المميزةثقافة وقراءة

اللغة ومشوار الدبلوماسية العربية الى الشفوية

 

بقلم: فتحي ندا

 

كي تصل الى أن تُعتَمَد سادس لغة شفوية تُستعمل خلال انعقاد دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 1973م، مرت اللغة العربية بمراحل عدة حيث بُذلت جهود دبلوماسية مُضنية منذ خمسينيات القرن الماضي، أسفرت عن صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإجازة الترجمة التحريرية فقط إلى اللغة العربية، وألا يزيد عدد صفحات ذلك عن أربعة 4 آلاف صفحة في السنة، بشرط أن تدفع الدولة التي تطلبها تكاليف الترجمة، وأن تكون هذه الوثائق ذات طبيعة سياسية أو قانونية تهم المنطقة العربية.

وفي عام 1960 اتخذت اليونسكو قراراً باستخدام اللغة العربية كلغة شفوية في المؤتمرات الإقليمية التي تُعقد في البلدان الناطقة بالعربية مع ترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية.

وفي عام 1966 اعتمد اليونسكو قرار يقضي بتعزيز استخدام اللغة العربية، كما قررت تأمين خدمات الترجمة الفورية من وإلى العربية في إطار الجلسات العامة.

وفي عام 1968 جرى الاعتماد التدريجي للعربية كلغة عمل في منظمة الأمم المتحدة مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى العربية.

واستمر الجهد الدبلوماسي العربي، والذي برز فيه دولة المغرب بالتعاون مع بعض الدول العربية الأخرى، إلى أن تمكنوا من جعل العربية تُستعمل كلغة شفوية خلال انعقاد دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 1973، وبعد إصدار جامعة الدول العربية في دورتها الستين قرارا يقضي بجعل اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة وباقي هيئاتها، ترتب عليه صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1973 يوصي بجعل اللغة العربية لغة رسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة وهيئاتها.

وفي أكتوبر 2012م خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لليونسكو تقرر تكريس يوم 18 ديسمبر يوما عالميا للغة العربية، واحتفلت اليونيسكو في نفس العام للمرة الأولى بهذا اليوم.

وفي 23 أكتوبر 2013 قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية “أرابيا” التابعة لليونسكو اعتماد اليوم العالمي للغة العربية ليكون أحد العناصر الأساسية في برنامج عملها لكل عام.

تُعَد العربية من أقدم اللغات السامية، وأكثر لغات المجموعة السامية تًحدُثًا، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، يتحدثها أكثر من 467 مليون نسمة ويتوزع متحدثوها في الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة، وهي من بين اللغات الأربع الأكثر استخدامًا في الإنترنت، وكذلك الأكثر انتشارًا ونموًا متفوقةً على الفرنسية والروسية.

اللغة العربية ذات أهمية كبيرة لدى المسلمين، فهي لغة القرآن، ولا تتم الصلاة في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها.

والعربية هي أيضا لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في الوطن العربي.

كما كتبت بها الكثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى، كمؤلفات دوناش بن لبرط وابن حيوج في النحو وسعيد الفيومي وموسى بن ميمون في الفلسفة ويهوذا اللاوي في الشعر وإسحاق الفاسي في تفسير التوراة، فكان لها بالغ الأثر في اللغة والدين والأدب اليهودي.

تتميز العربية بقدرتها على التعريب واحتواء الألفاظ من اللغات الأخرى بشروط دقيقة معينة. فيها خاصية الترادف، والأضداد، والمشتركات اللفظية. وتتميز كذلك بظاهرة المجاز، والطباق، والجناس، والمقابلة والسجع، والتشبيه. وبفنون اللفظ كالبلاغة والفصاحة وما تحويه من محسنات بديعية.

وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات، كما أنها أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء.

وسادت العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر في كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، مثل: التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وخاصةً المتوسطية منها كالإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.

وفضلا عن ذلك، مثلت حافزاً إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة. كما أتاحت إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.

قال تعالى:

إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٢ يوسف ﴾

وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ ﴿١١٣ طه ﴾

كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿٣ فصلت ﴾

إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٣ الزخرف ﴾

وَهَٰذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴿١٢ الأحقاف ﴾

وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ۝ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [سورة الشعراء:192-195].

أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴿٤٤ فصلت ﴾

صدق ا الله العظيم

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق