ولد الهدي

آمنة بنت وهب.. أم النبي نسبها وحسبها وقصة زواجها من عبدالله بن عبد المطلب

آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

 

آمنة بنت وهب الزهرية القرشية هي أم رسول الله صَلَّي اللهُ عَلَيهِ و سَلّم، ماتت وعمر رسول الله صَلَّي اللهُ عَلَيهِ و سَلّم 6 سنوات، حيث توفيت سنة 45 ق.هـ الموافق 575م.

آمنة بنت وهب
الوفاة 45 ق.هـ / 575م
الأبواء (بين مكة والمدينة المنورة)
اللقب أم محمد، أم رسول الله
الزوج(ة) عبد الله بن عبد المطلب
الأهل أبوها: وهب بن عبد مناف بن زهرة
أمها: برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار
الأبناء محمد بن عبد الله

نسبها
هي: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أمها : برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
تندرج “آمنة بنت وهب ” من بني زهرة بن كلاب وهم أحد بطون قريش ذات المكانة العظيمة فقد كان أبوها وهب بن عبد مناف سيد بني زهرة شرفا وحسبا، وفيه يقول الشاعر:

يا وهب يا بن الماجد بن زهرة
سُدت كـلابـا كلهـا ابن مـرة
بـحــســبٍ زاكٍ وأمٍّ بـرّة
ولم يكن نسب “آمنة” من جهة أمها، دون ذلك عراقة وأصالة فهي ابنة “برة بنت عبد العزى” من بني عبد الدار بن قصي أحد بطون قريش. ويؤكد هذه العراقة والأصالة بالنسب اعتزاز الرسول بنسبه حيث قال: “لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما” ويقول أيضا: “أنا أنفسكم نسبا وصهرا وحسبا”.

نشأتها
نشأت في أسرة عريقة النسب، مشهود لها بالشرف والأدب، اتسمت بالبيان، وعرفت بالذكاء وطلاقة اللسان، وتعد أفضل امرأة في قريش نسباً ومكانة. ورباها عمها وهيب بن عبد مناف. كان عبد المطلب سيد قريش وجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد نذر لله إن رزقه الله عشرة من الذكور لينحرن أحدهم شكراً لله وتقرباً إليه. وقد صار لـعبد المطلب عشرة ذكور، وعزم على تنفيذ نذره، فأقرع بين أولاده ليعلم أيهم سينحر. وخرج القدح على عبد الله بن عبد المطلب، أحبهم إليه، فما العمل؟ لقد أشار عليه وجوه القوم أن يفديه بعشرة من الإبل، وقدم الإبل ثم أقرع بينها وبين ولده، فخرج سهم عبد الله بن عبد المطلب، فقالوا لعبد المطلب: زدها عشراً ثم اقرع، ففعل، فخرج سهم عبد الله، وظل يزيد في كل مرة عشراً من الإبل حتى بلغت المائة، وعندما أقرع بينها وبين ولده، وقعت القرعة على الإبل، فسرّ عبد المطلب بذلك سروراً عظيماً ونحر الإبل المائة فداء ولده، وعمت الفرحة قريشاً بنجاة ابن سيدهم عبد المطلب. وتزوج عبد الله آمنة بنت وهب، وفي أول ليلة جمعتهما رأت آمنة أن شعاعاً من النور خرج منها فأضاء الدنيا من حولها حتى تراءت لها قصور بصرى في الشام وسمعت هاتفاً يقول لها: يا آمنة لقد حملتِ بسيد هذه الأمة. سافر زوجها في تجارة إلى الشام وتوفي في تلك الرحلة في يثرب. وبعد ست سنوات من وفاته وبينما هي عائدة من زيارة قبر عبد الله وأخـواله بني عدي بني النجار أدركها المرض وتوفيت في الأبواء بين مكة والمدينة المنورة.

نشأة آمنة
نشأت سيدتنا “آمنة” وصباها في أعز بيئة، ولها مكانة مرموقة من حيث الأصالة النسب والحسب، والمجد، فكانت تعرف “بزهرة قريش” فهي بنت بني زهرة نسباً وشرفاً، فكانت مخبأة من عيون البشر، حتى إنَّ الرواة كانوا لا يعرفون ملامحها. وقيل فيها إنها عندما خطبت لـعبد الله بن عبد المطلب كانت حينها أفضل فتاة في قريش نسباً وموضعاً. وقد عرفت آمنة في طفولتها وحداثتها ابن العم “عبد الله بن عبد المطلب” حيث إنه كان من أبناء أشرف أسر قريش، حيث يعتبر البيت الهاشمي أقرب هذه الأسر إلى آل زهرة؛ لما لها من أواصر الود والعلاقة الحميمة التي تجمعهم بهم، عرفته قبل أن ينضج صباها، وتلاقت معه في طفولتها البريئة على روابي مكة وبين ربوعها، وفي ساحة الحرم، وفي مجامع القبائل. ولكنها حجبت منه؛ عندما ظهرت عليه بواكر النضج، وهذا ما جعل فتيان مكة يتسارعون إلى باب بني زهرة من أجل طلب الزواج منها.

عبد الله فتى هاشم
لم يكن “عبد الله بن عبد المطلب” بين الذين تقدموا لخطبة “زهرة قريش” رغم ما له من الرفعة والسمعة والشرف، فهو ابن عبد المطلب بن هاشم وأمه “فاطمة بنت عمرو بن عائذ المخزومية” وجدة “عبد الله” لأبيه “سلمى بنت عمرو”. ولكن السبب الذي يمنع “عبد الله” من التقدم إلى ” آمنة” هو نذر أبيه بنحر أحد بنيه لله عند الكعبة. حيث إن عبد المطلب حين اشتغل بحفر البئر، وليس له من الولد سوى ابنه “الحارث”، فأخذت قريش تذله، فنذر يومها، إذا ولد له عشرة من الأبناء سوف ينحر أحدهم عند الكعبة. فأنعم الله على “عبد المطلب” بعشرة أولاد وكان “عبد الله” أصغرهم. وخفق قلب كل شخص وهو ينتظر اللحظة ليسمع اسم الذبيح، وبقيت “آمنة”، لا تستطيع أن تترك بيت أبيها، ولكنها تترقب الأنباء في لهفة، وقد اختير “عبد الله” ليكون ذبيحا، ومن ثم ضرب السهم على “عبد الله” أيضا فبكت النساء، ولم يستطع “عبدالمطلب” الوفاء بنذره؛ لأن عبد الله أحب أولاده إليه، وأتى الفرج فقد أشار عليهم شخص وافد من خيبر بأن يقربوا عشراً من الإبل ثم يضربوا القداح فإذا أصابه، فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، فإذا خرجت على الإبل فانحروها، فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم، وظلوا على هذه الحالة ينحرون عشرًا ثم يضربون القداح حتى كانت العاشرة، بعد أن ذبحوا مئة من الإبل.

زواج آمنة وعبد الله
جاء “وهب” ليخبر ابنته عن طلب “عبد المطلب” بتزويج “آمنة” بابنه “عبد الله” فغمر الفرح نفس “آمنة”، وبدأت سيدات آل زهرة تتوافد الواحدة تلو الأخرى لتبارك “لآمنة”. وكذلك قيل بأن الفتيات كن يعترضن طريق “عبد الله”؛ لأنه اشتهر بالوسامة، فكان أجمل الشباب وأكثرهم سحرا، حتى إنَّ أكثر من واحدة خطبته لنفسها مباشرة. وأطالت “آمنة” التفكير في فتاها الذي لم يكد يفتدى من الذبح حتى هرع إليها طالباً يدها، زاهدا في كل أنثى سواها، غير مهتم إلى ما سمع من دواعي الجمال والغنج، واستغرقت الأفراح ثلاثة أيام، ولكن عيناها ملأتها الدموع؛ لأنها سوف تفارق البيت الذي نشأت فيه، وأدرك “عبد الله” بما تشعر به، وقادها إلى رحبة الدار الواسعة. وذكر بأن البيت لم يكن كبيرا ضخم البناء، لكنه مريح لعروسين ليبدآ حياتهما على بركت الله. فكان البيت ذا درج حجري يوصل إلى الباب ويفتح من الشمال، ويدخل منه إلى فناء يبلغ طوله نحو عشر أمتار في عرض ستة أمتار، وفي جداره الأيمن باب يدخل منه إلى قبة، وفي وسطها يميل إلى الحائط الغربي مقصورة من الخشب، أعدت لتكون مخدعاً للعروسين الكريمين.

رحلة عبد الله لتجارة
أعرضن عن “عبد الله” كثير من النساء اللواتي كنَّ يخطبنه علانية بعد زواجه من “آمنة”، فكانت بنت نوفل بن أسد من بين النساء اللواتي عرضن عن “عبد الله”، فسأل عبد الله واحدة منهن عن سبب إعراضها عنه فقالت: “فارقك النور الذي كان معك بالأمس، فليس لي بك اليوم حاجة”. أدهش هذا الكلام “عبد الله وآمنة” وراحا يفكران في القول الذي قالته تلك المرأة؟ ولم تكف “آمنة” عن التفكير والرؤيا عنها وسبب انشغال آمنة في التفكير يرجع إلى أن هذه المرأة أخت “ورقة بن نوفل” الذي بشر بأنه سوف يكون في هذه الأمة نبي… وبقي “عبد الله” مع عروسه أياما، وقيل إن المدة لم تتجاوز عشرة أيام؛ لأنه يجب عليه أن يلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى غزة والشام.

العروس الأرملة آمنة
انطلق عبد الله بسرعة قبل أن يتراجع عن قراره، ويستسلم لعواطفه، ومرت الأيام و”آمنة “تشعر بلوعة الفراق، ولهفة والحنين لرؤية عبد الله حتى إنها فضلت العزلة والإستسلام لذكرياتها مع عبد الله بدلا من أن تكون مع أهلها. ومرت الأيام شعرت خلالها “آمنة” ببوادر الحمل، وكان شعورا خفيفا لطيفا ولم تشعر فيه بأية مشقة أو ألم حتى وضعته. وكانت كثيرا ما تراودها شكوك في سبب تأخير عبد الله فكانت تواسي نفسها باختلاقها الحجج والأسباب لتأخيره.

وجاءت “بركة أم أيمن” إلى “آمنة” فكانت لا تستطيع أن تخبرها بالخبر الفاجع، الذي يحطم القلب عند سماعه فكانت تخفيه في صدرها كي لا تعرفه “آمنة”، ومن ثم أتاها أبوها ليخبرها عن عبد الله التي طال معها الإنتظار وهي تنتظره، فيطلب منها أن تتحلى بالصبر، وأن عبد الله قد أصيب بوعكة بسيطة، وهو الآن عند أخواله بيثرب، ولم تجد هذه المرأة العظيمة سوى التضرع والخشية وطلب الدعاء من الله لعله يرجع لها زوجها عبد الله الذي تعبت عيناها وهي تنتظره، وفي لحظات نومها كان تراودها أجمل وأروع الأحلام والرؤى عن الجنين الذي في أحشائها، وتسمع كأن أحداً يبشرها بنبوءة وخبر عظيم لهذا الجنين. وجاء الخبر المفزع من الحارث بن عبد المطلب عن وفاة عبد الله، فزعت آمنة، فنهلت عيناها بالدموع وبكت بكاءً مراً على زوجها الغائب، وحزن أهلها حزنا شديدا على فتى قريش عبد الله. وبكت مكة على الشجاع القوي.

آمنة بنت وهب أم اليتيم
لم يكن أمام آمنةُ بنت وهبٍ سوى أن تتحلى بالصبر على مصابها الجلل، الذي لم تكن تصدقه حتى إنها كانت ترفض العزاء في زوجها، ولبثت مكة وأهلها حوالي شهراً أو أكثر وهي تترقب ماذا سوف يحدث بهذه العروس الأرملة التي استسلمت للأحزان. وأطالت التفكير بزوجها، حتى إنها توصلت للسر العظيم الذي يختفي وراء هذا الجنين اليتيم، فكانت تعلل السبب فتقول أن عبد الله لم يفتد من الذبح عبثا! لقد أمهله الله حتى يودعني هذا الجنين الذي تحسه يتقلب في أحشائها. والذي من أجله يجب عليها أن تعيش. وبذلك أنزل الله عز وجل الطمأنينة والسكينة في نفس “آمنة”، وأخذت تفكر بالجنين الذي وهبها الله عز وجل لحكمة بديعة،
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما.
(سورة الضحى، الآية 6). فوجدت “آمنة” في هذا الجنين مواساة لها عن وفاة الزوج، ووجدت فيه من يخفف أحزانها. وفرح أهل مكة بخبر حمل “آمنة” وانهلوا عليها من البشائر لتهنئة “آمنة” بالخبر السعيد. وتكررت الرؤى عند “آمنة” وسمعت كأن أحد يقولها “أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد، ثم تسميه محمدا”. وجاءتها آلام المخاض فكانت وحيدة ليس معها أحد ولكنها شعرت بنور يغمرها من كل جانب، وخيل لها أن “مريم ابنة عمران”، “وآسية امرأة فرعون”، و”هاجر أم إسماعيل” كلهن بجنبها، فشعرت بالنور الذي انبثق منها، ومن ثم وضعت وليدها كما تضع كل أنثى من البشر، وهكذا كان فقد:

ولــد الهدى فالكائنات ضيـاء وفـم الـزمـان تـبـسم وثنـاء
الروح والمـلأ الملائـك حــوله للديـن والدنـيـا بـه بـشراء
والعرش يزهـو والحظيرة تزدهي والمنـتهـى والـدرة العصمـاء
وهنا اكتملت فرحة “آمنة”، ولم تعد تشعر بالوحدة التي كانت تشعر بها من قبل. وفرح الناس وفرح الجد “عبد المطلب” بحفيده، وشكر الرب على نعمته العظيمة وأنشد يقول:

الـحـمــد الله الـذي أعــطــاني
هـذا الـغـلام الـطـيـب الأردان
قد ساد في المهد على الغلمـان
أعـيــذه مــن شـر ذي شـنــآن
مـن حـسـد مـضـطـرب الـعنــان
وسماه “محمداً”، ولما سئل عن سبب تسميته محمداً قال ليكون محموداً في الأرض وفي السماء، ومن ثم توال القوم ليسموا أبناءهم بهذا الإسم. وأحست “آمنة” بأن الجزء الأول والأهم قد انتهى بوضع وليدها المبشر، ورسالة أبيه قد انتهت بأن أودعه الله جنينًا في أحشائها، ولكن مهمتها بقت في أن ترعاه وتصحبه إلى يثرب ليزور قبر فقيدهما الغالي عبد الله. وبعد بضعة أيام جف لبن “آمنة” لما أصابها من الحزن والأسى لموت زوجها الغالي عليها فأعطته “لحليمة بنت أبي ذؤيب السعدي” لترضعه، فبات عندهم حتى انتهت سنة رضاعته وأرجعته إلى “آمنة”. وفي الفترة التي عاش عند “حليمة” حدثت للرسول حادثة شق الصدر التي فزعت النفوس بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق