المميزةحوارات ساخنة

في حوار خاص.. المستشار د. عمرو عبدالرازق رئيس محكمة أمن الدولة العليا السابق: الدستور الجديد يقود مصر نحو العالمية.. وأنقذ استثمارات قيمتها 4 تريليون جنيه

القضاء المصرى بات يشهد مزيداً من الاستقلالية والشموخ فى عهد الرئيس السيسى

 

محاربة الإرهاب أولوية قصوى.. و«السيسي» غير نظرة العالم عن جماعات الشر!

إصلاح قوانين الاستثمار مقدم على جذب رءوس الأموال الأجنبية.. وتعديلات قانون الجمارك نقلة نوعية

مصر الشقيقة الكبرى للوطن العربي.. والعلاقات المصرية الإماراتية السعودية مصيرية

أجرى الحوار: ماجدة خليل

قال المستشار عمرو عبدالرازق رئيس محكمة أمن الدولة العليا السابق، إن التعديلات الدستورية الأخيرة التي وافق عليها الشعب بنسبة 88.83% ستنقل مصر نقلة عالمية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وأكد عبدالرازق في حوار خاص ، أن التعديلات الأخيرة أنقذت نحو 4 تريليون جنيه رصدتها الدولة ضمن الخطة الاستثمارية 2014-2020، لتنفيذ مجموعة من المشروعات القومية الكبرى في مختلف القطاعات، منوها إلى أنه تمّ إنفاق أكثر من 2 تريليون جنيه، حتى ديسمبر 2018، في نحو 9039 مشروعاً، بنسبة تنفيذ تجاوزت 54% من الخطة المستهدفة… وإلى نص الحوار…

تشهد مصر حالياً سعياً جاداً وملموساً ومضى قُدُماً لتنفيذ إستراتيجية متكاملة من التنمية المستدامة والشاملة، وضعتها الدولة وتبنتها لتحقيق انطلاقة اقتصادية واجتماعية وتنموية تحقق مستهدفات الدولة وصالح المواطنين.. بوصفكم أحد خبراء الاقتصاد والتنمية، ما هى أهم ملامح هذه الخطة التنموية فى مصر، وإلى أى مدى تستطيع أن تحقق الأهداف المرجوة منها؟

سيادة المستشار ما هو رأيك في التعديلات الدستورية الأخيرة التي أقرها الشعب المصري؟

أولاً الشعب المصري هو صاحب القرار الأول والأخير، وقد حسم الشعب معركة التعديلات الدستورية بأغلبية ساحقة بلغت 88.83%، بعد أن وجد الحاجة ملحة وضرورية لتعديل بعض مواد الدستور التي كانت تعوق مسيرة البناء والتنمية والعدالة الناجزة في مصر.

وما هي أهمية هذه التعديلات التعديلات على المستوى القومي للبلاد؟

التعديلات الدستورية الجديدة لها سوف تقوم مصر إلى مصاف الدول العالمية، وسوف تؤتي ثمارها على كافة المستويات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، وسوف تساهم في استكمال خارطة الطريق التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي فور توليه رئاسة مصر فى يونيو 2014 بكافة القطاعات، ومنها المشروعات القومية والتنموية الضخمة، في مسعى حقيقي للنهوض بواقع الاقتصاد الوطنى، والذي كان يعانى من تحديات وضغوط عدة، بُغية إحداث حراك فى كافة مناحى المجتمع المصرى، وحشد طاقات المصريين.. فقام بإطلاق حزمة من المشروعات القومية والتى تمثل قاطرة للنماء وآلية لتحقيق تنمية مستدامة تمتد لمختلف المدن والمحافظات المصرية.

كما عملت الدولة جاهدةً – ولا تزال – على تبنى وتحقيق عدد من الخطوات والإجراءات الجادة على صعيد استعادة الأمن والاستقرار واقتلاع جذور الإرهاب، حيث أن لا تنمية حقيقية بدون أمن، فضلاً عن العمل على تنمية سيناء واستغلال مقومات الثروة الكامنة بها، وتعظيم الاستفادة من عبقرية موقع مصر الجغرافي، وتحويل قناة السويس من مجرد مجرى ملاحي إلي منطقة تنموية عالمية متكاملة تضم بين دفتيها كيانات صناعية ولوجيستية وتجارية ضخمة، بالإضافة إلى استهداف فتح آفاق أرحب للاستثمار والتصنيع، وجعل مصر مركزاً لتداول الطاقة، والخروج من الوادى الضيق وزيادة المساحة المأهولة بالسكان عبر إقامة مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة، وتحقيق الأمن الغذائى وسد الفجوة الغذائية، وتقليل معدلات البطالة، وكل هذه المشاريع والسياسات كانت تستدعي وتستلزم تعديل الدستور.

المستشار الدكتور عمرو عبد الرازق

كيف ترى مستقبل التعاون بين مصر والأشقاء العرب وفي مقدمتهم الإمارات والسعودية؟

مصر هي البيت الكبير الذي يضم الأسرة العربية، والأشقاء العرب يعتبرون مصر الشقيقة الكبرى التي تحتوي جميع أينائها وأشقائها العرب.

وتظل العلاقات المصرية الإمارات دائماً وأبداً بإذن الله تعالى نموذجاً مثالياً للتعاون الاستراتيجى البنَّاء بين الدول العربية، ومسيرة ممتدة من التعاون والتفاهم، من منطلق اعتزاز قيادة البلدين بالعلاقات التاريخية والإستراتيجية التى تجمع بين الدولتين الشقيقتين، وحرصهما الجاد على الاستمرار في تطوير وتعزيز آليات التعاون الثنائى بين البلدين في مختلف المجالات، بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين اللذين تربطهما علاقات مودة وأخوة وثيقة.

وتتسم العلاقات بين مصر والإمارات الشقيقة بأسس وروابط قوية، نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التى يتمتع بها البلدين على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.

وتكتسب هذه العلاقات المزيد من الاتساق والمتانة والفاعلية لاسيما في ضوء تفاقم الأزمات بالمنطقة وتعقيد التحديات التي تواجه أمتنا العربية، حيث تؤكد قيادة البلدين دوماً وبشكل فعال حرصها على استمرار التنسيق والتشاور المكثف بينهما ومع الدول العربية الشقيقة، بغية مجابهة ما تواجهه الأمة العربية من تحديات وأزمات، والتصدى كذلك بكل حزم وحكمة للتدخلات في الشئون الداخلية للدول العربية على نحو يستهدف زعزعة أمن واستقرار المنطقة وشعوبها.

كما تتوافق رؤى البلدين حول أهمية المواجهة الشاملة لظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف، وأهمية تضافر جهود المجتمع الدولي وتعزيز العمل العربي المشترك بهدف منع التنظيمات الإرهابية من الحصول على السلاح والتمويل والعناصر الإرهابية، فضلاً عن منحهم الغطاء السياسى والإعلامى.

وعلى الصعيد الاقتصادى، فإن مصر والإمارات ترتبط بالعديد من الاتفاقيات الاقتصادية، لعل آخرها خلال الفترة الماضية كان اتفاق الشراكة المصرية الإماراتية لتطوير المناطق الحرة من خلال شركة موانئ دبى، واتفاق استصلاح وزراعة 180 ألف فدان لإنتاج السكر, وكذلك إنشاء مدينة فندقية وترفيهية بمحافظة مرسى مطروح على مساحة 172 فداناً، ليصل إجمالى قيمة حجم الاستثمارات فى المشروعات الثلاثة إلى أكثر من مليار دولار.

والخلاصة أن ما يجمع بين مصر والإمارات والسعودية مصير مشترك وليس فقط المصالح المعتادة في العلاقات الدولية، حيث يؤمن الدول الثلاثة بوحدة المصير المشترك، وأن ما يؤثر على أية دولة ينعكس على الأخر وعلى باقى الأشقاء العرب والعكس صحيح.

وكيف ترون دور ومهام مصر خلال المرحلة المقبلة على صعيد ترأسها للإتحاد الأفريقى؟

لا شك أن هناك مجموعة من التحديات التى تظهر في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية على حدٍ السواء، وقد أعلنت القيادة السياسية فى مصر أنه فى ظل هذه التحديات تتمحور أولويات الاتحاد الأفريقي لعام2019  حول دفع التكامل الاقتصادي الإقليمي على مستوى القارة، من خلال التركيز على زيادة الاستثمارات في مجال البنية التحتية، وتسهيل حركة التجارة البينية من خلال الإسراع بإدخال اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية حيز النفاذ، فضلاً عن الاستمرار في وضع برامج وخطط التنمية المستدامة فى إطار أجندة أفريقيا 2063 موضع التخطيط والتنفيذ المتدرج والفعال.. حيث أن مصر خلال رئاستها للإتحاد الأفريقى تتطلع كعادتها دوماً للتعبير عن شواغل الشعوب الأفريقية الشقيقة، الرامية لتحقيق الاستقرار والتقدم ودفع عجلة التنمية بما يحقق صالح شعوب القارة الأفريقية.

وقد أكدت القيادة السياسية المصرية مؤخراً أن ثمة تحديات مهمة تظهر بوضوح حالياً فى منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية على حدٍ سواء، والتى تشهد نزاعات مسلحة وحروباً أهلية وصدامات عرقية ومذهبية وهجمات إرهابية، فضلاً عن مشكلات الفقر والبطالة وضعف الإنتاجية وتردى مستوى الخدمات المختلفة، وما يرتبط بها من أزمات اقتصادية وعدم استقرار للأسواق ​المالية وللتدفقات الرأسمالية، وتفاقم ظاهرة الديون.. وهى جميعها مشكلات تتطلب تعاوناً دولياً صادقاً لحلها، يقوم على مراجعة وتقييم نماذج التعاون التقليدية، بما يُسهم في إنهاء النزاعات والنهوض بعدد من المجالات ذات الأولوية، بالإضافة إلى الارتقاء بمستوى التعليم والصحة وتطوير البنية التحتية والزراعة والتنمية الريفية وخلق الوظائف وزيادة الاستثمارات والتجارة وتعزيز الاندماج والتكامل الإقليمى.

 

ما هى رؤيتك للبرلمان المصرى فى دورته الحالية؟

مجلس النواب المصرى فى دورته الحالية من المفترض أن يشرِّع لمستقبل هذا البلد على الأقل للسنوات الخمس المقبلة.. حيث أن البرلمان الحالى يمثل بالفعل برلمان القرارات والقوانين الحاسمة التى ستؤسس لمرحلة جديدة ومختلفة تماماً فى تاريخ هذا البلد العريق، فهناك الكثير من القوانين السابقة التى تم إقرارها فى البرلمانات السابقة يجب إعادة النظر فيها وإقرار أو تعديل ما نحتاج منها بعد طرحها للمناقشة.

فالجميع يدرك دقة وخطورة اللحظات التى تعيشها مصر الآن، ويدرك كذلك حجم المؤامرات التى تحاك ضدها سواء فى الداخل أو الخارج، وإذا كانت مصر تعيش فترات استثنائية فى تاريخها، فيجب أن تكون هناك أيضا قرارات استثنائية، ورؤية شاملة سواء على مستوى التشريع داخل البرلمان أو ما يمكن أن نتحدث بشأنه فى إمكانية إجراء بعض التعديلات على الدستور بما يتلاءم مع مصلحة الشعب والوطن.

فلا أحد يستطيع أن ينكر أننا نعيش حالة حرب حقيقية مع أعداء يعيشون وسط الشعب المصرى، مما يزيد من حجم الأزمة التى نمر بها ومن المسئولية علينا جميعاً، وخاصةً كذلك مسئولية مجلس النواب، والذى من شأنه أن يشرِّع لحل كافة هذه المشكلات، وتطوير مختلف المناحى التى يعيشها الشعب المصرى على مدار السنوات المقبلة بإذن الله.

ما رأيكم في قانون الاستثمار الجديد ودوره في جذب رؤوس الأموال الأجنبية؟

لقد شَرُفت بالمشاركة بالرأى فى وضع قانون الاستثمار الجديد الذى تم تطبيقه، وهو بدون شك يمثل نقلة نوعية لتحفيز وجلب وتشجيع الاستثمار فى مصر سواء للأجانب أو المصريين.

ويضم القانون حزمة قوية من التشريعات المحفزة للاستثمار، منها تطبيق وتطوير نظام “الشباك الواحد” الخاص بمنح وإنهاء التراخيص للمستثمرين، وذلك لتفادى سقوط المستثمر فى دوامة البيروقراطية، وكذلك للمساواة بين المستثمرين، ومنح حوافز للمستثمر في المناطق النائية والفقيرة عن طريق بعض الضوابط التى يضعها مجلس الوزراء.

كما تم استبعاد الحوافز الضريبة التى كانت مطبقة فى السابق، باعتبار أن الضرائب لا يجوز التفريط فيها لأنها احد المصادر الأساسية لدعم الميزانية العامة للدولة. ولاشك أن دول العالم بدأت فى إلغاء الحوافز الضريبية بسبب زيادة التلاعب من جانب بعض المستثمرين، الأمر الذى أدى إلى خسائر للدول.  

والقانون الجديد من شأنه أن يحول مصر إلى مركز لوجيستى عالمى، شريطة وجود الضوابط والآليات المناسبة لتفعيل بنود هذا القانون، إلا أن الأمر يجب أن يشهد مزيداً من الحراك على أرض الواقع، خاصةً أن التجربة هى دائماً العامل الأساسى والفعلى للحكم على نجاح أو فشل القانون.

هناك أيضا قانون الجمارك الجديد الذى تضمن تيسيرات غير مسبوقة تعزز من أجواء الثقة فى مناخ الاستثمار بمصر، وفى الوقت ذاته تعطى الدولة الضمانات المطلوبة لضبط أية محاولة من جانب البعض لاستغلال هذا المناخ للتهريب، وتعديلات قانون الجمارك تتضمن تأجيل وتقسيط سداد الضريبة الجمركية علي الآلات وخطوط الإنتاج الخاصة بالإنتاج الزراعى أو الصناعى، كما أن القانون الجديد سيكون متماشياً مع الاتفاقية العامة لمنظمة التجارة العالمية، مما يمنح المستثمر الأجنبى مزيداً من الثقة فى الاستثمار بمصر.

ويجب هنا التأكيد على أن كافة هذه التعديلات الجديدة لم تغفل حق الدولة فى الحفاظ على حقوقها وأمنها الداخلى.

وبرأيكم، كيف نصنع جيلاً جديداً من شباب المستثمرين العرب؟

الواقع المصرى حالياً، مثله كمثل الواقع العربى، أصبح يفرض علينا ضرورة اللجوء الى حلول غير نمطية لمواجهة المشاكل والأزمات المتراكمة، والوقت الحالى يفرض علينا البدء فى إعادة صناعة “المستثمر الصغير”، حتى ينهض بالبلاد فى المرحلة المقبلة.

وقد قمت شخصياً خلال الفترة الأخيرة بإعداد برنامج متكامل للقضاء على مشكلة البطالة التى يعانى منها العديد من الشباب فى عدد من المناطق والأحياء بالعاصمة المصرية القاهرة.

فهناك أزمة بطالة بين الشباب وإن كان معدلها قد شهد انخفاضاً ملحوظاً، وهناك برنامج متكامل بالتنسيق مع بعض الجهات الحكومية للتصدى لتلك الظاهرة، يشمل تقديم قروض ميسرة لإقامة مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر.. وقد نجحنا خلال السنوات الماضية، وبمعاونة العديد من الشباب والمؤسسات والكيانات المالية، فى إنشاء أكثر من 89 مؤسسة صغيرة من خلال تمويل من صندوق الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، حيث كان من ضمن شروط  ترخيص أى مشروع تشغيل 9 من الشباب العاطلين واستمرار المشروع لمدة 10 سنوات لضمان جديته.

بالإضافة إلى ذلك، وعلى صعيد الاستثمار بشكلٍ عام، لطالما تبنينا المطالبة بإعادة هيكلة قوانين الاستثمار وتحديد العلاقة بين العامل والمستثمر لجذب استثمارات أجنبية وعربية جديدة لمصر، مع إلزامهم بتشغيل العمالة المصرية بدلاً من الأجنبية، مع الحرص على توفير علاقة صحية وقوية بين طرفى العمل متمثلة فى العامل والمستثمر.

بالإضافة إلى قيامنا بتفعيل “مبادرة الأمل والعمل” التى سبق أن أعلنها السيد رئيس الجمهورية، وتطبيقها فى عدد من المناطق بالعاصمة المصرية وبقرى الريف، حيث نجحنا خلال الفترة الأخيرة فى توفير فرص عمل للعديد من الشباب والفتيات من حَمَلِة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة والعليا، للعمل فى بعض الشركات الكبرى والبنوك، وذلك من منطلق مسئوليتنا تجاه الشباب على مدار السنوات الماضية ولإيماننا بضرورة قيام المجتمع المدنى بدوره كتفاً بكتف مع الحكومة ومؤسسات الدولة، بما يحقق الصالح العام ويأتى بالخير لأبناء الوطن الذى نتشارك فيه جميعاً.

بحكم تخصصكم القانونى، وبوصفكم أحد رجال القضاء والتشريع والمحاماة البارزين فى مصر، كيف ترون حال المنظومة القضائية والقانونية فى مصر حالياً؟

لاشك أن القضاء المصرى شهد وسيظل يشهد مزيداً من الاستقلالية والشموخ فى عهد الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، نابعاً من اهتمامه بتطوير وإعلاء شأن العدالة فى مصر، وإيمانه بأن استقلال القضاء سيظل ركناً أساسياً من بنيان المجتمع وحصناً للعدالة والدستور.

ولقد استطاع الرئيس السيسى خوض معركة شرسة للانتصار لقيم العدالة والديمقراطية وحماية المصريين من الاستغلال والفساد والتجنى على حقوق الآخرين، وهو ما تضمن صدور مجموعة من التشريعات البرلمانية المهمة فى عهد الرئيس السيسي.. كما يعقد الرئيس لقاءات دورية ومباشرة مع أعضاء مجلس الهيئات القضائية للتعرف على أية معوقات من شأنها أن تحول دون تحقيق العدالة الناجزة، مؤكداً دائماً حرصه على ترسيخ دولة القانون اتفاقاً مع أحكام الدستور التي أرست مبادئ الفصل بين السلطات، بما يتضمنه ذلك من إنفاذ العدالة على الجميع واحترام استقلال القضاء وصون حرمته.

هذا، وقد أقر البرلمان مؤخراً خمس تشريعات تأخرت سنوات طوال بسبب الجدل المثار حولها وملامستها لملفات شعبية وفئوية حساسة، وهو ما تسبب في تراخى القيادات السياسية في عهد الرئيس مبارك والمخلوع مرسى فى اتخاذ مواقف واضحة من أجل تقديم قوانين منظمة للحياة اليومية تعود بالنفع على كافة أفراد المجتمع.

وتشمل هذه التشريعات المهمة قانون الاستثمار، والذى بات يتضمن حوافز لم يشهدها الاقتصاد من قبل، تستهدف تسهيل إنشاء الشركات والحصول على الفرص الاستثمارية، وتسرى أحكام القانون على الاستثمار المحلى والأجنبى أياً كان حجمه، حيث يسرى هذا القانون على كافة الاستثمارات بنظام الاستثمار الداخلى أو بنظام المناطق الاستثمارية أو بنظام المناطق التكنولوجية أو المناطق الحرة.

هذا بالإضافة إلى قانون الخدمة المدنية الذى تأخر صدوره لأكثر من 15 عاماً، وقانون مكافحة الإرهاب والذى صدر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى لحماية المصريين من نزيف الدم الذى تتسبب فيه الجماعات والتنظيمات الإرهابية التى بدأت باستهداف قوات الجيش والشرطة ومن ثم انتقلت لاستهداف مساجد وكنائس لإحداث فتنة طائفية.. غير أن هذا القانون كان بمثابة الرادع الأقوى من خلال تسريع محاكمة المتهمين وإصدار أحكاماً باتة، بعيداً عن التعقيدات القضائية التقليدية، كما ضمن القانون للدولة توفير مناخ من الاستقرار والانضباط فى الشارع، بوضع حدود للدعوات التخريبية في الأوساط العمالية والسياسية والتى تسبب في تكدير الأمن والسلم العام. أضف إلى ذلك تشريعات تنظيم عمل الجمعيات الأهلية، وتعديل قانون السلطة القضائية.

فيما يتعلق بملف الإرهاب لقد كان لكم باعٌ فى التصدى له ومحاربته فكيف ترى جهود الدولة فى التصدى للإرهاب؟

تعد قضية مكافحة الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي في مقدمة الأولويات على أجندة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه حكم مصر، ولاشك أن اهتمام مصر بهذه القضية اكتسب أبعاداً أكثر أهمية.

ويعود ذلك إلى نجاح مصر في إقناع العالم برؤيتها، التي عكست بها على مدى السنوات الأخيرة ضرورة المواجهة الشاملة للظاهرة الإرهابية، وعدم اقتصار هذه المواجهة على الجانب العسكرى المباشر – رغم أهميته ونجاحه من خلال عملية سيناء العسكرية – حيث أصبح المجتمع الدولي الآن أكثر اقتناعاً بضرورة المواجهة الأيدلوجية للأفكار الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب وملاحقة داعميه ومموليه، وكذلك الذين يوفرون لعناصره التمويل والدعم السياسى والملاذ الآمن والمنابر الإعلامية التي يبررون من خلالها جرائمهم الإرهابية الخسيسة، ويبثون سموم أفكارهم لأجيال من الشباب فى أنحاء العالم.

وأصبح العالم أكثر إدراكاً لأهمية الرؤية المصرية المتكاملة في مواجهة الإرهاب، وأكثر استعداداً للتجاوب مع المساعى المصرية لتفعيل نظام العقوبات التي تضمنها ميثاق الأمم المتحدة تجاه الدول والتنظيمات والمنظمات التي تدعم الإرهاب بأي شكل من أشكال الدعم المالى أو السياسى أو الإعلامى أو اللوجيستى، وهو ما طالبت به مصر خلال رئاستها لجلسات مجلس الأمن.. كما تحركت مصر من خلال الأُطر الدبلوماسية الدولية – وخاصة منظمة الأمم المتحدة – لتعزيز المواجهة الدولية الشاملة للظاهرة الإرهابية.

ويشير تقرير هيئة الاستعلامات، إلى أن تتبنى مصر إستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب خلال السنوات الأخيرة، بدأتها بالإطاحة بجماعة الإخوان الإرهابية من الحكم، ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئاسة البلاد، شن حرباً داخلية وخارجية ضد التطرف والجماعات الأصولية والمتطرفة، وبذلت القوات المسلحة المصرية العديد من الجهود والنجاحات على صعيد الضربات العسكرية الموجعة لهؤلاء الإرهابيين، كما بذلت الدبلوماسية المصرية بدورها جهوداً كبيرة على المنابر الدولية وفي العواصم الغربية للحشد ضد هذه الآفة الكبرى – الإرهاب – التي تهددها وتهدد دول المنطقة والعالم.

ومن ثَمَّ، فقد تعاملت مصر مع ظاهرة الإرهاب على عدة مستويات، محلياً وإقليمياً ودولياً، كما تم التصدى للنظرة الانتقائية لمواقف الدول الغربية تجاه الإرهاب، وإقناع الدول الرئيسية المؤثرة بضرورة تبني نظرة شاملة تنطلق من القناعة بأن كل التنظيمات الإرهابية فى المنطقة تنبع من إطار فكري وعقائدي واحد رغم اختلاف أشكالها وأهدافها، وأيضا تعزيز التعاون الثنائى مع القوى الدولية فى مجال مكافحة الإرهاب، بما يخدم المصالح المصرية والجهود الوطنية والدولية للتصدي للتهديدات الإرهابية.

وهل يمكن التصدى للإرهاب عن طريق القوانين؟

بالتأكيد، فهناك عدة طرق لمواجهة الإرهاب، كان فى مقدمتها إعادة النظر فى كل القوانين التى أصدرتها جماعة الإخوان أثناء فترة حكم محمد مرسى، لأن بعضها يسمح بقتل المصريين دون أى عقاب.. وقد سمحت تلك القوانين التي خرجت من برلمانهم لبعض المصريين برفع السلاح ضد بعضهم البعض في مواجهات، ولأول مرة نواجه نحن المصريين سواء على المستوى الشعبى أو الرسمى عدواً يعيش معنا وبعضه كان من أهلنا، ولكنه صبأ وكفر بمنطق الدولة.

كما أرى ضرورة إصدار مجموعة من القوانين الجديدة من خلال البرلمان القادم تتعامل مع متغيرات الأوضاع الأمنية فى مصر، وبما يلائم العدو الجديد الذى بات يعيش معنا، وهنا وجب أن ندرك أن محاربة هذا العدو لابد وأن تكون بعملية جراحية وأن يكون هناك بتر لتلك العناصر، وأن يتم تسريع إجراءات القضاء فى هذا الشأن.

هذا بالإضافة إلى بدء إحداث ثورة دينية يقودها الأزهر لتصحيح المفاهيم ومراجعة الأحاديث وإعداد الدعاة الجدد بما يتلاءم مع ظروف المرحلة، وهى الخطوة التى دعا لها الرئيس عبد الفتاح السيسى مراراً وقاد بدء تنفيذها.. فنحن هنا أمام معضلات قد تمس المعتقدات، ولذلك يحتاج ذلك التجديد فى الخطاب الدينى وترك المهمل والمهجور من كتب التراث التى أصبحت لا تناسب تطور المجتمع فى مناحى الحياة، خاصةً من النواحى التكنولوجية.

كما يجب بدء خطة شاملة لتطهير مؤسسات الدولة من عملاء الجماعات الإرهابية، التى نجحت فى تولى مناصب عليا فى بعض المؤسسات أثناء فترة حكم الإخوان.. فضلاً عن محاربة الفكر المتطرف بالقضاء على الفقر، وليس المقصود هو فقر الحاجة، ولكن ما نسعى إليه هو القضاء على فقر الفكر، وهنا يجب أن نلتفت إلى منظومة التعليم وما تحتويه المناهج من “تُخمة فى المعلومات” قد لا تفيد فى وقتنا الراهن ولا فى الظروف الدقيقة التى نتعامل معها.

وهل مازالت مصر تعانى من الفترة التى حكم فيها الإخوان المسلمون البلاد ؟

الرئيس عبد الفتاح السيسي سبق أن قال إن مصر ‏مليئة بالمشاكل.. وإن المصريين كانوا يعيشون في “بقايا دولة، وهي ‏أشلاء دولة لولا ستر الله لنا”… هذا هو نص كلام الرئيس وهو يعبر عن تلك المرحلة التى أعقبت حكم الإخوان..‏ وإن الحقائق المذهلة التى كشفت عنها لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان الإرهابية تؤكد أن مصر كانت تحت حكم تلك الجماعة تسير فى طريق اللاعودة.

حيث قامت اللجنة القضائية بمصادرة ما يقرب من 6 مليارات جنيه، فضلاً عن الأصول التى تشمل عقارات وأفدنة زراعية وأراضى ومستشفيات ومدارس ومحال تجارية تزيد فى قيمتها عن عشرات المليارات من الجنيهات، ولا شك أن كل هذه الأموال كان سيتم استخدامها لإشعال الشارع المصرى من خلال تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية والإجرامية التى لطالما استهدفت المواطنين البسطاء ورجال الجيش والشرطة.

فإن المعلومات التى كشف عنها أعضاء اللجنة حول ما كانت تسعى له تلك الجماعة الإرهابية لتنفيذ خطتها الرامية إلى أخونة البلاد يمثل كارثة بكل المقاييس، خاصةً أن المعلومات أشارت إلى حجم التنسيق والتداخل بين مؤسسة الرئاسة فى عهد المخلوع محمد مرسى ومكتب الإرشاد بقيادة المرشد محمد بديع ، الأمر الذى كاد يؤدى بالبلاد إلى السقوط المريع .

فإن مصر فى تلك المرحلة كانت أشبه بالفريسة التى يسعى الذئاب إلى تمزيقها والخلاص منها قبل أن يستفيق الشعب.. وقد شاهدنا جميعاُ فى تلك الفترة حصار المحكمة الدستورية ومذبحة القضاة التى حاول مرسى خلالها عزل أكثر من 4 ألاف من أشرف قضاة مصر للتخلص منهم.

وإننى أكرر دائماً أن التاريخ لن ينسى الجرائم التى ارتكبها هؤلاء فى حق مصر وشعبها، ومحاولتهم طمس تاريخها الممتد عبر الزمن، وهو ما يتطلب دائماً تقديم كل الحقائق ونشرها بالتفصيل على الشعب ليعرف الجميع ماذا كان يضمر هؤلاء لمصر.. كما أطالب بضرورة ضم تلك الحقائق إلى المناهج التعليمة فى المراحل الأساسية ولو بصورة مُبسَّطة، حتى يتم بناء الأجيال الجديدة على وعى بالمخاطر التى يشكلها التطرف والإرهاب على بلادهم. 

أخيراً، ماذا تطلب من الإعلام فى هذه المرحلة الدقيقة من عمر الوطن؟

أطالب وسائل الإعلام المصرية والعربية بضرورة إبراز النجاحات التى تحققها كافة مؤسسات الدول العربية، كلٌ فى بلاده، وأن تكون مُصدِّرة للطاقة الإيجابية للمواطنين والعاملين بكافة قطاعات الدولة من أجل تحفيزهم على التطور والإنتاج، وليس الطاقة السلبية من خلال النقد المطلق ومجرد الرغبة فى التغريد خارج السرب.. وذلك لأننى أرى أن عالمنا العربى يعيش حالياً فى ظروف ربما تكون الأدق والأكثر صعوبة فى تاريخ بعض الدول العربية، وهو ما يستلزم تكاتفنا جميعاً فى مواجهة قوى الشر والإحباط والعمالة لصالح الغرب.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق