أسرار وحكاياتالمميزة

حاصد الأرواح.. 8

اللغز

بقلم… د.. أسماء كارم

جلس طارق في شرفة المستشفى المطلة على النيل .. وظل ينظر لجده في صمت .. لم يكن يجد البداية الجيدة أو المنطقية لحديث غير منطقي على الإطلاق .. لكنه اعتاد منذ الصغر الحديث معه في أي شئ .. خاصة عندما تنغلق أبواب التفكير ويجد نفسه أمام حائط مغلق لا ينهدم…. سادت دقائق لم يتحدث فيها أي منهما حتى قاطع جده الصمت قائلاً:

  • لما تلاقي نفسك محتار حدد نقطة تبدأ منها .. حاول تختار  نقطة البداية الصح علشان بعدها كل حاجة هاتتحل لوحدها .
  • لأول مرة ماكونش عارف اعمل كده يا جدو .. أنا لأول مرة أحس اني في وسط كل حاجة .. وأنا أصلاً مش فاهم حاجة .. مش عارف اللي انا فيه بدأ ليه وازاي .. لكن لقيتني في النص .
  • يبقى رتب كل اللي حصل الترتيب اللي يريحك .
  • اللي حصل يتلخص في كام كلمة مش قصص .. المستشفى .. مجدي .. حالة في أوضة 13.. رسالة السيد..كارت كوتشينة في جيبي .. حضرتك .. سارة .. دكتور علي .. الأرشيف .. بشرى .. المقابر .. وانا هنا دلوقتي.
  • مانسيتش حاجة ؟؟؟
  • حاجات تافهة .. أحلام .. مراية مكسورة .. لبس مش لبسك .. ست بتشاور.
  • لما تحتار وتلاقي نفسك في النص .. مفيش حاجة بتبقى تافهة .. كل التفاصيل مهمة .
  • أنا حاسس إني هاتجنن .
  • بالعكس .. كل اللي بدأ يشوف كان فاهم انه هايتجنن لحد ما فهم هو بعمل ايه وليه… انت مش في النص .. انت يا دوب بدأت .
  • بدأت إيه ؟… دو أنا مش فاهم أي حاجة .. صحيح .. خدت بالك ان شقتنا رقم 13؟..ههههه الظاهر زي ما قال مجدي .. الرقم ده ورايا ورايا.

ضحك جده ضحكة عالية ثم قال :

  • 13 ده النهاية مش البداية .. عندك استعداد تسمع؟
  • يا ريت .. أنا هاموت واسمع يمكن أفهم.
  • اسمع يا طارق ..

بدأ جده بالحديث عن الماضي .. تفاصيل كثيرة لم يكن يعلم طارق عنها شيئاً.. حتى بدأ بسرد المهم…

  • كانت الشقة هادية وبسيطة ولما اتوفت جدتك واتجوزوا باباك ومامتك كنت فرحان انهم هايعيشوا معايا .. لما عرفنا انك هاتشرف كانت الدنيا بترقص حوالينا كل يوم .. لكن فضلت الأوضة دي فيها حاجة غريبة … دايماً كنا حاسين انها جزء برة الشقة .. وبعدين قررنا اني أقعد أنا في الأوضة دي واسيب اوضتي لعضو العيلة الجديد .. لما كنت بقفل عليا الباب وانام .. كنت بحس الحيطان بتتكلم .. عارف انت لما تحس ان فيه نفس طول الوقت معاك .. قلت بيتهيئلي .. لحد ما لقيتك مر واقف قصاد الحيطة وبتتكلم ..
  • أنا ؟… بتكلم مع الحيطة يعني ؟
  • أو بتتكلم مع حاجة في الحيطة … المهم استغربت يومها ولما سألتك قلتلي الراجل ده بيكذب .. وبيقولي انه عايش هنا .. وشايل الحاجة في الدولاب بتاعه في الحيطة….. يومها بس بدأت أقلق.. قلتلك اطلع برة وماتدخلش الأوضة هنا أبداً.. أصل أنا بقى مش دكتور نفساني .. أنا من الجيل اللي عاش من غير كهربا .. أيام ما كانت العفاريت بتتنطط حوالينا في الغيطان بالليل وفي البيوت المهجورة .. وفضلت أفكر لحد ما جه في بالي دولاب في الحيطة .. عارف السندرة اللي فوق الباب ؟
  • اه .. اللي ماما دايماً كانت بتخاف تنضفها …هههههه .. نفسي اعرف كانت بتخاف ليه ؟
  • لانها كانت موجودة لما فتحت السندرة دي انا وابوك .. من يوم ما دخلت الشقة دي فتحتها مرة وبصيت لقيتها فاضية مافتحتهاش تاني .. لكن لما فتحناها ساعتها لقيت فيها باب تاني جواها من الجنب .. فتحناه .. لقينا كتب ماليانة رسومات غريبة .. ورق محروق .. عضم.. وتعابين متحنطة وكوتشينة عليها رسومات غريبة .. جيبنا واحد كان بيفهم في الحاجات دي .. راجل غريب كده دلنا عليه بواب من البوابين .. لما شاف الحاجات دي قال لازم تتشال من البيت .. وفضل يرش في ملح وميا وجو البخور والكلام ده .. فضلت الدنيا هادية لحد ما لقيت نفسي كل يوم بفتح السندرة معرفش ليه وافضل اتأكد ان مافيهاش حاجة .. كأن فيه حاجة بتناديني .. لما مديت ايدي حسيت اني بلمس حد .. لكن حد مش موجود.. اتخضيت ووقعت عالأرض .. دخل ابوك الله يرحمه سندني وساعدني اوصل للسرير.. وقالي كنت عارف انك هاتعمل كده ..
  • يعني ايه لمست حد مش موجود ؟
  • المهم .. من اليوم ده بقي أبوك كل يوم يدخل يتمم ان السندرة دي مقفولة .. لحد ما في يوم جه قالي على حلم ..
  • حلم ايه ؟
  • شاف الراجل اللي كنت بتكلمه .. شافه بيقوله انه عاوزه .. وجايله قريب ..

دخلت بعدها بيومين .. لقيته مرمي عالأرض والسندرة مفتوحة وف ايده ورقة من الكوتشينة اللي لقيناها في الحاجات اللي خدها الراجل اللي جه .. نقلناه المستشفى لكن كان خلاص كل حاجة انتهت.

  • يعني المفروض اني اصدق ان العفاريت موتت بابا ؟
  • فضلت شهرين بعدها مش فاهم ومش مصدق .. لحد ما لقيت نفسي بصحى من النوم في يوم وانا في المستشفى وانت قدامي …. الغريب اني كنت عارف كل حاجة عنك .. كأني كنت معاك وشايفك .. والأغرب من كده اني عارف انك مش مصدق ولا كلمة من كل اللي بقوله بس لازم احكيه .
  • وفين الراجل اللي بتقول عليه ده .. اللي خد الحاجة .. يعني لو صدقت ان العفريت موت بابا .. ده لو يعني .. وفيه راجل خد حاجته .. طبيعي الراجل ده يبقى يا ميت .. يا عارف كل حاجة ؟
  • عارف مين الراجل ده ؟
  • مين بقة الراجل ده ؟
  • فاكر شارع المدرسة بتاعتك؟
  • اه .. كان شارع كئيب بصراحة .. رغم الزحمة والدوشة بس كان شارع ميت مافيهوش روح.
  • الراجل اللي كان ساكن في البيت الوحيد اللي كان في الشارع ..
  • اخر الشارع.. الراجل المجنون اللي كان بيخاف منه كل صحابي .
  • الا انت .. اللي كان كل مايشوفك يجري عليك ويقولك ..

قاطعه طارق وهو يهب واقفاً :

  • 13

…. يتبع …..

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق