المميزةتحقيقات وتقارير

لماذا لا نصنع “مازنجر” الخاص بنا؟

صوت الوطن

“تكلفة إنتاج فيلم حلم الزيتون تساوي تكلفة إنتاج دقيقتين ونصف من تكلفة إنتاج فيلم الأسد الملك”، يقول أسامة خليفة، واحد من منتجي أفلام الرسوم المتحركة العربية شديدة الندرة.

خلال هذا الأسبوع احتفى عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب، خاصة في الشام، بعيد ميلاد رشا رزق، صاحبة واحد من أهم الأصوات التي نقلت لنا أفلام الكارتون الغربية واليابانية عبر الدبلجة، ولا يمر شهر تقريبًا إلا ويتم الاحتفاء بأحد هذه الأصوات، مثل أمل حويجة “ماوكلي” وسامي كلارك “جريندايزر” وغيرهم، سواء في قنوات التليفزيون أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويتم طرح السؤال القديم الجديد: “لماذا لا يوجد لدينا إنتاج ضخم من افلام الكارتون رغم وفرة التمويل في الخليج وكثرة الكفاءات في الوطن العربي؟”.

المشكلة تكمن في أن أفلام الرسوم المتحركة تعتمد على تراكم الخبرات، والإنفاق السخي في البداية على استديوهات الإنتاج، وانتظار الأرباح في السنوات التالية، وقد يتكلف الفيلم الواحد مئات الملايين، وهناك 6 أفلام رسوم متحركة أمريكية تجاوزت تكلفتها حاجز 200 مليون دولار “حوالي 3.5 مليار جنيه”، ولكن في نفس الوقت هناك 7 أفلام رسوم متحركة أمريكية تجاوزت إيراداتها حاجز المليار دولار، وهي أفلام مشهورة في مصر مثلما هي مشهورة في معظم بقاع الأرض، مثل الخارقون، وقصة لعبة، والعثور على دوري.

ويبقى الحل السهل لشركات الإنتاج والتسويق العربية هو دبلجة هذه الأعمال الضخمة، والحصول على حق عرضها في العالم العربي مقابل بضعة ملايين من الدولارات، دون مخاطرة تُذكر.

يذكر أبناء الثمانينات كيف كانت الرسوم المتحركة اليابانية رديئة، وحبكة القصص ضعيفة عندما شاهدوا النسخة الأولى من مازنجر، حتى أنها أصبحت محل سخرية من الأطفال قبل الكبار، ولكن مع الوقت تطورت الرسوم اليابانية وأصبحت تنافس، بل وتتفوق أحيانًا على نظيرتها الأمريكية، بل وتم إعادة إنتاج المسلسلات اليابانية القديمة بتكنولوجيا مواكبة للعصر.

اليابانيون بدأوا إنتاج أفلام الكرتون سنة 1975 بدعم حكومي كبير، واستمر هذا الدعم بغرض الحفاظ على الهوية الشرقية اليابانية، وترسيخ المبادئ والثقافة اليابانية في عقول الأطفال، بدلًا من أفكار رعاة البقر الأمريكية، والنتيجة غزو الأفلام اليابانية أسواق العالم، نفس الأمر قامت به فرنسا وغيرها من الدول التي تعتز بثقافتها.

صناعة الرسوم المتحركة مثلها مثل كثير من الصناعات عالية التكنولوجيا، تحتاج لسنوات للتوطين، ثم تتجاوز أرباحها أحلام صناعها، ومع انخفاض التكلفة في العالم العربي سيكون العائد مجزيا للغاية، ولكن لا يوجد في العالم العربي حتى الآن من يريد المغامرة بتمويل لسنوات للحفاظ على عقليات الأطفال وترسيخ القيم العربية، بل نكتفي بالنقل الأمين لثقافات الغير.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق