تحقيقات وتقارير

عبر الكونفرانس: سد النهضة على مائدة الحوار فى ندوة جامعة ديالى بدولة العراق

خاص صوت الوطن

عقدت جامعة ديالى وكلية التربية للعلوم وقسم الجغرافيا ندوة علمية بعنوان ،، ماذا تعنى المياه بالنسبة لك ،،
وجاء فى مقدمة الأوراق ورقة بحثية للدكتورة منى صبحى نور الدين أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والنقل بكلية الدراسات الإنسانية بعنوان
البعد الجغرافى والسياسى لسد النهضة ومخاطره على دولتي المصب مصر والسودان والدور المأمول للأمم المتحدة فى حفظ السلم والأمن الدوليين .
وجاء ملخص الورقة البحثية كما يلى .
امتثالا لعنوان الندوة ماذا تعنى لك المياه . فإن المياه هى الحياة ولما كانت حياتنا تتلخص فى نهر النيل العظيم فهو من وهب لنا الحياة وإذا كانت المياه تعنى لدولة أثيوبيا التنمية فإن مياه النيل بالنسبة لنا هى الحياة وهى قضية مصيرية محتومة .

يتميز البعد الجغرافى والسياسى للدول المستفادة من النيل الأزرق بمجموعة من المتغيرات الديناميكية التى أثرت على إدارة المياه العابرة للحدود بين دولة المنبع إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان ، بصورة مستمرة فى ظل تطورات الوضع منذ بداية استقلال السودان عن مصر عام 1956 ، وحتى التقارب المصرى السودانى واتفاقية الدفاع المشترك فى مارس 2021 .

ا.د.منى صبحي نور الدين

مروراً بأحداث هامة كانت بمثابة علامات فارقة فى تاريخ العلاقات المشتركة للدول الثلاث تتمثل فى بناء السد العالى عام 1970 والتقارب المصرى السوفييتي ، والحرب الأهلية فى السودان فى الفترة من ( 1983 _ 2005 ) ، وانطلاق مبادرة حوض النيل فى 1999 ، واتفاقية 2010 بشأن تأسيس لجنة حوض النيل واعتراض كل من مصر والسودان ، ثم ما حدث من تغيرات جذرية بعد أحداث الربيع العربى فى ٢٠١١ وانفصال دولة جنوب السودان عن السودان فى 9 يوليو 2011 ، وشروع إثيوبيا فى بناء السد فى تلك الظروف التى كانت تمر بها كلتا الدولتين .

ولقد عانت دولتا المصب مصر والسودان من جراء مفاوضات طويلة وجهود مبذولة مع الجانب الإثيوبي لم تؤت مفادها على الرغم من إستنادهما إلى الإتفاقيات الدولية التى تحفظ حقوقهما التاريخية فى مياه نهر النيل بداية من إتفاقية ١٨٩١ وحتى إتفاق إعلان المبادئ فى ٢٠١٥ .

وفى ظل التعنت الإثيوبى وتغير مواقفه وخططه بالنسبة لسد النهضة وإصراره على الملئ الأول للخزان فى يوليو 2020 ب 5 مليار متر مكعب على الرغم من المذكرة التى تقدمت بها مصر فى مايو 2020 إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن وما قامت به الأمم المتحدة من تحييد الأمر مع استمرار الرفض الإثيوبى للإتفاقيات الملزمة للدول الثلاث واعتراضها على وضع آلية قانونية لحل النزاعات المحتملة ، وإستمرار التعنت الإثيوبى فى الشهور الأولى من عام 2021 إزاء الملئ الثانى لسد النهضة ب 13,5 مليار متر مكعب ليصبح إجمالى المخزون 18,5 مليار متر مكعب وإصرارها على المضي بشكل أحادى فى مخالفتها لاتفاق إعلان المبادئ فى 23 مارس 2015 بشكل يهدد الأمن المائى والتأثير السلبى على البيئة الجغرافية والإقتصادية والسكانية لدولتي المصب ،

الأمر الذى أدى إلى تعقد الأمر كثيراً بالنسبة لإثيوبيا ، إذا ما أصرت على عملية الملئ الثانى باتفاق أو بدون اتفاق ، فى ظل رد فعل الجانبين المصرى والسودانى فى عقد إتفاقية دفاع مشترك فى مارس 2021 وما طرأ على التغيرات السياسية فى خريطة القوى فى المنطقة والدعم المصرى للسودان إقتصادياً وعسكرياً _ فى الوقت الذى تعانى فيه إثيوبيا من حرب التيجراى داخل أراضيها ، وتأزم الوضع الداخلى نتيجة الإنتخابات الإثيوبية _ وتضامن مصر مع السودان فى الحفاظ على حدوده مع إثيوبيا ، وربما قد ينتج عنه من مواجهة حتمية مشتركة بين كل من مصر والسودان ضد إثيوبيا .
ولم تكن تسعى مصر لذلك أبدا بدليل صبرها على تلك المفاوضات الطويلة وإنما كانت دوما مرحبة بمشروعات التنمية فى إفريقيا وسارت على هذا الدرب من خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى فى ٢٠١٩ .
ولما كانت منظمة الأمم المتحدة هى المنظمة المنوطة بحفظ الأمن والسلم الدوليين فإنه يتعين عليها أن تلعب دوراً فاعلاً فى هذه المرحلة يختلف عن دورها فى المراحل السابقة من مجرد مفاوضات إلى تدخلات عاجلة والوصول إلى إتفاق بشأن ملئ السد يرضى جميع الأطراف إستناداً إلى ما قامت به اللجان الخارجية من تقييم الآثار البيئية لسد النهضة ، ودراسة المخاطر البيئية والطبيعية والإقتصادية والتأثير على شعوب دولتي المصب .

كما ينبغى الإستفادة من دور الأمم المتحدة فى معالجة بعض قضايا الأنهار الدولية المشابهة ، وتفعيل الدور المأمول للأمم المتحدة ومجلس الأمن من خلال عدة سيناريوهات مستقبلية فى ظل تغير خريطة القوى ( مصر والسودان ) وما تحدثه من تأثير على المجتمع الدولى وأحقيتها بالدفاع عن أمنهما القومى فمياه النيل هى قضية أمن قومى لها تأثيرها على كافة أوجه التنمية ولا يمكن العبث بمصيرها ، فضلاً عن عدم الرضوخ والضعف تحت الضغط الإثيوبى المخالف لنصوص الإتفاقيات القانونية والأعراف الدولية ، وكذلك دورها المأمول فى ظل دعم مصر للتحرك السودانى بطلب وساطة رباعية وتكوين لجنة مشكلة تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى .
وفى الأيام الأخيرة تصاعدت الأحداث بداية من المفاوضات العقيمة لسد النهضة للجانب الأثيوبي ودولتا المصب مصر والسودان إلى حرب التيجراى فى إثيوبيا واشتعال الموقف قبل الانتخابات وأثرها على الحدود السودانية وما صرح به رئيس وزراء أثيوبيا أبى أحمد من تورط جهات خارجية فى إشعال تلك الحرب

ولما كانت السودان تمثل العمق الاستراتيجى الجنوبي لمصر فإن المحافظة على الوضع على حدودها الشرقية والغربية يعد جزء من الأمن القومى المصرى وأن تأتى مثل هذه الأحداث فى وقت واحد ومتلاحقة قد يكون هدفها خلخلة الوضع فى السودان بعد توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع مصر وقد يكون هدفها صرف مصر عن المضي قدما فى الدفاع بكل استماتة عن سد النهضة أو تورط مصر فى عمليات أخرى . ومحاولة كسب الوقت من قبل إثيوبيا وخاصة بعد إعلانها العزم على الملء الثانى وأنها لن تتراجع وكذلك بعد تجفيف الممر الأوسط استعدادا للملء .

كما رفضت أثيوبيا عقد اجتماع ثلاثى فى منتصف أبريل الجارى كما اشار السودان بمتابعة إثيوبيا قضائيا في حال ملء سدّ النهضة بدون اتفاق ثلاثي يضم مصر ، وحذّرت أنه في حال واصلت إثيوبيا الملء فإن السودان سيقوم بـ”تقديم دعاوى قضائية ضد الشركة الإيطالية المنفذة وضد الحكومة الإثيوبية”.
وفى الوقت نفسه كلفت وزارة الخارجية الأمريكية جيفرى فيلتمان بحل مشكلة التيجراى فى اثيوبيا والوصول إلى حل تفاوضى بخصوص سد النهضة ونظرا لاشتعال الوضع فى أثيوبيا دعا رئيس وزراء اثيوبيا إلى اتهام مصر والسودان بعرقلة مفاوضات سد النهضة رغم كل المعارضات فى الأسابيع الأخيرة من الجانب الأثيوبي ورفضه التدخلات الدولية والموقف المتعنت فى ظل وجود الاتحاد الأفريقى .

والسؤال هل سيظل الملء الثانى لسد النهضة يتم دون الوصول إلى اتفاق ملزم والانفراد من الجانب الأثيوبي أم ستطرح خيارات لمفاوضات أخرى فى ظل اشتعال القارة الأفريقية واتساع دائرة الحروب من مجرد حروب أهلية إلى صراعات وحروب دولية من أجل السيطرة على الموارد .

واختتم إنما باتت أفريقيا من جديد بؤرة

للحروب الأهلية والصراعات المشتعلة والتدخلات الدولية والحقوق المهدرة
أين دعاة الأمن والسلم الدوليين ؟

وأوصت الندوة فى بيانها الختامى بضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية داخليا وخارجيا لحل أزمة سد النهضة بالطرق التفاوضية السلمية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق