أقلام حرّة

لعبة أردوغان الجديدة.. لن تمر

 

عقيلة دبيشي

دأب أردوغان على أن يمارس ألاعيبه ومراوغاته كلما اشتدت به الأزمات وأحكمت حصارها حول رقبته،، ألاعيب ومراوغات لم تقتصر على الداخل التركي مثل مسرحية الانقلاب المزعوم التي استغلها أفضل استغلال لتصفية منافسيه ومعارضيه وإحكام سيطرته وتقليم أظافر جيشه، لكنها امتدت لحقل السياسة الخارجية، فلم يعد لبلاده في ظل حكمه أصدقاء تقريبا، لا في محيطها الإقليمي ولا محيطها الدولي، عداء مع الجميع، من روسيا إلى أمريكا إلى أوروبا إلى الشرق الأوسط والعالم العربي، بدأ حكمه بتبني سياسة صفر مشاكل وأنهاه بمشاكل مع الجميع، لذا تأزم وضعه داخليا وصار مستقبله السياسي على المحك بعد أن قاد بلاده بخطوات سريعة نحو الانهيار،و بعد أن أدخلتها سياساته العدائية داخليا وتدخلاته العسكرية خارجيا نفقا مظلما ربما لن تخرج منه دون ثمن غال يدفعه شعبها، الذي يبدوا أنه على شفا ثورة جياع بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تواصل تدنيها يوما بعد يوم، الأمر الذي أدى إلى تراجع شعبيته وشعبية حزبه بشكل غير مسبوق، وباتت أيام حكمه تبدو معدودة وفقا لكثير من استطلاعات الرأي التي أشارت آخرها إلى أن مكانة حزبه انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ 19 عاما، وباتت تحوم حول 30% فقط، وهو ما يشير إلى أن تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية سوف يفشل في تأمين حصول أردوغان على نسبة 50% من الأصوات اللازمة للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2023. خاصة أن استطلاع رأي آخر أظهرت نتائجه أن غالبية مؤيدي أردوغان و63% من المستطلعين بشكل عام، يعتقدون أن تركيا تمضي قدما في اتجاه أسوأ وليس أفضل، خاصة أن هذه الأزمات جاءت في الوقت الذى يوشك خسر فيه أردوغان حليف قوى وهو الرئيس الأمريكي دونالد في ظل توقعات بأن تكون إدارة بايدن أكثر صرامة معه ومع سياساته ، لذا يبحث السلطان عن طوق نجاة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعبيته التي تتآكل بشكل أسرع من تآكل قيمة عملة بلاده، هذه المرة صوب سهامه نحو مصر التي وجد فيها ضالته لعل استرجاع العلاقات معها يمكن أن يخفف عليه ضغوط الداخل والخارج، وصلات من الغزل الصريح والمكشوف تجاه مصر من كبار الساسة الأتراك وهو على رأسهم متسولين رضا النظام الذي وجهوا سهامهم نحوه طوال سبع سنوات بلا أدنى اعتبار لقواعد العلاقات الدبلوماسية الدولية ومباديء حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لم يتورع نظام أردوغان عن فعل أي شيء يمكن أن يؤثر على مصداقية النظام المصري وعلى أمن واستقرار مصر وشعبها، استضاف مئات الإرهابيين الفارين من مصر والصادر في حقهم أحكاما قضائية يصل بعضها للإعدام ووصفهم بأنهم معارضين، جعل بلاده مرتعا لنوافذ إعلامية كثيرة بمرتزقيها الذين يقتاتون بالإساءة لمصر وشعبها، كانت فنادق تركيا المكان الذي وضعت فيه الكثير من المؤامرات التي استهدفت مصر وأمنها واستقرارها، تدخل بشكل سافر في الشأن الداخلي المصري ولم يترك فرصة واحدة إلا وتصيدها لإبداء عداوته لمصر ورئيسها، حاول العبث بالأمن القومي المصري بمحاولته هدم الدولة الليبية عبر ميليشياته ومرتزقته، حاول كذلك في السودان قبل أن يطيح الشعب السوداني بحليفه، ناهيك عن دوره المخرب في سوريا والعراق واحتلاله لأجزاء منهما، حاول استفزاز مصر وتعطيل جهودها في استثمار ثرواتها الطبيعية من النفط والغاز في منطقة شرق المتوسط، فعل كل ذلك وأكثر مما يرتقي لمرتبة الجرائم الدولية ويأتي اليوم ناسيا كل ما فعله ويطلب الصفح وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، فهل تنطلي هذه اللعبة على مصر؟، وهل تصدق هذه الأقوال التي لا تستحق ثمن الحبر الذي طبعت به طالما لم تقترن بأفعال على الأرض؟ فلا شيء تغير في السلوك التركي سوى أقواله، أما الأفعال فلا تزال حتى اللحظة كما هي، هل وضع أردوغان حدا لتدخل بلاده السافر في سوريا والعراق وليبيا؟ أو أعلن على الأقل نيته في ذلك؟ هل سيعتذر أردوغان عن تدخلاته السافرة في الشأن المصري الداخلي منذ 2013 وحتى اللحظة ويتعهد بعدم تكرارها؟ هل سيقوم بطرد قادة التنظيم الإرهابي الذي تستضيفه بلاده ويسلم المطلوبين منهم إلى مصر؟ هل سيعترف بحق مصر في استغلال ثرواتها الطبيعية في منطقة شرق المتوسط؟ في تقديري أن الإجابة على كل هذه الأسئلة ستكون (لا) وعليه اعتقد أن مصر واعية لمحالاوت أردوغان غير الصادقة والهدف الحقيقي من ورائها، لأنها لو صدقت ستكون العواقب وخيمة ولا أستبعد أن يستعيد تنظيم الإخوان الإرهابي عافيته ويتحرك بحرية أكبر وربما أموال أكثر تحت ستار عودة العلاقات بين البلدين .

إذن لأن هدف اللعبة هذه المرة مصر بتاريخها وثقلها الإقليمي والدولي ومدرستها العريقة في السياسة الخارجية ومؤسساتها الراسخة والعميقة والعريقة فلن تمر هذه اللعبة على عقل صانع القرار في مصر ولا على قلب شعبها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق