أقلام حرّة

خالد جعفر يكتب: العابسون في سراديب الظلام!

 

كانت الشخصية المصرية دائماً على مر العصور مسايرة للرقي والتحضر والتطور وكان لها طبيعة خاصة متفردة في التأثير والتأثر وتضيف إلى جمال طبيعتها ما يتوافق مع قيمها وعاداتها وتقاليدها فتزداد جمالاً على جمال ، ورغم كل المحن والصعاب التي واجهتها كانت تخرج منها قوية وفتية وبهية ، وكأن الله خلقها ليحفظ بها هذا التوازن الكوني حتى يوم القيامة وكان هذا هو قدرها .

   امتزجت فيها عبر العصور عناصر بشرية من كل أجناس الأرض فاندمجت مع المجتمع وتعايشت وطورت وابتكرت ونجحت وتمصرت . 

كان من الطبيعي أن تمتد أيدي التخريب للنيل من هذا الوطن لما فشلت حروبهم وأسلحتهم تولدت لديهم فكرة العبث في الشخصية المصرية لما وجدوا أنها هي محور بقاء هذا الوطن وقوته .  

ولا أحد يستطيع أن ينكر أن ملامح الشخصية المصرية حدث فيها تغيير خلال العقود القليلة الماضية ، ولا أقصد هنا التغيير الشكلي بالطبع ولكنني أقصد ملامح السلوك والثقافة والفكر . فالراصد للواقع يرى أن الأمر تجاوز كل الحدود وكل القيم وكل التقاليد والأعراف بظهور طائفة من الكارهين والعابسين والحاقدين وأصحاب النظرة التشاؤمية . جيناتهم العقلية ليست من طبيعتنا ، نظراتهم الحادة ليست نظرتنا ، قلوبهم السوداء تتنافى من قلوب المصريين الطيبة ، تصادفهم كثيراً في كل مكان ، بارعون في كل أنواع الكذب ويكرهون فكرة الدافع إلي الصدق فلسانهم يكذب وقلوبهم تكذب وعيونهم تكذب .. يتوضؤون ويكذبون ويصلون بخشوع ثم يكذبون، يرفعون أيديهم بالدعاء وهم ناقمون .ولو أن عليهم أن يختاروا بين خيانة قلوبهم وخيانة ضمائرهم لتمنوا أن يكون لديهم الشجاعة لخيانة وطن بكامله .. هم يعيشون في ثوب عفا عليه الزمن ولا يجدون لاستبداله سبيلا ، كلما ضاق عليهم يصغرون معه .

لم أكن أؤمن يوماً أن الإنسان ضحية لفترة زمنية أو غنى أو فقر ولكن الإنسان ضحية نفسه وفكره وعقله وثقافته .

هم يعيشون على إرث بشري ناطح عقولهم وانتصر عليها وجعلوه مقدسا وعاشوا في وهمه . ليس لهم من العقل والفهم العميق أن يدركوا أن كل رؤية بشرية هي رؤية غير مطلقة وان العقل البشري لديه من القصور أكثر من الكمال . 

المتفائلون يؤمنون أن للحياة وجهة أخرى جميلة وأمل مشرق ينتظرهم ، والإنسان العاقل السوي لا يسلم عقله لأحد بل يسعى إلى تكوين عقله بنفسه مما يجعله يملك حرية الاختيار، هو يسمو بسلوكه وثقافته وفكره إلى أن يصل إلى امتلاك قراره ورأيه الحر .

 

 

  

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق