أقلام حرّة

الإسلام والوحدة الإنسانية

 

د. معراج أحمد العدوى

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة عالية، كولكاتا – الهند

شهد العالم عبر العصور والتاريخ، نظريات مختلفة وطرقا متنوعة لتحقيق السلام العالمي بعد ويلات الحربين العالميتين الأولى والثانية، بينها نظرية السلام الديمقراطية، ونظرية السلام من خلال القوة، ونظرية حرية المقايضة وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وما إلى ذلك. يتميز الإسلام عن غيره من النظريات، فالإسلام لا يعتبر السلام بالمعنى المحدود البسيط الذي ترنو إليه هذه النظريات المختلفة، وهو تجنب العنف والقتال. أما مبادئ الإسلام وأسسه لتحقيق السلام العالمي تقوم على العدل والمساواة والحرية والوحدة الإنسانية، وضمانات الحياة القانونية والمعيشية، ومنع البغي وإزالة الظلم والعدوان، وتحقيق التوازن الاجتماعي والتكافل والتعاون، وإزالة أسباب الخصام والنزاع بين الأفراد وبين الجماعات، ومنع التمييز حسب اختلافهم في الأجناس والطبقات والألوان والأماكن. الإسلام يتصور الحياة بوحدة إنسانية غايتها التعارف والتعاون بين الجميع، ولا يتصورها صراع بين الطبقات، ولا حربا بين الشعوب، ولا عداوة بين الطبقات، ثم يخطو الإسلام خطوات كبيرة لتحقيق هذا الهدف النبيل بتقربه لحقوق الإنسان وبتمسكه بالآداب النفسية والقيم الاجتماعية وتوجيهاته لبناء مجتمع ينمو فيه الحب والتعاطف والتعاون وتشريعاته لضمان الأمن والسلام في الحياة البشرية. الوحدة هي التي تربط بين المجتمع البشري رغم كل اختلاف وتنوع بسبب دينه وشكله ولونه، وتكونت فكرة الوحدة والسلام في الإسلام وترسخت به لتصبح فكرة أصيلة وعميقة، تشمل جميع جوانبه سواء في الكون والإنسان والوجود والطبيعة بحيث تجتمع عقيدته وتشريعاته وتوجيهاته ومبادئه ونظمه إلى السلام والأمن. يدعو الإسلام إلى الوحدة الكبرى في هذا العالم المختلف أنواعه وأشكاله وأساليبه، وتبدأ خطوات الإسلام لترسيخ السلام من سلام الفرد إلى سلام الأسرة، وإلى سلام المجتمع وإلى سلام العالم في نهاية المطاف، وتتضمن تعاليم الإسلام أنظمة وأساليب متميزة لتوطيد علاقة الفرد بالفرد، وعلاقات الأفراد بالجماعة، وعلاقة الأفراد بالحكومة وعلاقات الدول بالدول الأخرى. يحاول الإسلام بناء المجتمع في ضمائر الأفراد وأعماقهم، ولتحقيق هذه الغاية يأخذ المسلمين بالآداب النفسية والآداب الاجتماعية على نشر إشاعة المودة والمحبة في النفوس والقلوب، ويدعو الإسلام إلى إشاعة الكلمة الطيبة بين الناس كما يدعو إلى افشاء السلام في كل مكان ولكل إنسان، ويمنع الإسلام الأعمال التي تثير الأحقاد وتورث الضغائن في النفوس. الإسلام دين الطبيعة، وقد كبح العنف باعتباره غير مقبول منذ البداية، فالإسلام داعم للسلام والوحدة الإنسانية، وقد أدى الإسلام دورا عظيما في تطوير الإنسانية، ونتيجة لذلك ولج التاريخ الإنساني عصرا جديدا من التقدم والتطور، وقد آن الأوان اليوم لكي يؤدي الإسلام دورا بناء عظيما، فيقود التاريخ الإنساني مرة أخرى إلى عصر جديد من التقدم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق