أقلام حرّة

جعفر وجابر وتحقيق أساطير المشاهد الذاتية؟

 

 

بقلم /دكتور رضا محمد طه

 

 

تتجذر في وعي الإنسان قيم تتمحور حول نزوعه تحقيق أساطيره الذاتية والتي تتمثل في واقعه نحو خلق أو تصور أشخاص أبطال تفوق شجاعتهم وبطولاتهم حد الخيال ومنطق الأشياء. ويسعي الإنسان إلي تمجيد هؤلاء الأبطال علي مر الزمان لحد العبادة، بما يجسد معني أومفهوم نزعة التعالي في الإنسان مقارنة بباقي المخلوقات، بما يشعره بالنشوة النفسية تحت تأثير تلك المشاعر الحماسية، والأكثر مدعاة للدهشة أن ذلك يمارسه الشخص تحقيقاً لأساطيره وأمانيه وهوجالس في راحة ورحرحة وسكون يجلس أمام الشاشات لمتابعة المسلسلات!!!.

تتجسد رؤية علم النفس السابقة في حرص الكثير من المشاهدين متابعي مسلسلات رمضان هذا الشهر الكريم علي متابعة جعفر بطل حلقات مسلسل “جعفر العمدة” والذي يقوم بأداءه الممثل محمد رمضان وجابر بطل مسلسل “ضرب نار” يقوم بأداءه الممثل احمد العوضي. حيث يشعر الكثير بالنشوة في متابعة حلقات المسلسلات مهما أهدر من وقتهم –في الإعلانات التي تذاع خلال الحلقة-وذلك لشغفهم لمعرفة ما سوف يقدم عليه البطل القوي الشهم، إبن البلد والعاطفي المزواج، الفتوة والذي يرد المظالم ويقهر الظالمين المفتريين علي الضعفاء، وفي بعض الأحيان يمارس البلطجة، ويتاجر في المخدرات، أو يمارس الخيانة والغدر أوالظلم والقهر والإنحراف في بعض فترات حياته، وذلك ما يساعد علي نشر قيم الفساد والرذيلة والإستبداد والقهر والظلم وإستسهال فعلها وممارستها تقليداً وتماهياً والذوبان في شخصية هذا البطل وهذا ما ترجم في الواقع عندما أزال الأمن في المنوفية يافطة كتبت لشخص خرج من السجن وتقليداً لشخصىة جعفر العمدة في المسلسل.

حاجة الناس للإعتماد علي شخصية واحدة تحقق الأهداف وطموحات الناس وأساطيرهم وجدت منذ بدء تسطير التاريخ وحتي قبل الأساطير اليونانية وخاصة ما كتبه الشاعر هوميروس في ملحمتيه “الإلياذة والأوديسا” وفي الأدب العربي الفرسان مثل عنترة بن شداد وأبطال السير والملاحم الشعبية مثل أبو زيد الهلالي وأدهم الشرقاوي وغيرهم الكثير مما هو مكتوب أو تجسد في أفلام أجنبية أو عربية بما تتمحور القصة حول شخصية تقهر الحديد وتواجه جيش بمفردها وتتحمل من الظلم ما تنوء به عصبة أولي قوة ثم يتحقق العدل ويتغلب هذا البطل المغوار في النهاية ويحظي بمحبوبته أو يقهر أعداءه و قد يكونوا في نفس الوقت أعداء وطنه الحق والفضيلة.

نعيش في عصر ثورة الإتصالات والمعلومات والذكاء الإصطناعي، والعقول التي تبدع الفكرة تلو الفكرة تستطيع بها البشرية تحقيق ما كان لا يخطر علي بال الإنسان من قبل. ذلك الذكاء البشري قبل المبدع للذاء الصناعي وتلاقي الأفكار والعمل الجماعي جل ذلك من المفروض يلقي بظلاله علي البطولات الفردية والتي تعتمد علي مهارات أومزايا لشخص واحد. بل إن الجيوش النظامية في البلاد المتقدمة كذلك والحروب سوف لا تعتمد في المستقبل علي الأفراد بقدر ما سوف تعتمد علي الأسلحة المسيرة والبالستية والطيارات دون طيار الدرونات الموجهة، أي الحروب السيبرانية وما تمتلكه البلدان من أدوات ومعدات ذكية تستطيع أن تحقق الأهداف المرجوة من بعيد دون خسائر أو مغامرات يقوم بها أفراد أو جنود.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق