أقلام حرّة

حتي يعيش الإنسان 100 عام

 

 

بقلم/دكتور رضا محمد طه

 

لاشك أن متوسط العمر المتوقع للإنسان قد زاد بأكثر من الضعف منذ عام بداية القرن العشرين نظراً للتقدم في مجال الطب وإكتشاف المضادات الحيوية إضافة ما حدث من تحسن في الظروف المعيشية من شتي النواحي. وقد ارتفع متوسط العمر المتوقع في العالم من 31 عامًا في عام 1900 إلى 73.2 عامًا في عام 2023 ، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 77.1 عامًا في عام 2050. هذا ويتزايد عدد الأشخاص الذين يبلغون سن 100 أو أكثر. المعروفين باسم المعمرين، ويُقدر الباحثون أن هناك حوالي 450.000 من المعمرين على مستوى العالم في عام 2015 ، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 3.7 مليون في عام 2050. مع زيادة متوسط العمر المتوقع للإنسان ، زاد كذلك عدد الأشخاص الذين يبلغون 100 عام أو أكثر.

وكانت الأبحاث قد كشفت أنه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين على مستوى العالم ، فإن عدد الأشخاص الذين يعيشون حتى 100 عام أو أكثر سيتضاعف خمس مرات بين عامي 2005 و 2030. إلا أن هناك شيء واحد لا يزال غير معروف وهو ما الظروف التي تسمح لبعض الناس بالعيش في المائة من عمرهم، بينما لا تسمح لآخرون بذلك؟. للإجابة عن هذا السؤال أجريت دراسة جديدة بقيادة باحثين من مركز تافتس الطبي وكلية الطب بجامعة بوسطن، تحاول فيها الإجابة على هذا السؤال، من خلال اكتشافهم أن المعمرين يمتلكون تركيبة فريدة من الخلايا المناعية ونشاطًا، مما يمنحهم جهازًا مناعيًا عالي الأداء ويسمح لهم بالعيش لفترة أطول، وأن هذه النتائج يمكن استخدامها لتطوير علاجات صحية للشيخوخة. نُشرت الدراسة مؤخرًا في مجلة Lancet eBioMedicine.

حيث أنه مع التقدم في العمر، تعاني جميع أجزاء الجسم من تغيرات ، بما في ذلك نظام المناعة. وهناك مفهومان رئيسيان عندما يتعلق الأمر بكيفية تغير جهاز المناعة مع تقدمنا في السن: أحدهما هو التورم المناعي وهو عملية الخلل المناعي المرتبطة بالعمر. لذا فإن التغييرات في تكوين نظام المناعة لدينا ووظيفته بمرور الوقت يمكن أن تؤدي إلى ضعف وظيفة المناعة لدى كبار السن. وهذا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتعرض الناس للعدوى وأمراض المناعة الذاتية وحتى أنواع مختلفة من السرطان. لذلك ، هناك الكثير الذي يجب النظر إليه فيما يتعلق بوظيفة المناعة بمرور الوقت وكيف تتغير أنظمتنا المناعية مع تقدم العمر قد تجعلنا أكثر عرضة للخطر أو تحمينا

أكد الباحثون أن الملاحظات التي تم إجراؤها في الدراسات السابقة للشيخوخة والتي حددت التغيرات التركيبية والنسخية الفريدة الخاصة بنوع الخلية التي توجد فقط في المعمرين والتي تعكس الاستجابة المناعية الطبيعية. كما وجدوا أيضًا أن المعمرين لديهم بصمة وراثية خاصة من النوع الخلوي فيما يخص طول العمر الاستثنائي في كل من الجينات ذات التغيرات المرتبطة بالعمر وكذا الجينات المعبر عنها بشكل فريد في المعمرين.

تمثل النتائج التي توصل إليها الباحثون أساساً لاستكشاف الدوافع المحتملة للشيخوخة المتطرفة بما يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف علاجات صحية للشيخوخة، حيث إن فهم التغيرات المناعية التي تأتي مع الشيخوخة أمر مهم لمساعدة الناس على العيش لفترة أطول، حيث يريد الكثير من الناس العيش لفترة أطول إذا كان بإمكانهم أيضًا التمتع بصحة جيدة. لذلك إذا تمكن العلماء من تحديد ما الذي يخلق هذه المرونة المناعية لأولئك الذين تزيد أعمارهم عن 100 عامًا، فقد يؤدي إلى إكتشاف علاجات يمكن أن تساعد الناس على العيش لفترة أطول، أو ما إذا كانت هناك بعض السلوكيات الصحية التي تؤدي إلى هذه المرونة، فإن ذلك يساعد أيضًا.

البركة والنجاح في في الحياة ليست في كم السنوات التي يعيشها لكنها في كيف يعيشها، هذه الكيفية تكون في غاية نجاحها عندما يكون الإسان مطيعاً لربه وعطاءه لأهله ومجتمعه خلال سنوات عمره، والذي قد يستمر بعد موته، من خلال ما يتركه من أعمال خير أو أبناء صالحين، في المقابل يوجد أناس لا يفعلون الخير ويعيشون كالموتي أولئك الذين يتمركزن حول أنفسهم ومصالحهم ولو علي حساب غيرهم. جاء في سورة المنافقون قوله تعالي “وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ. وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق