أقلام حرّة

محمد خليفة يكتب: إمام الدٌعاة بين مطرقة المٌزيّفين والغوغاء !

 

لست أدري سبب الهجمة الشرسة علي شخص إمام الدعاة فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي بمواقع التواصل الإجتماعي ، فالرجل رحمه الله أصبح في معيّة الله ،فإنّ الله تعالي جعل حرمة المٌسلم من أكبر الحٌرمات ، وأوجب صونها علي المسلمين والمسلمات ، وهذا ما فهمهٌ السلف قبل الخلف؛ فقد روي ابن حبان والترمذي بإسناد حسن أنّ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما نظر يوماً إلي الكعبة فقال:”ما أعظمَكِ وأعظم حٌرمتِكِ ،والمؤمن أعظم حٌرْمةً مِنْكِ” ومن المعروف أنّ حٌرمة المسلم غير مقيدة بحياتهِ، بل هي باقية في الحياة وبعد الممات ويجب صونها .والغريب قيام بعض الصحفيين من اصحاب العقول الخَرِبَة بترويج شائعات تحمل كلاماً كاذباً عن فضيلة إمام الدعاة رغم رَحيِله منذ أكثر من عقدين من الزمان ،وهؤلاء الغوغاء يريدون صناعة فتنة بين المسلمين والمسيحيين الذي نعيش معهم ويعيشون معنا علي أرض وطن واحد منذ قرون طويلة تحت شعار في القلب قاله فضيلته يوما ما ..”الدين لله والوطن لله “لم نعرف عن الرجل قيامه في يوم ما بنشر الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، فالشعراوي يٌعد أشهر مفسري القرآن الكريم في العصر الحديث ؛ حيث عمل علي تفسير القرآن بطرق مبسطة وعامية مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في أنحاء العالم العربي ؛ حتي لقّبهٌ البعض بإمام الدعاة.
ولد محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. في عام 1922م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري؛ وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى، والشاعر طاهر أبو فاشا، و خالد محمد خالد والدكتور أحمد هيكل والدكتور حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون. كانت نقطة تحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة ،وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز مكاناً لسكنه بالقرب من الأزهر ،فما كان منه إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: أنا أعلم يا بني أنّ جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم. وهذا ما قاله فضيلة الشيخ الشعراوي في لقائه مع الإعلامي طارق حبيب رحمهما الله .
الذين لا يعرفون الشعراوي نسرد بعض سيرته في الوطنية والكفاح ضد الإحتلال الإنجليزي ، فالرجل عقب إلتحاقة بكلية اللٌغة العربية عام 1937م إنشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فقد كانت بداية مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919م قد إندلعت من الأزهر الشريف، وكان الشعراوي أحد أبطالها وهو في ريعان شبابه، فمن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق الأزهري بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملاءه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقي بالخطب قبل ذهابة للجامعة للدراسه مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م، كان يشاركه أخوته من المسيحيين في الدفاع عن مصر ضد الإحتلال ،لم يعرف يوماً التشدد في الدين بل كانت حياته كلها تحمل شعار الوسطية حتي رحيله عن الدنيا ،فخلال عمره الطويل كان الشيخ الشعراوى مثيرًا للجدل والخلاف، المعارك الدينية والفكرية التى أثارها بلا عدد ولا حصر، ويبدو أنه رغم وفاته إلا أنه لا يزال يملك هذه الروح الجدلية، فالرجل فى قبره بين يدى الله، ولا يزال الناس مختلفين حوله.
كان يمكن أن نتجاهل تمامًا طعن البعض فى الشيخ الشعراوى، ولا نلتفت إليه من قريب أو بعيد، على اعتبار أن منهج هؤلاء نفسه فاسد، فهم يريدون جرّنا إلى قرون قديمة، أو أنهم يريدون إستحضار القرون القديمة بأفكارها وأناسها وكتبها، ليحكمونا من خلالها، دون مراعاة إلى أن العصر تغير، ومتطلباته تطورت، لكن الوقفة كانت واجبة، لأن الطعن لم يكن فى آراء الشعراوى السياسية، ولا فيما يخص المعاملات، ولكن الطعن ذهب إلي إتهامه بنشر الفتنة بين أبناء الشعب الواحد !
نقول لهؤلاء كفاكم أنتم نشر الفتن ، فلن يفرّق الشعب المصري أمثالكم من الغوغاء ، فللشعراوي ربٌ يدافع عنه حياً وميتاً

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق