أقلام حرّة

حاتم زكريا يكتب: الـحـوار الليبـي بين الـشـائـعـاتوالتحذيرات من الفساد وغياب الشفافية

 

مع دخول منتدي الحوار الليبي مراحله الأخيرة والحاسمة فى تقرير شكل السلطة التنفيذية الجديدة المؤقتة التي يفترض أن تعد وتشرف على الإنتخابات العامة المزمع إجراءها يوم 24 ديسمبر القادم قامت الدنيا ولم تقعد فى طرابلس وباقي المدن والمناطق الليبية !! ..
وكما ذكرنا فى الاسبوع الماضي أن ميليشيات حماية طرابلس المتطرفة أبدت رفضها لنتائج الحوار الوطني . كما تم تسريب أخبار الى بعض الصحف والبوابات الإخبارية أن هناك حكما قضائياً قضي بعدم جواز المحاصصة وإعتماد التوزيع الجغرافي فى إختيار ممثلي المجلس الرئاسي الجديد .. وهو ما دفع الطبيب الجراح والمفكر الليبي الدكتور محمد المفتي ليدلو بدلوه فى هذا السياق فى شرح تاريخي من تاريخ ليبيا الحديث ..
قال الدكتور محمد المفتي تحت عنوان ” ما الذي يسقط هذه المرة ؟ ” هتاف ” تسقط العدالة ” ردده متظاهرون فى طرابلس فى إبريل 1954 إحتجاجاً على قرار المحكمة الإتحادية العليا بعدم دستورية المرسوم الملكي بحل المجلس التشريعي بولاية طرابلس ، كانت تلك أول أزمة دستورية تعرفها ليبيا المستقلة ، وكان رئيس المجلس المرحوم على الديب ( توفي فى نوفمبر 2006 ) هو من تقدم بالطعن أمام المحكمة العليا ، وأدي حكم المحكمة الإتحادية العليا الى سقوط وزارة السيد محمد الساقزلي التي لم يمض على تشكيلها شهران .
هذه الأيام يمر التاريخ السياسي الليبي بمرحلة تحمل بعض سمات تلك الأزمة قبل سبعين عاماً، تجمع بين الخيال والخبث والعجائب السريالية ، يريدون محاصصة المناصب القضائية من جهة فى سلطة اتفق العالم على إستقلاليتها كضمانة للعدل ، وبعد الإتفاق على ” الآليات ” سينتخب 75 رجل وإمرأة نيابة عن سبعة مليون ليبي رؤساء وساسة ( مع ظني فيهم ) سيملكون ” الشرعية ” فى إتخاذ قرارات مصيرية من إعلان الحرب وإصدار القوانين الى التصرف فى المال العام .
المشهد محزن ، لكن ” ما يرغمك على المرار إلا اللي أمر منه ” والصراع الخفي الذى يدور فى دهاليز منتدي الحوار الليبي هو السلاح الغير قانوني ، الذى لا يستطيع الليبون نزعه ، ولا يريد ” المجتمع الدولي ” التورط في سحبه ، والى أن يتحقق ذلك سيبقي القارب الليبي تحت رحمة أمواج لا ترحم ..
وتحسباً لتنفيذ ما تسعي إليه بعثة الأمم المتحدة الى ليبيا يقول الكاتب الصحفي محمد عمر بعيو رئيس الهيئة العامة للإعلام والثقافة بحكومة الوفاق بطرابلس فى تحذير لأبناء الوطن تحت عنوان ” هذا بلاغ للناس قبل أن تقع الفأس فى الرأس ” : كل مترشح لرئاسة وعضوية المجلس الرئاسي والحكومة والوظائف العليا ، خاصة إذا كان مسئولا حالياً أو سابقاً ، أي فى زمان سبتمبر أو زمن فبراير ، عليه الخضوع لتحقيق قضائي وإعلامي فى وضعه المالي سابقاً وحالياً ، وتقديم ما يثبت مصدر ثرواته وممتلكاته الشخصية والعائلية . من يريد أن يحارب الفساد لا يجب ولا يمكن أن يكون فاسداً ..
الفساد ليس السرقة الموصوفة فقط ، بل هو فى المقام الأول إستغلال الوظيفة العامة بمستوياتها المختلفة خاصة العليا منها ، فى المحسوبية والواسطة والتلاعب وتمرير الصفقات وتوريد المعدات والسيارات وإستغلال الطوارئ والظروف الإستئنائية لتجاوز القوانين وتكديس الثروات وتكوين الولاءات من المرتزقة والإنتهازيين . لا نريد فاسدين فى السلطة الإنتقالية الجديدة المؤقتة ، التي إما أن تذهب بنا إذا كانت صالحة نزيهة وطنية الى الانتخابات وإستعادة الشعب للشرعية ، أو تأخذنا إذا كانت فاسدة قذرة الى المزيد من المآسي والحروب والأزمات والنكبات ..
كفانا هذا النهب وهذا الإفقار وهذا البؤس وهذه الحقارات .. وعلى المتورطين أو حتي المشبوهين أن يتنحوا الى الصفوف الخلفية البعيدة جداً ..
على الإعلام أن لا يسكت ولا يخاف ولا يهاون ولا يتواطأ مع الفاسدين والنرجسين والفاشلين والفاشيين ، حتي لا يصبح خائناً للحق وللوطن وللشعب ويستحق اللعنة .
ليبيا تستحق الأشرف والأقدر والأنظف ، وليس الأحقر والأقذر والأسخف ..اللهم بلغت .. اللهم فاشهد ..
***
ويبقي في الختام هل نردد هتاف جماهير الخمسينيات ” تسقط العدالة ” أم نحتفظ بالأمل مع إيمان اللجنة العسكرية المشتركة ( 5 +5 ) بالإتفاقات الأخيرة وبناء عليها أعطت مهلة 90 يوماً لرحيل كافة الجنود والمرتزقة الأجانب عن ليبيا تعبيراً عن عودتها لشعبها الأبي الحر .. ونحن معهم حتي تكتمل الفرحة وتستكمل الشرعية بالانتخابات العامة فى نهاية ديسمبر القادم بمشيئة الله ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق