أخبارمحافظات

8

د.سارة حامد تكتب: هذه المدينة خارج نطاق الخدمة

لن أكن من المهللين.. أتصنع علامات الانبهار على وجهي لرؤية مشهد إفطار مسؤولى أسيوط على موائد الرحمن.. لا أجد في ذلك إنجازا يسمن ويغني من جوع وأن نأكل طعام الغلابة بل وتدبيره لهم في أجود مستوى في ظل جولات اعتيادية وصور للقاءات بالشعب الأسيوطي لا تنقل واقعاً بل يحمل في طياته آلامهم التي يعانونها.

و هنا سأتناول منطقة وحيدة كمثال، “مدينة المعلمين” تجد فيها مخبراً يصنع خبزًا لكن لا يقوى المسؤول على تناوله حتى على موائد الرحمن رغم كونها منطقة يعيش بين سكانها نائباً للشعب لكن اظن أنه لم يقتات “عيش التموين” أو بمعنى أدق “عيش الغلابة”، غامق اللون صغير الحجم قليل الوزن يصعب اقتطاع لقمته أو حتى تناولها إلا لضيق ذات اليد.

لمن لا يحالفه الحظ بالمجئ لمنطقة المعلمين التي تقع في حي غرب أسيوط وسط عاصمة صعيد مصر، تبعد دقائق معدودة عن محطة القطار، وأميالاً مقارنةً في الخدمات، حياً لا تتسرب إليه أي وسائل مواصلات لربطه ببقية المحافظة حتى سائقى سيارات الأجرة يضاعفون تعريفتهم وفقاً للأهواء، ولا أعلم إن كان ذلك عزلا عقابياً أو لم يُخطر بالأمر مسؤولي المحافظة الذين لا يعلمون عن شِعابها.

أما إذا اعتزمت الحضور، فنصيحة تجنب أن تسلك طريق مساكن الأهالي العشوائي حيث التعرجات الطينية والمباني غير المخطط لها، والكلاب الضالة، وتفج روائح القمامة المطروحة في شوارعها الضيقة من كل اتجاه، وحتى لا نغفل عن السرقات التي تنتشر وضح النهار وتتفشى أخره بعد العاشرة ليلاً، لإنعدام نقطة شرطة حيث يبعد أقرب مركز أمني عنها أميالا.

ولا أجحد بأن منطقة المعلمين بها مستشفى كبرى يشار إليها بالبنان، تحفة معمارية وضعت في ثلاجات الموتى، الأهالي يتوهمون لو تستقبلهم يوما، ويحسبون كم من أموال ضرائبهم بددّت على المعدات والاجهزة بطياتها، والمبنى الضخم الذي شييد من رخام وواجهة باهظة تُنبئ بوجاهة المستشفى المعطلة منذ عشرين عاماً ونيف.. لا يستحضر أحد تاريخ إنشائها، مل الجميع وتأففوا من حسبان السنون، ومكثت حسرتهم على تكلفتها غير المستفاد بها، والأرض التي بنيت عليها، واستفسارهم الذي لا ينضب: هل كلفت الدولة ملايين أم مليارات؟ ولما أوصدت أبوابها؟ هل حُوسب متخذي القرار؟ وإن كان!..لما لم تفتح بعد سنين ليستفاد منها قاطبة أهالي أسيوط؟!!.

أما متاجر الخضار والفاكهة ومحلات البقالة لا تبيع إلا متهالك وفاسد، فعلى مشارف أعتابهم تشم رائحة الأطعمة منتهية الصلاحية بأسعار مضاعفة عن الأسواق رغم قربهم من سوق الشادر الذي يورد فاكهة وخضراوات للمحافظة بأكملها .. ظننًا منهم أن المنطقة بلا رقابة تموينية!.

كل تلك الشكاوى يمكن لشباب حي ومنطقة المعلمين تخطيها واستبدالها بأخرى، فالصحة لا يأكلها إلا “المرض” لكن ماذا عن أصحابه؟! من الشيب والعليل و ذوي الهمم!! كيف لأصحاب المعاشات والمسنين الذين يقطعون مشاوير ومسافات لقضاء حوائجهم، فلا مكتب بريد ولا بنك حكومي أو خاص، لا مستشفى ولا وسيلة مواصلات، ومباني آيلة للسقوط بفعل مخالفات، والكلاب الضالة تضاهي إحصاء سكانها، وبالإمكان القول أنها تفتقر لمكينة صرافة آلية والتي غدت في القرى والنجوع إلا مدينة المعلمين.

قد لا يصدق القارئ ذلك..لكنه حقًا وصدقًا.. هذا حال منطقة حيوية يقطنها ربع مليون مواطن مصري، أوصى بهم سيادة رئيس الجمهورية القائد عبدالفتاح السيسي، في كل خطاباته وقراراته الحكيمة، بتوفير حياة كريمة للمواطن المصري في كل ربوع الجمهورية الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق