منوعات

مشكلة “السكرتير الفني”

 

كتب: محمد الفؤاد

 

قدم بديع خيري ونجيب الريحاني ثلاثة وثلاثين مسرحية ، كلها ناجحة ، بالحقيقة، ذلك أن بديع خيري كان كاتباً عصرياً ، وموضوع مسرحياته عصري ، يصلح لكل زمان.

ومن هذه المسرحيات نذكر ، على الخصوص ، مسرحية ( الجنيه المصري ) وهي نفسها مسرحية ( السكرتير الفني ).

لقد نجحت المسرحية في البَداءة ، ولكن هذا النجاح أخذ يتراجع يوماً فيوماً ، وأخذ الإيراد يقل تبعاً لذلك ، إلى أن وصل إلى ستة جنيهات في الليلة ، في أيام العرض الأخيرة ، على الرغم من أن إيجار المرسح ، الذي كان تُعرض عليه المسرحية ، اثنان وعشرون جنيهاً في الليلة.

إن بديع خيري والريحاني أرادا أن يقدما ـ بمسرحية ( السكرتير الفني ) ـ مسرحيةً ، أصيلةً ، مضحكةً ، خالية من الشعر والموسيقى والغناء ، وهذا مما لم يكن متبعا في تقاليد المرسح .

إنه لم يكن تلفاز ولا مذياع في تلك الأثناء ، وكان المرسح هو المَعلَمَةُ الشعبية الأولى ، وكان الجمهور يذهب إلى المرسح ، لا ليضحك فحسب ، ولكن ليستمتع بالشعر ويُسر بالغناء ، مع ذلك . ولما تخلي بديع خيري والريحاني عن هذا التقليد هَوَت مسرحيتُهما.

ويقرر الرجلان تقديم مسرحية أخرى في أسرع وقت ممكن للخروج من هذا المأزق.

وبعد أيام سبعة يقدم الرجلان مسرحية ( المحفظة يا مدام ) ، لقد وُضعَت المسرحية في عُجالة، وهي حسبما يقول مؤلفها ، بديع خيري ، لا تساوي شيئاً من الناحية الفنية بالقياس إلى (السكرتير الفني)، وعلى الرغم من ذلك تنجح المسرحية نجاحاً كبيراً ، وتذهب الجماهير لتهنئة الرجلين ، سائلين: أين كنتما تخبئان هذا الجمال ؟! فأخذ الريحاني في البكاء .

وبعد عشر سنين ، يقرر الريحاني إعادة تقديم هذه المسرحية ، تارةً أخرى ، محاولاً إقناع صاحبه بذلك ، ويرضخ بديع لرأي الفنان الكبير ، على شرط ان يُعاد تقديم المسرحية باسم جديد ، فيختار لها اسم ( الدنيا ماشية كده ) .. إنه ثأر بين الريحاني وبين الجماهير.

وتُقدم المسرحية ، وتنجح هذه المرة ، وهي المقتبسة من “المرسح العالمي” ، فقد مُصرت وعُولجت بما يلائم احتياجات ومشاعر المجتمع المصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق