أقلام حرّة

زينب عبد الرحيم تكتب: قراءة المجتمع

بل نجد انفسنا امام روتين وقوانين لا تلائم حتى روح العصر في حل المشكلات الجديد منها والقديم ويصبح الحل اما بالتحايل على هذه القوانين او الاستسلام لدور الضحية بسلبية مطلقة

 

كيف لك وأنت فرد في هذا المجتمع أن تقرأ مجتمعك وأنت بطبيعة الحال مفردة من مفردات هذا المجتمع ?!
فأغلبية افراد المجتمع الواحد متعددين الطبقات والمعتقدات والثقافات فلا يوجد مجتمع متشابه إلى حد التناسخ ولكن من الأفضل أن يكون متجانس إلى حد التألف ، وتلك هي المجتمعات المرجوة التي لطالما سعى إليها الفلاسفة و الأدباء والشعراء والمصلحيين الاجتماعيين إن وجدوا .
ولهذه الأسباب والدوافع عزم العديد من الأنثروبولوجيين وعلماء الاجتماع والفلاسفة إلى دراسة المجتمعات البدائية على مستوى العالم وفى هذا الجانب تحديدا أعنى علماء الغرب اللذين وضعوا النظريات والمناهج العلمية والتي تعرضت إلى النقد والتعديل وأيضا إلى التطوير ، فالعلم بطبيعته نسبي ولا يقف عند أحد فالنظرية التي تنشأ في دراسة مجال ما لابد لها وأن تقف عند حدود زمان ومكان نشأتها ثم يأتي آخرون يتجاوزون هذه النظرية سواء بالنقد او حتى بالاعتماد عليها في إنشاء نظرية جديدة تلائم احتياج العقل وتجيب على عدة تساؤلات عجزت النظرية الأولى في الإجابة عنها ، ومن هنا جاءت نسبية العلم في جميع المجالات المتعلقة بالعلوم الإنسانية التي عجز الكثير من العلماء والدارسين إلى إخضاع مثل هذه الظواهر الإنسانية إلى نتائج دقيقة وحاسمة مثل العلوم التجريبية كالفيزياء ،الكيمياء ، الرياضيات وحتى الطب .
فهذه العلوم نستطيع ان نجد لها قوانين حاسمة ينتج عنها نتائج وقوانين واضحة لا تتغير ، أما في حالة المجتمعات والظواهر الإنسانية نجد ان سلوك الانسان متغير غير ثابت متأثرا بكل الظواهر الكونية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية من حولة بالإضافة إلى العوامل السياسية العالمي منها والمحلى ولم يتأثر الإنسان بهذه الظواهر فحسب بل ان المعتقد الديني يؤثر فيه منذ القدم حتى من قبل أن يصبح لدينا كتب سماوية لها قدسيتها وشرعيتها التي تكاد ان تصبح مطلقة ولا جدال فيها كما هو الحال في عصرنا الحالي .
فكل هذه العوامل والمؤثرات المتغيرة بالضرورة ،كيف لنا أن نضع لها قوانين ثابتة على شاكلة قوانين حساب المثلثات او البرهان ?! فهذا أمر شبة مستحيل فإذا كانت طبيعة الإنسان وسلوكياته وحتى أمراضه النفسية والعقلية مختلفة ومتنوعة تنوعا شديدا يصل إلى حد الفردية بمعنى أن كل شخص حالة فريدة من نوعها يجب قراءتها بشكل منفصل واعى بعيدا عن التعميم ، ومع كل ذلك نجد ان الظواهر الاجتماعية غير السوية مثل ظاهرة الانتحار او التحرش أو حتى العنف سواء كان عنفا رمزيا او عنف يترك آثاره على جسد الضحية المتضررة تدرس وتقرأ بشكل جمعي وليس فردى وهل دراسة المجتمع برؤية جمعية أثمرت عن نتائج وحلول للقضاء على هذه السلوكيات الغير سوية ? الإجابة بالطبع لا لم تحل مشكلات الإدمان ولا الطلاق المبكر ولا التحرش ولا تأخر سن الزواج ولا أي مشكلة من هذه المشكلات التي تعطى لنا في اليوم الواحد مئات الاستغاثات ولا حياة لمن تنادى ، بل نجد انفسنا امام روتين وقوانين لا تلائم حتى روح العصر في حل المشكلات الجديد منها والقديم ويصبح الحل اما بالتحايل على هذه القوانين او الاستسلام لدور الضحية بسلبية مطلقة ، فقراءة مثل هذا المجتمع المليء بالمشكلات التي لم تعالج بعد يلزم لها من يجيدون قراءة المشكلات ويحسنون كتابة الحلول .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق