أسرار وحكاياتتحقيقات وتقارير

القصة الحقيقية لإكتشاف مركب الملك خوفو

 

آمن المصريون القدماء بأن الروح محلها بعد الموت إلى السماء ، وحيث كانت السماء زرقاء اللون فقد تصوروها بحرا” تبحر فيه الأرواح كما تبحر فيه الكواكب و النجوم.

ولذلك فقد كان على كل ملك مصري أن يجهز سفينة أو زورق تساعده فى إبحاره إلى العالم السماوى باعتباره ابن الإله.

فى عام 1954 بدأت الحكومة في أعمال تطوير منطقة الهرم وإزالة رديم الحفريات تحت رئاسة أ.د/ مصطفى عامر والأستاذ / محمد زكى نور أمين عام منطقة اثار الهرم ، يعاونه م/ صلاح عثمان، م/ كمال الملاخ – حاصل على بكالوريا الفنون الجميلة ودبلوم الآثار، ويعمل أيضا” مراسلا” ومصورا” صحفيا” موفدا” من جريدة الأخبار للعمل فى تغطية أخبار المشروع ، كما كان مراسلا” بالقطعة لجريدة “نيويورك تايمز”.

رئيس العمال بالموقع هو الريس الشهير “جريس يني” أحد الحفارين المتمرسين فى أعمال الحفائر الأثرية بالجيزة.

فى يوم 24 أبريل 1954 أثناء ازالة الرديم ظهرت حفرة كبيرة جنوب الهرم مغطاة بكتل ضخمة من الاحجار فى نظام دقيق وعثر على اسم الملك “جدف رع” مكتوب على احداها ، ولذلك كان العمل يستمر بحرص شديد كى لا تسقط أى كتلة على محتويات الحفرة فتهشمها .

في يوم 25 مايو 1954 وقبل الموعد المحدد لرفع الكتل بيوم واحد فوجئ أ/ محمد زكى نور بإصابة إبنته الصغيرة “وفاء” بأزمة قلبية فأسرع لنقلها إلى المستشفى وظل معها طوال اليوم، ولكنها إرادة الله فتوفيت إلى رحمة الله فى تلك الليلة .

وبالطبع فلم يستطع أ/ محمد زكى نور أن يذهب لعمله فى اليوم التالى بسبب وفاه إبنته .

في يوم 26 مايو 1954 كان الريس جريس يعمل مع فريق العمال وتمكن من إزالة الرديم وباقى فقط إزالة الكتل الحجرية لفتح الحفرة ليروا ما بداخلها، ولذلك أسرع للبحث عن أحد المهندسين المساعدين ليبلغه نظرا” لظروف أ/ محمد زكى نور ، وبالفعل عثر الريس جريس على كمال الملاخ جالسا” فى مقهى “إكسليسيور” بشارع عماد الدين مع الكاتب أنيس منصور .

ولما أبلغ الريس جريس كمال الملاخ بالخبر أسرع الملاخ معه إلى منطقة الأعمال بجوار الهرم وشاهد الكتل مكشوفة، فطلب كسر إحداها ليكشف عما تحتها ، فقام العامل / محمد عبد العال بكسر الكتلة رقم عشرين إلى نصفين فظهر تحتها مجداف مركب الملك خوفو الرئيسى واضحا” داخل الحفرة وتأكد الجميع أن الحفرة تحتوي على المركب الملكي.

أسرع كمال الملاخ بإرسال برقية لجريدة “نيويورك تايمز” يبلغهم بالخبر قبل الإعلان الرسمى عنه ، وقامت نيويورك تايمز بنشر الخبر لكل أنحاء العالم بأن كمال الملاخ هو المكتشف .

وللأسف فإن الجرائد الرسمية الأهرام والأخبار قامت بنقل الخبر عن نيويورك تايمز وهو ما فوجئ به أ/محمد زكى نور الذى كان وقتها منهارا” حزينا” على فقدان ابنته، و على تعبه فى أعمال الحفر لشهور طويلة الذى ضاع سدى ، بعد أن نسبه كمال الملاخ لنفسه.

أدى هذا الخبر إلى إحداث حالة من الصدمة والغضب داخل مصلحة الآثار المصرية وقام أ.د/ عبد المنعم ابو بكر بالتقدم بالإستقالة من منصبه فى أعمال حفائر الجيزة إحتجاجا” على هذا الموقف المؤسف من كمال الملاخ .

من جهته أسرع مجلس قيادة الثورة لتدارك الموقف بعد أن انتشر الخبر عالميا”، فقامت مصلحة الآثار المصرية بإصدار كتاب تذكارى عن أهم الاكتشافات الأثرية عام 1954 وكان أولها إكتشاف مركب الملك خوفو بواسطة فريق العمل برياسة أ/ محمد زكى نور ، الذي كان قد تملك منه الحزن وتوفى بعد ذلك بأشهر قليلة.

☀️ هذا المقال إهداء لروح الأستاذ/ محمد زكي نور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق