أقلام حرّة

ناهد الزيدي تكتب: البرق يسقط من قلبي.!…

 

لحظة انعثاق
عناق ابدي
جعلني أكون ما لم أكنه من قبل

1 – وزر الآتي وما انقضى:

أحمل وزر الآتي على عاتق ما انقضى.
وأسير صوب أقاصي المدى، والصدى، والديجور.
على كفي كم ثقيل هو عمري!!
هنا..
هنا في أوج سيزيفية الحياة، يشع قدر من الأقدار في نزعه الأول محاط بجلبة الهناك.
ثمة سماء “سيدها” يضفي على الخلائق نعما سابغة، وما فاض من رحمات تلج تضاعيف السكنات المنظورة لصنيع الإشراق الغزير في الذوات.

2 – في حضرة الجلالة:

في حضرة النور…
ليس ثمة غير الاسترسال في النشيج.
ثم موت كتابة المحو ليحيا محو المكتوب..!!
القلب الأواب يمتطي نبضه ليترجل عند فجر الحياة، حيث بدء الخليقة من صلصال الذاكرة.
أقلت:
“صلصال الذاكرة”..!!؟؟
بلى.
لأن الصلصال دليل على الماهية.
ولأن الذاكرة نموذج للبعث والنشور.

3 – دلالة العوارف وفيض البوارق:

يا الله..!
بلسم هو النداء لجماع الندوب وكل الجروح.
كلمة توحيد حوت ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على ضمير إنسان!
في النداء يكمن “الحلول في الذات الألهية”، كما علمنا شيخنا الباسق ابن عربي.
-ويوجعني سؤال:
– أيكون حلول ذات مخلوقة في ذات خالقة بغير آداة تلغي المسافة الماثلة والملتبسة..!؟!
وما المسافة – هنا – سوى ما تمليه الروح من:
أ – قليل الكثير من دلالات العوارف.
ب – كثير القليل من فيوض البوارق.

4 – ما خفي ودق وشف:

في “ذات الجلالة”…
تتلالى العوالم جميعها.وتلمع أكوان وعوالم وسرمديات.ثم يتجلى الواحد الأحد في ديمومة الأزل.
جبار في رحمته الحانية.
رحيم في جبروته الأعلى.
إذا لي تجلى – تجلى في زهرة وفي عين طفل وفي سنن لا تبغي بديلا.. -:
يأخذني الوله أخذا.
أخر ساجدة، راكعة، مبتهلة.
وفي الروح غرام، شوق، وتوق، وعشق.
أراه – هو ذو الجلال والإكرام -:
من مسافة الدواخل المتقدة بحضوره الديمومي الخارق.
ويراني – أنا الذات الجائعة إلى رحمته، الفقيرة إلى نوره، الثرية بسلامه -:
من جماع أقطار ما خفي، وما دق، وما شف.

5 – أرنو إلى ظل مأواك:

يا ربي..!
في أعاليك – حيث الملكوت الأخلد -:
أتطلع إلى نجواك.
أرنو إلى ظل مأواك.
ويصفو العمر إذا طمع في جوارك الذي لا جوار غيره.
وما ينقضي الإبهار إلا ليبدأ.
سبحانك في عزتك، وفي علوك، وفي إحاطتك التي أبدا لا تأخذها سنة من نوم.
تأخذني إليك رحمتك كلما خلوت بقلبي ساعة تفكر شفيف في عجائب مخلوقاتك.
وأنجذب نحو ثوابك حين ألمح خطايا تمشي فوق أديم ملكك يا من خضعت له كل الدنى.

6 – في غمرة النور:

أيان تلوت آيات بينات من إعجاز كتاب الله:
تتجسد إزاء عين روحي فيوض الجلالة التي تغمر كياني وأغدو – بتأثيرها الموغل في أصلابي وثرائبي- ذاتا ما لها من وال غير ذات انجبتها.
في غمرة هذا النور الذي لا وصف له، تنأى النفس – نفسي – عن آثام قد تأتي وتخدش صفاء اللحظة..!!

7 – على قارعة حياة الموت:

وحدها السماء.
وحدها في صيرورتها البينة، تعيد إنتاج ذاكرتنا البشرية تلك المنخرطة في تذكر مقامنا الأخير!!
أجل ملاذنا النهائي.
مقامنا بجوار الواحد الصمد “الذي لم يلد ولم يولد”، والذي إليه مرجع العمر، والقدر، والحضور، والغياب.
وبين سماء وأرض..
بين دنيا وآخرة..
بين نسيان يلمع في تذكر..
وتذكر يقبض على زناد نسيان..
بين جماع ذلك:
تفنى الهواجس.
وتضمر الرغائب.
وتأتينا غاشية الحياة التي منحناها أكثر مما منحنا مصير ما ينتظر على قارعة موت يأخذنا صوب حياة..!!

8 – عابرة في كلية المقيم:

في حلي، كما في ترحالي، في سكوني مثلما في جلبتي، ما ذرفت دمعا على الموت.
دمعي ممهور بتلك الوالهة المسماة الحياة!!
ذلك أنه أمام الأزل – يالله – لا يصبح للمقيم من زهو.بل هو العابر من ينفتح على جروحنا..!!
أجل:
ما جرح الحضور بأكثر إيلاما من جراح الغياب!!
أن تحضر – بمشيئة المهيمن – فأنت عابر في عبور لا يني يسحبك إلى التلاشي.
أن تغيب – بمشيئة الرحمان – فأنت في فلذتك وهبت كليتك لمقام ما به من بقايا زوال.

9 – أواصر اللقاء المرتجى:

يهبنا الحياة في ثياب موت.
ويصيبنا بموت يتزيا بخلود حياة!
هو الله تجلى في علوه نصير به وإليه.نستند عليه لنقاوم زهرير الوجود.
وفي انتظار الصعود نحو الأعالي، نهبط درجات في ذاك العصيان الذي هو عين مآسينا..!!
وحده الأجل يحرس – بعين لا تنام – تلك المسافة بين عمر انقضى، وعمر آت.
الله تعالى يحيط بنا من جماع الأقطار.تلك عنايته التي بها نجسر أواصر اللقاء المرتجى.
بيد أننا ننسى أن اللقاء الأخير يشرع أبوابه مع أول صرخة حياة نطلقها حين تنبعث فينا الحياة هنا.
وبين هنا وهناك:

10 – لعلني “أرى” الله في قلبي:

ثمة براق خلاب ينتظرني.
برق أمتطيه كلما هزني شوق إلى المثول بين يدي رب العباد سبحانه وتعالى.
أركبه نشوانة، ومتجللة بأشواقي.
عساني أبلغ سدرة رجائي.
لعلني “أرى” الله في قلبي.
لعلني “أكلم” الله في نجواي!
ثم…
ألج المنتهى، منتهى سفري الروحي، بلا وعثاء المسير.وبلا أوصاب المسار!
حين “رأى” ابن عربي الله تيقن أن “الرؤيا” هي السبيل الأوحد المؤدي صوب “الرؤية”.
وكلتاهما – الرؤيا والرؤية – غيم نركبه لنبلغ حقيقة نفوسنا إزاء وهم ذواتنا.
ووحده الله..
وحده فوق ضيق الرؤية.
وحده أوسع من شسوع الرؤيا.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق