تحقيقات وتقارير

تداعيات المرحلة الثانية لملئ سد النهضة :

ناقوس خطر يطرق الأبواب بين دولتي المصب وإثيوبيا وهل تمارس الأمم المتحدة دورها المأمول فى حفظ الأمن والسلم الدوليين

 

 

إعداد

ا . د منى صبحى نور الدين

أستاذ الجغرافيا الاقتصادية المساعد جامعة الأزهر

يتميز البعد الجغرافى والسياسى للدول المستفادة من النيل الأزرق بمجموعة من المتغيرات الديناميكية التى أثرت على إدارة المياه العابرة للحدود بين دولة المنبع إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان ، بصورة مستمرة فى ظل تطورات الوضع منذ بداية استقلال السودان عن مصر عام 1956 ، وحتى التقارب المصرى السودانى واتفاقية الدفاع المشترك فى مارس 2021 .

مروراً بأحداث هامة كانت بمثابة علامات فارقة فى تاريخ العلاقات المشتركة للدول الثلاث تتمثل فى بناء السد العالى عام 1970 والتقارب المصرى السوفييتي ، والحرب الأهلية فى السودان فى الفترة من ( 1983 _ 2005 ) ، وانطلاق مبادرة حوض النيل فى 1999 ، واتفاقية 2010 بشأن تأسيس لجنة حوض النيل واعتراض كل من مصر والسودان ، ثم ما حدث من تغيرات جذرية بعد أحداث الربيع العربى فى ٢٠١١ وانفصال دولة جنوب السودان عن السودان فى 9 يوليو 2011 ، وشروع إثيوبيا فى بناء السد فى تلك الظروف التى كانت تمر بها كلتا الدولتين .

ولقد عانت دولتي المصب مصر والسودان من جراء مفاوضات طويلة وجهود مبذولة مع الجانب الإثيوبي لم تؤت مفادها على الرغم من إستنادهما إلى الإتفاقيات الدولية التى تحفظ حقوقهما التاريخية فى مياه نهر النيل بداية من إتفاقية ١٨٩١ وحتى إتفاق إعلان المبادئ فى ٢٠١٥ .

وفى ظل التعنت الإثيوبى وتغير مواقفه وخططه بالنسبة لسد النهضة وإصراره على الملئ الأول للخزان فى يوليو 2020 ب 5 مليار متر مكعب على الرغم من المذكرة التى تقدمت بها مصر فى مايو 2020 إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن وما قامت به الأمم المتحدة من تحييد الأمر مع استمرار الرفض الإثيوبى للإتفاقيات الملزمة للدول الثلاث واعتراضها على وضع آلية قانونية لحل النزاعات المحتملة ، وإستمرار التعنت الإثيوبى فى الشهور الأولى من عام 2021 إزاء الملئ الثانى لسد النهضة ب 13,5 مليار متر مكعب ليصبح إجمالى المخزون 18,5 مليار متر مكعب وإصرارها على المضي بشكل أحادى فى مخالفتها لاتفاق إعلان المبادئ فى 23 مارس 2015 بشكل يهدد الأمن المائى والتأثير السلبى على البيئة الجغرافية والإقتصادية والسكانية لدولتي المصب ،

الأمر الذى أدى إلى تعقد الأمر كثيراً بالنسبة لإثيوبيا ، إذا ما أصرت على عملية الملئ الثانى باتفاق أو بدون اتفاق ، فى ظل رد فعل الجانبين المصرى والسودانى فى عقد إتفاقية دفاع مشترك فى مارس 2021 وما طرأ على التغيرات السياسية فى خريطة القوى فى المنطقة والدعم المصرى للسودان إقتصادياً وعسكرياً _ فى الوقت الذى تعانى فيه إثيوبيا من حرب التيجراى داخل أراضيها ، وتأزم الوضع الداخلى نتيجة الإنتخابات الإثيوبية _ وتضامن مصر مع السودان فى الحفاظ على حدوده مع إثيوبيا ، وربما قد ينتج عنه من مواجهة حتمية مشتركة بين كل من مصر والسودان ضد إثيوبيا .
ولم تكن تسعى مصر لذلك أبدا بدليل صبرها على تلك المفاوضات الطويلة وإنما كانت دوما مرحبة بمشروعات التنمية فى إفريقيا وسارت على هذا الدرب من خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى فى ٢٠١٩ .
ولما كانت منظمة الأمم المتحدة هى المنظمة المنوطة بحفظ الأمن والسلم الدوليين فإنه يتعين عليها أن تلعب دوراً فاعلاً فى هذه المرحلة يختلف عن دورها فى المراحل السابقة من مجرد مفاوضات إلى تدخلات عاجلة والوصول إلى إتفاق بشأن ملئ السد يرضى جميع الأطراف إستناداً إلى ما قامت به اللجان الخارجية من تقييم الآثار البيئية لسد النهضة ، ودراسة المخاطر البيئية والطبيعية والإقتصادية والتأثير على شعوب دولتي المصب .

كما ينبغى الإستفادة من دور الأمم المتحدة فى معالجة بعض قضايا الأنهار الدولية المشابهة ، وتفعيل الدور المأمول للأمم المتحدة ومجلس الأمن من خلال عدة سيناريوهات مستقبلية فى ظل تغير خريطة القوى ( مصر والسودان ) وما تحدثه من تأثير على المجتمع الدولى وأحقيتها بالدفاع عن أمنهما القومى فمياه النيل هى قضية أمن قومى لها تأثيرها على كافة أوجه التنمية ولا يمكن العبث بمصيرها ، فضلاً عن عدم الرضوخ والضعف تحت الضغط الإثيوبى المخالف لنصوص الإتفاقيات القانونية والأعراف الدولية ، وكذلك دورها المأمول فى ظل دعم مصر للتحرك السودانى بطلب وساطة رباعية وتكوين لجنة مشكلة تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق