
حماس (مقاومة أم إرهاب)
من الموضوعات الشائكة الحديث عن حركة المقاومة الاسلامية (حماس) من جانبين
أولا :توصيف الحركة هل هي حركة مقاومة أم حركة إرهابية
ثانيا: مامدي مسئولية حركة حماس عما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة بشرية وتدمير لكل مظاهر الحياة داخل القطاع
ولنبدأ بالجانب الأول وهو توصيف حركة حماس ووضعها القانوني وهي قولا واحدا (حركة مقاومة لها حق الكفاح المسلح ضد الاحتلال العسكري لوطنها) وذلك التوصيف هو توصيف القانون الدولي لجميع حركات المقاومة كما جاء في ميثاق الأمم المتحدة وهذا التعريف ينطبق علي كل حركات التحرير سواء في فلسطين أو غيرها.
أما عن مسئولية حماس عما حدث ويحدث في غزة وتحميلها مسئولية إبادة أهل غزة فهذا القول مردود عليه من تاريخ حركات المقاومة في ظروف متشابهة.
فالمعروف في بديهيات السياسة أن المدنيين هم الحاضنة الشعبية لأي حركة مقاومة وكثيرا مايتبادل المدني والمقاوم دفع الثمن علي الأرض (إما بقتل المدنيبن علي يد قوات الإحتلال وإما بالعمالة والخيانة من المدنيين بالإبلاغ عن أماكن المقاومين وإفساد خططهم ضد العدو المشترك هكذا هو الأمر بلا مبالغة أو تهوين) وهذا ما قرأنا عنه وسجله تاريخ المقاومة في ليبيا ضد الإحتلال الإيطالي وفي الجزائر ضد الإحتلال الفرنسي وفي فيتنام ضد الإحتلال الأمريكي ومؤخرا ما حدث في العراق وأفغانستان من مقاومة للإحتلال الأمريكي وبالطبع في كل هذه الحالات السابق ذكرها كان الضحايا بالملايين وليس بالألاف من المدنيين (رجال ونساء وأطفال) بين قتلي ومصابين.
وبالعودة للحالة الفلسطينية أري من وجهة نظري أن لجوء إسرائيل وحلفائها للحديث عن التهجير القصري لأهالي غزة وتوطينهم في شبه جزيرة سيناء إنما يعكس شيئين في غاية الأهمية أولهما الرهان الخاسر الذي راهنت عليه إسرائيل منذ أكثر من عشرين عاما وهو رهانها علي إنقلاب مواطني غزة علي حركة حماس والتمرد عليها وتحميلها مسئولية المجازر ضد المدنيين من النساء والأطفال رغم تعدد الهجمات ووحشيتها وألاف القتلي ومئات المجازر التي إرتكبتها القوات الإسرائيلية مما يعكس التلاحم والتناغم بين المقاومة والحاضنة الشعبية في غزة بدرجة لا أقول مطلقة ولكن بدرجة لاتسمح بأن تكسب إسرائيل هذا الرهان ولذلك عمدت إلي التفكير في إبعاد أهالي غزة (الحاضنة الشعبية للمقاومة)
والشئ الثاني متعلق بحركة حماس نفسها وتعاطيها مع سجالات قوات الاحتلال من معارك ورشقات صاروخية في عمق دولة اسرائيل نفسها وصمود افرادها أمام هجمات الجيش الإسرائيلي بدرجة لم تسمح علي الأقل بإنهيار الحركة عسكريا وسياسيا ومعنويا فضلا عن تعاطي حماس مع الملف السياسي بتحقيق مكاسب سياسية عن طريق صفقات تبادل الأسري بين اسرائيل والفلسطينيين.
ولابد (من وجهة نظري) قراءة المشهد الحالي من خلال قراءة تاريخية لظرف سياسي وعسكري سابق ومتشابه إلي حد كبير مع المشهد الحالي وأقصد بذلك الحدث الغزو الإسرائيلي للبنان في يونيو عام 1982
فقد نجحت اسرائيل وقتها في تحقيق أهداف الغزو الاستراتيجية والعسكرية فمن ناحية نجحت في إخراج منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح من لبنان (والتي كانت عملياتها الفدائية مصدر إزعاج وإحراج لاسرائيل في الأراضي المحتلة) ونقلها إلي تونس بعد مجزرة صابرا وشاتيلا وتحقق لإسرائيل هدف استراتيجي أخر وهو ليس فقط إحتلال جنوب لبنان بل والأكثر من ذلك إنشاء جيش عميل موالي لإسرائيل (جيش لبنان الجنوبي بقيادة سعد حداد وأنطوان لحد وقتها) ليكون هذا الجيش خط دفاع أول لإسرائيل ضد أي هجمات تأتي من جنوب لبنان.
لأقول أن ماحققته إسرائيل وقتها من أهداف يثبت أنها أي إسرائيل كانت المستفيد الوحيد من الحرب الأهلية اللبنانية (1975/1990) وأنها استغلت تلك الحرب أفضل استغلال سياسيا وعسكريا .
ولأن اليوم لا يشبه الأمس فبالتأكيد لن تكرر إسرائيل السيناريو اللبناني الذي اعتمدته عام 1982 ولكن من وجهة نظري أن هذه الحرب الدائرة الأن هي لفرض حل سياسي وليس حل عسكري فهذه الأساطيل الغربية وحاملات الطائرات وألاف الأطنان من القنابل التي تلقيها اسرائيل كل دقيقة علي غزة ليست للقضاء علي حماس أو إعادة إحتلال غزة ولكن هدفها من وجهة نظري وقوع أكبر عدد من القتلي بين المدنيين تمهيدا لحل سياسي يفرضه الغرب المتحالف مع إسرائيل وهو التهجير القصري لأهالي غزة (وإبعادهم إلي أي مكان سواء شبه جزيرة سيناء أو غيرها) وحرمان حماس من حاضنتها الشعبية بعد تعريتها سياسيا وتصنيفها علي أنها حركة إرهابية