اقتصاد وبنوكالمميزة

تطوير السكك الحديدية المصرية فيما بين الإرادة السياسية وتصحيح المسار

 

بقلم…ا . د منى صبحى نور الدين .
أستاذ الجغرافيا الإقتصادية المساعد جامعة الأزهر

.
يعد النقل بالسكك الحديدية من أهم وسائل النقل البرى التى كانت بمثابة ثورة فى بداياتها على البعد الجغرافى بين الأقاليم وأثرت على جذب العمران ونظراً للضغط السكانى المتزايد مع قلة الموارد زاد الضغط على هذا القطاع الذى يرجع تاريخه إلى ما يقرب من ١٧٠ عاما أى ما يزيد على قرن ونصف من الزمان فى الفترة من ١٨٥١ حتى عام ٢٠٢٠ .
ولقد عانى الكثير فى الأربعون عاما الماضية وقبل عام ٢٠١٤ من حوادث جمة حققت أرقام قياسية كادت تصنف بها مصر من أوائل الدول فى حوادث السكك الحديدية ، ولما كانت خطوط السكك الحديدية بمثابة شرايين الحركة الرئيسية إلى جانب شبكات الطرق إلا أنها تعرضت لأحداث كثيرة أثرت عليها بصورة تعدت الجلطات ومراحل الشلل فى بعض مرافقها كادت أن تودى بهذا القطاع العريق ، وأكبر دليل ما حدث قبل وأثناء وبعد حدوث ثورة ٢٥ يناير من اضرابات واعتصامات وتوقف للحركة وكثرة الحوادث نتيجة الإهمال والفساد المتراكم عبر السنوات السالفة .
وتبلغ اطوال السكك الحديدية المصرية ٩٥٧٠ كم عبارة عن خطوط مزدوجة ومفردة ونفاديات وتنقسم إلى خطوط درجة أولى وثانية وثالثة وتركز الأولى على خطوط المسافات الطويلة بينما تركز الثانية على محافظات الوجه البحرى وتركز خطوط الدرجة الثالثة على الخطوط المفردة فى الوجه البحرى ، وبعض خطوط الصحراء الشرقية والغربية وهى خط قنا سفاجا وخط قنا ابو طرطور والتى تعرضت لكثير من التعديات والتدمير .
إلا أنه ومع توجه الإرادة السياسية نحو الاهتمام بهذا المرفق الهام والحيوى والذى يؤدى دوراً هاماً فى نقل الركاب فى مصر والذى يسهم بنسبة ٩٨ % من الحركة بينما قطاع البضائع يسهم بنحو ٢ % فقط كان لا بد للتوجه من إصلاح هذا القطاع الكبير ، والنظر إليه كأحد المشاريع القومية فى مصر والنهوض به ليساهم فى نقل البضائع عبر السكك الحديدية وصولاً إلى الموانئ البحرية والموانئ الجافة فى الداخل والمراكز اللوجيستية فضلاً عن زيادة أطوال شبكة السكك الحديدية من خلال إضافة بعض الخطوط الجديدة والتى تزيد سرعتها كثيراً عن الخطوط القديمة المتهالكة، فضلاً عن أن تلك الخطوط ستخفف من كثافة الحركة على الطرق ، ولذا ثمة تغيرات هائلة حدثت فى الستة أعوام الماضية من خطط تطوير وصيانة وتجديد للخطوط والمزلقانات وشراء عربات وجرارات جديدة وإستثمارات فى مجال النقل بالسكك الحديدية نوردها فيما يلى :
تطوير وتحديث نظم إشارات السكك الحديدية : _
و تهدف إلى زيادة عوامل ومعدلات السلامة والأمان على الخطوط ومن خلال توجيهات الإرادة السياسية واهتمامها بقطاع السكك الحديدية والنقل الذكى والتكنولوجيا ووزارة النقل وجهودهم فى معرض و مؤتمر تكنولوجيا النقل فى ديسمبر 2020 .
والذى أوصى بضرورة الانتهاء من مشروعات تطوير وتحديث نظم إشارات السكك الحديدية لزيادة معدلات السلامة والأمان وتحقيق السيطرة الكاملة على حركة مسير القطارات وتقليل الاعتماد على العنصر البشري للحد من الحوادث على بعض الخطوط .
ومن اهم المشاريع ما يلى :
أولاً : تحديث نظم الإشارات والإتصالات :
ويتضمن تحديث نظم الإشارات والاتصالات لمتابعة القطارات لحظة بلحظة، وتزويد المزلقانات بأجراس وأنوار وبوابات أوتوماتيكية للحد من الحوادث ، ومخطط تنفيذ مشروعات لتحديث نظم الإشارات على خطوط السكك الحديدية بإجمالي أطوال 1800 كم بتكلفة 46.8 مليار جنيه لزيادة معدلات السلامة والأمان على خطوط شبكة السكك الحديدية .
ومنها مشروع تطوير نظم الإشارات على خط سكة حديد القاهرة الإسكندرية بطول 208 كم والجاري تنفيذه حاليًا بمعرفة شركة تاليس الإسبانية العالمية بنظام الكتروني حديث .
والذى يحقق أعلى معدلات الأمان ويتكون المشروع من (19 برج رئيسي و 15 برج ثانوي و 80 مزلقان) وأن نسبة تنفيذ المشروع بلغت ٧٧% وتم حتى الآن دخول عدد 11 برج رئيسي الخدمة وهي (قويسنا – بركة السبع – كفر الزيات – ايتاي البارود –دمنهور – أبو حمص – طوخ – سندنهور – كفر الدوار – قها – قليوب) و10 أبراج ثانوية و58 مزلقانات الخدمة .
هذا بالإضافة إلى التطوير المدنى للمزلقانات والذى يهتم بتجهيز وتطوير البنية الأساسية وطرق ومداخل المزلقانات قبل التطوير الإلكترونى وهى تتطلب تكاليف عالية كما تتطلب التعاون والمشاركة من قبل المحافظات التى تقع فيها الخطوط .
توريد عربات قطارات وجرارات جديدة . ثانياً :
صفقة توريد 1300 عربة جديدة وهى أكبر صفقة في تاريخ سكك حديد مصر والتي وقعت عقد مع شركة ترانسماش الروسية الممثل للتحالف الروسي المجري .
ووصل إجمالي عدد العربات التي وصلت حتى الآن الى 186 عربة على أن يتوالى بعد ذلك وصول باقي العربات على دفعات وفقًا للجدول و تساهم فى رفع كفاءة التشغيل اليومى وانتظام جداول التشغيل خاصة و أن ذلك يتزامن مع مشروعات تحديث أعمال البنية الأساسية للهيئة الجارى تنفيذها من نظم إشارات وتطوير مزلقانات وتجديد قضبان، وتحسين وتطوير المحطات والورش لتحسين مستوى الخدمة .
وتشمل صفقة الـ 1300 عربة جديدة للركاب عدد (500 درجة ثالثة مكيفة وهى خدمة جديدة يتم تقديمها للركاب لأول مرة في تاريخ سكك حديد مصر ،و180 درجة ثانية فاخرة ، و90 عربة درجة أولى فاخرة و30 عربة بوفيه مكيفة) و500 عربة درجة ثالثة ذات تهوية ديناميكية .
مشروع القطار الكهربائي : _
ويعد مشروع “القطار الكهربائي السلام العاصمة الإدارية الجديدة العاشر من رمضان” من أهم المشروعات ويبلغ طوله 70 كيلومترًا، ويشمل إنشاء 12 محطة على طول المسار كما يشمل نطاق العمل بالمشروع تنفيذ عدد 6 كبارى، وكذلك عدد 2 نفق للقطار الكهربائى بالإضافة إلى إنشاء عدد 4 كبارى للسيارات لخدمة المدن الجديدة .
وسيساهم المشروع فى ربط مدينة القاهرة الكبرى بالمجتمعات العمرانية الجديدة والعاصمةالإدارية الجديدة وخدمة المستثمرين والمناطق الصناعية بالإضافة إلى أهميتها الكبيرة فى تعظيم منظومة النقل الجماعى كما سيتم مد خط القطار الكهربائى جنوب العاصمة الإدارية بطول 14كم ليصل إلى المدينة الرياضية العالمية حيث سيتم إنشاء 3 محطات فى هذه المسافة. ليصل إجمالي طول القطار الكهربائي الى84كم وعدد محطات 15 محطة ، وذلك فى إطار التكامل مع شبكة الطرق البرية وخط المونوريل الجديد لزيادة خدمات ومحطات نقل الركاب وتجهيز المحطات التبادلية لنقل الركاب وخاصة فى إقليم القاهرة الكبرى .
المشروعات الجديدة : _
تم الاتفاق بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر والهيئة العامة للموانئ البرية والجافة وتحالف شركة الديدى جروب وجاما للإنشاءات على هامش فعاليات معرض تكنولوجيا النقل ٢٠٢٠ على إنشاء قطار كهربائى لربط ميناء غرب بورسعيد بميناء أبى قير بالإسكندرية لخدمة المشروعات الممتدة فى المنطقة الساحلية والموانئ والمشروع يتضمن تنفيذ ميناء جاف بميناء دمياط ومركز لوجيستى وربط هذا المشروع بشبكة السكك الحديدية القومية .
مجال التعليم والتدريب :_
وفى مجال التدريب والتطوير تم التعاون مع معهد تدريب وردان والذي تم إنشاؤه بمنطقة وردان عام 1968 على مساحة 150 فدان ويبعد 50 كم عن القاهرة، وقد تم تجهيزه وتطويره على أحدث التجهيزات وهو يحتوي على ورش ومعامل وفصول دراسية وقاعات للمحاضرات
وتم إنشاء المعهد الفني لتكنولوچيا السكك الحديدية داخل مركز تدريب وردان بقرار من وزير التعليم العالى والبحث العلمى رقم 2340 بتاريخ 3/7/2019 وهو تابع لوزارة النقل .
وتم عقد بروتوكول مع شركة الستوم بخصوص عملية محاكاه وذلك على هامش معرض تكنولوجيا النقل ٢٠٢٠ وهى من الشركات العالمية الرائدة في مجال تطوير وتسويق أنظمة متكاملة توفر الأسس المستدامة لمستقبل النقل، وتقدم مجموعة كاملة من المعدات والخدمات، من القطارات فائقة السرعة والمترو والترام والحافلات الإلكترونية إلى الأنظمة المتكاملة والخدمات المخصصة والبنية التحتية وحلول الإشارات والتنقل الرقمى .
وفى إطار التحول الرقمى يجب تطوير معظم الخدمات المقدمة للركاب وكذلك توفير الخدمات المقدمة لنقل البضائع على بعض الخطوط وفتح الباب لمشاركة القطاع الخاص فى تقديم بعض الخدمات للركاب أو لنقل البضائع من من خلال اتباع نظم الخصخصة الناجحة فى هذا القطاع ، ولا بد من زيادة الاستثمارات الموجهة لهذا القطاع بالإضافة إلى دراسة وبحث سبل زيادة الهيئة القومية لسكك حديد مصر لمواردها لما تتطلبه معظم المشروعات من تكاليف ضخمة وبالتالى يجب التوجه نحو قطاع نقل البضائع والمواد الخام وكذلك محاولة الاستفادة من أراضى السكك الحديدية والتى يطلق عليها حرك السكة الحديد وذلك فى ضوء قانون السكك الحديدية لعام 2005 ، والاتجاه لنقل الحاويات من الموانئ المصرية للداخل عبر خطوط السكك الحديدية وخاصة أن معظم الموانئ البحرية تصلها بعض وصلات السكك الحديدية إلى الأرصفة مما يزيد من كفاءة النقل البحرى أيضاً وسرعة سحب البضائع وارتباط تلك الوصلات بالشبكة القومية لسكك حديد مصر ، وتستهدف خطة الدولة الربط والتكامل اللوجيستي مع كافة محاور النقل البحرى والبرى على الطرق والسكك الحديدية على مستوى مصر وإستحداث وتطوير بعض خطوط السكك الحديدية فى الصحراء الشرقية والغربية وخاصة لنقل المواد الخام ومنها خط سكة حديد قنا سفاجا وخط سكة حديد أبو طرطور قنا لنقل خام الفوسفات ، بالإضافة إلى الوصلات الجديدة التى تربط محافظة الوادى الجديد بوادى النيل ، كما تستهدف أيضاً الربط السككى مع القارة الإفريقية عبر الموانئ البرية الحدودية الجنوبية التى تربط جمهورية مصر العربية بجمهورية السودان وتشمل مينائي قسطل وأرقين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق