذه الأساليب داخل حرم المدرسة، خاصة أن التربية تأتي قبل التعليم.

وأضافت ، أنه سيتم متابعة الأمر والوقوف على تفاصيل الواقعة بالتحقيق مع الطلاب بعد عمل استدعاء لأولياء أمورهم ، مؤكدة أنه لا يحق لأي طالب التعدي على طالب جسديا أو نفسيا أو يقوم بالتنمر عليه داخل المدرسة .
ورفعت سماعة الهاتف وتحدثت مع أحد الأشخاص
وبعد مدة لاتتجاوز عشر دقائق جاء المسؤلون عن الاشراف فى المدرسة
بدأنا الحديث وقدمت لهم اقتراحا، هو تخصيص ولو دقائق قليلة فى طابور الصباح لتثقيف الطلاب عن التعامل مع زملائهم من ذوى الاحتياجات الخاصة لان هذه مسؤلية القائمين على العملية التعليمية بالمدرسة .
فصدمت من رد إحدى المشرفات : سنطلب من والدته أن تحضره فقط ايام الامتحانات حتى لا يتعرض للتنمر .
تعجبت وزادت حدة صوتى فى الحديث :
هل هذا عجز عن القيام بالمسؤولية وتأدية عملكم
أم حرمان لهذا الطفل من حقه فى الحضور والتعلم كباقى اصحابه؟
وطالبت بضرورة تثقيف الطلاب وتشديد عملية الإشراف والمتابعة وضرورة اعلام اولياء امور هؤلاء الطلاب المدللين لأن
العملية التربوية ما هي إلا نسيج مشترك بين المدرسة والبيت لا تتم من جانب واحد … والا سأقدم شكوى للمسؤولين بالواقعة واخبار والدة الطفل بما حدث
لأنه أمانة ومسؤول من إدارة المدرسة .
فأكدو أنه سيتم اتخاذ اللازم تجاه هذه الواقعة .
وقدموا لى الشكر والامتنان.
ارسلت لكم هذه القصة لانى اريد :
توجيه رسالة لكل مسؤول ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
وتوجيه رسالة لكل أم (إن من حق الطفل من ذوي الإعاقة تلبية احتياجاته حتى ينمو نموا سليما وفق لإمكانياته وقدراته وتأهيله لأداء دور فعال في المجتمع من خلال دمجه، تدريبه، وتنمية مهاراته،وتفقد أحواله ومعاملة أصحابه له فى المدرسة ).
واناشد أولياء الأمور (أهملنا بيوتنا وأبناءنا، وتركناهم يواجهون الحياة بمفردهم، من دون متابعة او توجيه، حتى أصبحنا لا نستطيع اجبارهم على اتباع عقيدتنا وقيمنا وأعرافنا. الخطأ هنا ليس على الاطفال، بل يتحمله بالدرجة الاولى الاباء والامهات. أناشد الاباء والامهات ان يتقوا الله فى اولادهم).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق