مقال رئيس التحرير

جان عزيز…رجل من الشرق في عاصمة الضباب

كان الأمر جد عسير خاصة وأنا صحفي يسعى إلى المعلومات سعى الحجيج بين الصفا والمروة ،فأهدتني أجندتي إلى رقم السيد جان عزيز رئيس فرع منظمة حقوق الانسان والمنسق العام للطوائف والمذاهب الدينية المختلفة في إنجلترا وأوروبا

 

 

بقلم..جمال عبد المجيد

كنت مسؤلا عن تغطية الانتخابات الرئاسية عام 2018 وهى الانتخابات التي فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي بفترة رئاسية جديدة يكمل بها ما بدأه من إنجازات وإصلاحات بدأت منذ توليه الرئاسة في عام 2014 وكنت في هذا الوقت في القسم السياسي بصحيفة الوفد ،وعندما بدأت الانتخابات في الخارج بدأت أبحث في أجندتي الصحفية عمن يسعفني في تلك المهمة خاصة وأن الوفد ليس له مراسلين في كل البلدان سوى اثنين أو ثلاثة واحدة منهم في أمريكا…

 

السيد جان عزيز

كان الأمر جد عسير خاصة وأنا صحفي يسعى إلى المعلومات سعى الحجيج بين الصفا والمروة ،فأهدتني أجندتي إلى رقم السيد جان عزيز رئيس فرع منظمة حقوق الانسان والمنسق العام للطوائف والمذاهب الدينية المختلفة في إنجلترا وأوروبا والمشهرة بإنجلترا هنا وقع بصري علي صيد ثمين يروي ظمأي لرجل مقيم في الخارج لأكثر من ٤٢عاما في إنجلترا متواجد في كل التجمعات السياسية

وقد أفادني في تغطية صحفية أظنها متفردة خاصة وأن المصدر الذي أتعامل معه مصدر طازج وغير مطروق أو معتاد للزملاء الصحفيين فكانت البداية بالتواصل مع السيد جان عزيز الذي توطدت علاقتي به وأصبحنا أصدقاء وذلك من خلال الاتصالات الهاتفية التي جرت بيني وبينه ومن ثم التقينا على أرض النادي الأهلى بالقاهرة أثناء زيارته لمصر عام 2018..

كانت الدعوة على الإفطار في ثالث أيام رمضان وكان السيد عزيز منسقها والراعي لها وقد لبيت دعوة الإفطار في حرم النادي الأهلى بالجزيرة في وجود شخصيات لها ثقلها مثل المهندس أحمد إسماعيل الرئيس العام لاتحاد المصريين بالخارج والسيد علاء حاضورة رئيس الاتحاد المصريين بليبيا والمستشار الدكتور نجيب جبرائيل رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وأخرين ممن لم تسعفني الذاكرة باستدعائهم …

عندما جلست إلى السيد جان عزيز وجدته رجلا قمة في التواضع والاحترام والمحبة ،فقلبه يسع الجميع ويحتوى الكافة، وليس في قلبه سوى الود والتقدير للجميع…

شاءت الاقدار أن توافي المنية زميلنا وأستاذنا حسين قدري رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيو الأسبق في عاصمة الضباب لندن وكان يبلغ من العمر عتيا إذ تخطى السادسة و الثمانين من عمره وكان يقضي شهر العسل مع عروسه هناك ،ولشهر العسل هذا مع زوجته قصة تستحق أن تروى للأجيال حتى يعرف الجميع أن الحب ليس إلا للحبيب الأول ،

وحدث أن تأخرت تصاريح وإجراءات الدفن من قبل المستشفي هناك…

والكاتب الصحفي الراحل حسين قدري شغل منصب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون لعدة سنوات وعمل في مكتب لندن لمدة ٤٠ عاما وسكن في القاهرة بميدان رمسيس المكتظ بالسكان وتزوج بحب عمره من الأديبة السيدة عصمت صادق بعد أن فرقتهما الحياة لمدة ٤٠ عاما وهي أقوي قصة حب شهدتها أروقة بلاط صاحبة الجلالة وتم الاحتفاء به وزوجته من قبل أصدقائهم داخل جنبات نقابة الصحفيين عقب زواجهم وقد أطلقت الصحافة عليه ” عريس الصحفيين” نظرا لزواجه في سن متأخرة إذ كانت الزوجة وصلت إلى سن السبعين والزوج تخطى الثمانين لكن الحب القديم الأول هو ما جمع المحبين بعد أن فرقت بينهما الأقدار ،لكن الصحفي العنيد ظل يبحث عن حبه الذي فقده ويجري وراءه بالمشاوير ،وبعدما وجد حبه الأول وجد نفسه قد شاب شعره وانحنى ظهره ،وتخطى الثمانين من عمره وعروسه أيضا قد نال منها الزمن ،لكن قلبيهما ظل شابا في عمر الثلاثين قويا وفتيا يتحطم على شرايينه الصخور الصلده العتيه، فقررا الزواج ليقضيا أيامهما الأخيرة وأيديهما متشابكة لم يفرقهم إلا الموت الذي ترصد عريس الصحفيين في الأسبوع الثالث من شهر العسل…

في هذه الأثناء رأيت منشورا لزميلى وصديقي الكاتب الصحفي عصام العوامي على صفحته الشخصية ” فيس بوك” عن وجود عراقيل تواجه تشييع الراحل إلى مثواه الأخير وذلك نقلا عن الزميل الكاتب الصحفي هشام يونس ومستغيثا بجموع الزملاء الصحفيين أو ممن لهم علاقات أو اتصالات بالمملكة المتحدة مستعرضا في هذا النداء ملابسات وفاة عريس الصحفيين ومستغيثا بضرورة سرعة إنهاء الإجراءات الخاصة بنقل الجثمان إلى القاهرة أو إلى مثواه الأخير بلندن حسبما أوصى الراحل زوجته قبيل الوفاة بالمستشفي الذي تحفظ على الجثمان تحسبا لأي طارئ أو شبهة في الوفاة حسب القوانين المعمول بها في لندن ، وهو ما أخر خروج الجثمان وتسليمه لذويه لتشييعه إلى مثواه الأخير..

في هذه الأثناء كانت زوجة الراحل الأديبة عصمت صادق لا تدري أي مصير ينتظر زوجها الراحل خاصة وهى تواجه هذا المصير بمفردها لا تجيد اللغة الإنجليزية وليس معها سوى الله عز وجل شأنه فهو كفيلها وحسبها وسندها في أزمة عاصفة زادتها حزنا على حزن ووجعا على وجع…

ما إن قرأت منشور زميلى العوامي الذي يؤكد فيه على الأزمة السابقة حتى وجدتني استحضر تليفونات الصديق جان عزيز الذي تواصلت معه ورويت له الأزمة الأخيرة التي يتعرض لها زميلنا في رحلته الأخيرة ،فوجدته أكثر حزنا جراء ما حدث لزميلنا ووجدته أكثرانفعالا وتفاعلا وعلى فوره أجرى اتصالاته الواسعة والمكثفة مع قيادات لندنية أوقفتنا جميعا على سبب تلك الأزمة التي أخرت خروج الجثمان لمثواه الأخير،

وبعد يوم شاق من الاتصالات بين القاهرة ولندن ممثلة في شخصي الضعيف وبين الصديق جان عزيز والإعلامية الأستاذة منال الشبراوي حتى تحركت جميع القيادات هناك وخصصت مسؤولا كبيرا لإنهاء تلك الأزمة الناجمة عن لبس حدث فحواه كون الزميل ليس له أبناء بمصر و الراحل يعيش وزوجته وحيدان في عاصمة الضباب وزوجته هى الأخرى تصالحت الأمراض عليها وزادت عقب وفاة رفيق العمر ،فلم تستطع التواصل مع المسؤولين الذين حضروا للسؤال عن الوفاة وهى أسئلة روتينية حسب قوانين البلاد ،لكن المرض لاحقها فضلا عن أن الوفاة حدثت في أيام العطلة الرسمية للبلاد وهو ما يتوجب معه تعطيل جميع المصالح الحكومية ،حتى الوفاة لا يتم استخراج تصاريحها أو إنهاء إجراءاتها في أوقات العطلة الرسمية،لكن بفضل الله عز وجل شأنه ثم فضل جهود حثيثة بذلها السيد جان عزيز تم انهاء جميع الإجراءات وووري جثمان عريس الصحفيين الثرى بعد أن تمت الصلاة عليه في مسجد “ريجنت المركز الإعلامي” وبقي الشكر موصولا لهذا الرجل الذي رفض كل الرفض أن أوجه له الشكر على صنيع معروفه ،وظل متمسكا بما رفضه وظللت مترقبا للحظة أشكره فيها ليس باسمي فقط وليس باسم جموع الصحفيين بل باسم جميع المصريين الذين راقبوا تلك الأزمة عقب خروجها من مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة لتصل إلى الصحافة التى جعلت من هذا الموضوع رأيا عاما يترقب أخباره الجميع ،وما إن انتهت الأزمة بسلام حتى التقط الجميع أنفاسه..

جان عزيز أعاد إلى الأذهان سيرة الرجل المصري الحاج خليل عفيفي الذي أحضر جثمان الزعيم الوطني محمد فريد من ألمانيا بعد ثمانية أشهر من الوفاة وما دفع الحاج خليل للإقدام على ذلك هو تنفيذ وصية الزعيم الراحل محمد فريد الذي وافته المنية في 15 نوفمبر 1919 بعد أن أحس فريد بدنو أجله فأوصى رفقاءه بالغربة بوضع جثمانه في صندوق وإرساله ودفنه في بلده مصر عندما تحين الفرصة وظل الجثمان هناك ثمانية أشهر حتى جاء الحاج خليل عفيفي وهو تاجر أقمشة من الشرقية وسافر إلى ألمانيا وأحضر جثمان محمد فريد على متن الباخرة حلوان التي دخلت ميناء الإسكندرية في 8 يونيو عام 1920 وتم الاحتفاء بالحاج عفيفي الذي أحضر الجثمان ونفذ الوصية من ماله الخاص..

المقال من كتاب

مقالاتي

تحت الطبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق