المميزةمقال رئيس التحرير

9  برج الإيمان (1- 5 )

مذكرات ... الدكتور محمد عبد الحليم

 

أسرة الدكتور محمد عبد الحليم

 

بقلم : جمال عبد المجيد

اّمن بالقضاء والقدر…خيره وشره…محتسبا صابرا..لم ينحنِ أو ينعصرلخطوب الدهر ونوازله…ظل قابضا على الجمر 13 عاما منذ غرق العبارة السلام 98 في محيط البحر الأحمر  في 2006 وهو العام الذي فقد فيه الدكتور محمد عبد الحليم أسرته في تلك العبارة بعد أن غادوراجميعا – إلا هو- المملكة العربية السعودية حالمين بالارتماء في أحضان الوطن بعد غربةٍ غريبة في ظل ظروف هي الأعجب في تاريخ تلك الأزمة التي راح ضحيتها 1034 نفسا في جو ملئ بالأسرار والألغاز….

أكتب عن صديقي الطبيب محمد عبد الحليم وهو في عزلته الاختيارية التي فرضها على نفسه عقب تصالح الأمراض عليه من جراء فقده الأمل في كل شئ إلا الأمل في الله وفي حقه وفي عدله الذي تسطع شمسه ليل نهار حتي ولو كانت الليالي ظلماتٍ حالكات لم تفقده الفاجعة رباطة جأشه لكنه ظل رهين محبسه في غرفته التي تحكي أسرار رجل عاش من أجل قضيته..

أيوب العصر كما وصفته الصحافة المصرية رجلٌ من طرازٍ فريد عُرضت عليه الدنيا بحذافيرها فرفضها ،وسيقت أمامه اتهاماتٍ بلا دليل فلم يقبلها ودائما ما يردد” مقدرش أظلم حد بدون دليل” وظلت تلك الكلمات دستورا يمشي عليه في حياة رحلته التي بدأت من قرية “المنشية” بمحافظة الغربية مرورا بتجرع سُم الغربة في السعودية وليس انتهاءً بمعاقبته ونقله إلي محافظة قنا بصعيد مصر عقب اشتعال قضية غرق العبارة وحضوره جميع جلساتها ومرافعاته أمام قضاتها وهو الرجل الذي لم يتبحر في كتب القانون أو يدرس علم المحاماة وأصبح سلاح في ذلك القلم بعد أن تخللي عن مبضع الجراحة…

التقيته في 2006 وكتبت مثل غيري عن قضية العبارة السلام 98 وتعددت اللقاءات عقب هذا التاريخ سواء في صحيفتي أو في مسكنه المؤقت  الكائن بمحافظة الجيزة في منطقة “فيصل” وهو السكن الذي اتخذه الدكتور محمد عبد الحليم لمسكن الزوجية في عمارة كبيرة “برج”يدعي الإيمان رقم 9 وكأن قدر الطبيب يقول له” أنت في معية الله وإيمانه” وهو المسكن الذي شهد ذكريات الرجل وأولاده الأربعة ” اّلاء ونورهان وفاطمة وعبد الرحمن  وأمهم” تلك الأسرة التي كان خبئ لهم القدرأمرا وقدّر الله له أمرا اّخر بعد أن مكث في السعودية ورفضت السلطات هناك سفره مع الأسرة لأمرمفاجئ حدث داخل مستشفي الطوارئ الذي يشرف عليه ؛جعله يودعهم إلي سفرتهم الأخيرة بعد أن كانت الأقدار لهم بالمرصاد فاختاروا السفر بالعبارة بدلا من الطائرة التي سافروا بها مرارا وتكرارا ….

ظلت علاقتي بالطبيب متصلة… وكان يواظب دائما على كتابة مقال في موقع ” صوت الوطن” الذي يعد نافذته ؛للتعبير عما يجيش بصدره وأصبح مقال الطبيب ضيفا دائما على الموقع بعد أن أغلقت جميع النوافذ الصحفية لعدم احتمالهم كتاباته التي دائما ما تركز على الحق والعدل وهما محور قضيته ، قضية عمره شغلته ليل نهار ” طيرت النوم من عينه” وأصبح بسببها ضيفا دائما على أطباء الضغط والسكري ممن تابعوا حالته المرضية منذ أعوام ..

تداخلت الأيام …ودارت السنون والرجل ثابت لا يتغير..ورغم تمحور القضية وجريان مياه كثيرة في النهرإلا أنه واحدا من رجال قليلين استطاع هزيمة الصبر بعد أن فقد سنده وظهره فقد أباه الذي ظل يرعاه لسنين عديده هو وأشقائه ومن قبله فقد الأم ومن قبلهم فقد الأسرة..ورغم سلسلة الفقد المتوالية لكنه لم يفقد الحكمة ” ومن أوتي الجكمة فقد أوتي خيرا كثيرا”..

للمقال بقية…

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق