أقلام حرّة

الزوجة التي تساعد زوجها تعيش طويلاً

 

 

لا يزال الجدل محتدماً يصاحبه حنق وغضب الكثير من الرجال مما تنشره صفحات التواصل الإجتماعي حول الآراء الفقهية والتي قيلت مؤخراً علي لسان بعض ومقدمي برامج علي الفضائيات من الشخصيات النسائية المعروفة وبعض الشيوخ والمعروف عن بعضهم تعمد الإثارة للشهرة أو لإلهاء الناس. ومن أكثر هذه الفتاوي إثارة وقلقلة للثوابت والأعراف والتقاليد في مجتمعاتنا بل تعمل علي تأجيج العلاقات الزوجية وإفشالها بما قد يزيد من حالات الطلاق بأكثر مما هي عليه في والتي وصلت لمستويات فاقت الكثير من الدول علي المستوي العالمي. الفتوي المثيرة للجدل هي التي تقول بعدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها فيما يتعلق بالأعمال المنزلية من طبخ وتنظيف وغيرها مما هو معروف وشائع تقوم به الزوجة تلقائياً دون توجيه أو أمر من أحد.

خلال جولة لي في سوق قريتي لشراء بعض الحاجيات، رأيت إحدي جيراننا القدامي وهي زوجة قد تجاوزت السبعين وتجلس في مكان بالسوق وأمامها خضروات مما تنتجه الأرض التي يزرعها زوجها، تذكرت يوم عرسها وأنا طفل صغير وكذلك زوجها وكان من جيراننا أيضاً من نفس الشارع، حيث كان أغلب الأهل في ذلك الوقت يزوجون أبناءهم الذكور ولم يتجاوزوا الثامنة عشرة من عمرهم والعروس تكون أصغر بعدد من السنوات من سن العريس، يقوم الأبناء الذين لم ينخرطوا في العملية التعليمية بالمساعدة في زراعة الأرض وزوجاتهم يعملن في رعاية كافة أفراد أسرة الزوج وإضافة للأعمال المنزلية ورعاية الماشية وفي أحيان كثيرة تعمل الزوجة معهم في الحقل.

نظرت لهذه الزوجة المبتسمة ذات الوجه البشوش وكما لو أن عوامل الزمن لم تؤثر عليها، فهي تبدو في نضارة وحيوية ودون تجاعيد أو ترهل، فهي ومنذ زواجها تقوم بواجبها في أعمال المنزل ورعاية الأبناء وتساعد كذلك في أعمال الزراعة وتقوم ببيع ما تنتجه الأرض في السوق، هذا النشاط والحركة التي تؤديها الزوجة كما لو أنه قد زادها صحة وطول العمر، وأكبر الظن أنها لا تعرف لأدوية الضغط أو السكر وغيرها مما تعتمد عليه زوجات في مثل عمرها أو أصغر منها، وخاصة اللاتي يعشن حياة كلها راحة ويسرفون علي أنفسهم في ألوان الطعام والشراب، هؤلاء الزوجات اللاتي لا تبذلن أية مجهود ويعتمدون علي غيرهم في حياتهم سواء في أعمال المنزل ولا يعملون ما أكثر ما نسمع عن أمراض أومشاكل صحية مثل السمنة وشيخوخة مبكرة وغيرها من المشاكل، وبمقارنة أعمارهم مع الزوجات اللاتي يعملون ويساعدون أزواجهم ويبذلون من المجهود الكثير والكثير، فإن الأطول عمراً كما تشير الأبحاث والتي تؤكد أن الزوجات التي كثيرة النشاط والعمل في سياق أسري ويسعي فيه الزوج لبذل ما في طاقته لتوفير حاجات أسرته وراحتهم، تلك الأسرة والتي يشيع الحب والتفاهم والإخلاص فيها تكون ناجحة وتعيش الزوجة طويلاً، هذا ناهيك عن قدرتهم أي الزوج والزوجة معاً علي تجاوز مصاعب الحياة مهما كانت.

في هذا السياق كشفت نتائج دراسة جديدة أن النساء تعيش الناشطات بدنيًا لفترة أطول ، بغض النظر عن جيناتهن، ويقول خبراء الصحة أن البقاء نشيطًا يمكن أن يساهم في شيخوخة صحية لدى كبار السن. هذا وقد وجد باحثون في كاليفورنيا أن النشاط البدني بأي شدة قد يقلل من خطر الوفاة لدى النساء الأكبر من 60 عامًا. كما كشفت دراستهم على الصعيد الوطني أيضًا عن المزيد من الأدلة على أن السلوكيات المستقرة تحمل مخاطر وفاة أكبر ، بغض النظر عن الميل الجيني لطول العمر. ويأمل المؤلفون أن تشجع هذه النتائج النساء الأكبر سناً على أن يكونوا نشيطات لتقليل مخاطر الأمراض والوفاة المبكرة.

يقدر المركز الوطني للإحصاءات الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية أن متوسط العمر المتوقع للذكور والإناث هو 74.5 سنة و 80.2 سنة ، على التوالي. لشيخوخة صحية ، تنص مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) على أن النشاط البدني هو المفتاح. ولمعرفة ما إذا كان النشاط البدني له ميزة على الجينات في تعزيز طول العمر ، أجرى باحثون في كلية هربرت ويرثيم للصحة العامة وعلوم طول العمر البشري بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو ومؤسسات أخرى دراسة على مستوى البلاد. بعد تحليل البيانات الصحية لأكثر من 5000 امرأة أكبر سنًا في سن اليأس ، وجد الباحثون أن المستويات الأعلى من النشاط البدني الخفيف أو المعتدل أو القوي ترتبط بانخفاض خطر الوفاة لجميع الأسباب. توسعت النتائج في الدراسات السابقة التي أظهرت أن قضاء المزيد من الوقت في الجلوس ينطوي على مخاطر صحية أكبر. استمرت هذه الارتباطات عبر مستويات مختلفة من الإمكانات الوراثية للعيش لفترة أطول.

وكتب الباحثون أن النتائج تدعم أهمية النشاط البدني العالي (PA) ووقت الجلوس الأقل (ST) لتقليل مخاطر الوفيات لدى النساء الأكبر سنًا ، بغض النظر عن استعدادهن الوراثي لطول العمر. تم نشر دراستهم المستقبلية مؤخرًا في مجلة الشيخوخة والنشاط البدني. أظهرت نتائج تلك الدراسة أنه حتى لو لم يكن من المحتمل أن تعيش طويلاً بناءً على جيناتك ، فلا يزال بإمكانك إطالة العمر من خلال الانخراط في سلوكيات نمط الحياة الإيجابية مثل التمارين المنتظمة والجلوس أقل.

دكتور رضا محمد طه

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق