أسرار وحكايات

المشاهد الأخيرة من حياة أحمد عرابي

واحد مات أسمه عرابي
عاش في بيت صغير في حي المنيرة في نهاية حياته
ولم يكن يستطع أولاده توفير الطعام للأسرة إلا بعد عناءٍ
فكان الجميع يتخوف أن يعمل أحد أفراد عائلة عرابي معه تجنبا لسخط السلطات ،
بل الأدهي من ذلك صدق أو لا تصدق
أن الزعيم أحمد عرابي لم يكن يجد مالاً لشراء الدواء في مرضه
بعد أن أصبح مسنا لا يقوي علي العمل ! أهذا الذي انتظره !
ولعل الذي عمق جراح عرابي
أن لا أحد يعرفه في الحي الذي يعيش فيه
فيأتي الرجل الذي يأخذ منه عرابي الماء والطعام
وينهر عائلته بالألفاظ السيئة لعدم قدرتهم علي سداد ثمن الطعام والماء !
حتي جاءت ليلة 28 رمضان 1911 قبل العيد بيوم
والمصريون يحملون صواني الكعك إلي الأفران
جاء رجلٌ يبيع اللبن إلي بيت عرابي
ولم يكن في البيت أحدٌ سواه
فاخذ عصاه وبات يترنح حتي وصل إلي الباب
ففتحه وأخذ اللبن من البائع
لكن يده المرتعشه لم تقو علي حمله فوقع منه علي ثيابه وعلي لحيته
فترورقت عين أحمد عرابي بالدموع
لعلها دموع القهر والحسرة التي عاشها بين أبناء وطنه
وفي نفس الليلة مات عرابي كمداً ومرضا
والغريب في الأمر أن عائله عرابي
لم تكن تملك المال لتكفينه ودفنه
فلم يجد أبنائه إلا إلي بيع بعض مقتنيات البيت من الأثاث ليوفروا المال لذلك
وكانت جنازة عرابي صغيرة
بها أعداد قليلة من اسرته وبعض الجيران حتي يسال البعض
” جنازة مين دي ” فيرد اخر
” بيقولوا واحد اسمه احمد عرابي مات ”
ولم يكن يدرون أنه الزعيم الوطني أحمد عرابي
فلم تكن صورته مألوفه لعدم وجود تلفاز
ولغيابه عن السياسة لأكثر من ثلاثين عاما
وحينما أُعلن الخبر في البلاد كانت ردود البعض
” هو لسه عايش دا انا كنت مفكره مات
كان عايش يعمل ايه ”
وبعض الصحف أعلنت ” وفاة الضابط الخائن عرابي “
عذرا عرابي
لم يكن ذلك الوطن المناسب لك
لقد دافعت عمن لا شرف له
وأفنيت عمراً في خدمة الخونة
فلم يترحم عليك حينها سوي بعض الرفاق والفقراء والبسطاء من الوطن
اللهم ارحمه وأسكنه فسيح جناتك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق