المميزةتحقيقات وتقارير

بناء “لوبي” مصري بالخارج .. هل نستطيع؟

 

صوت الوطن – محمد عيد:

قد يكون فوز الممثل الأمريكي الشاب رامي مالك بجائزة الأوسكار كأحسن ممثل لهذا العام حدثا فنيا يهتم به عشاق السينما، لكن الخبر يكتسب أهمية خاصة لجموع المصريين من غير المتابعين للفن السابع، فرامي ينتمي لأسرة مصرية مهاجرة، تمتد أصولها إلى إحدى قرى محافظة المنيا، ولا تزال بقية عائلته تقيم بها.

ورغم حملة الهجوم التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي عقب منح الجائزة الفنية الأهم في العالم لرامي، بسبب طبيعة الدور الذي حصل من خلاله على الجائزة، إلا أن الأمر لا يخلو من إشارة مهمة لا ينبغي أن تغيب عن واضعي السياسات في البلاد، وبخاصة تلك المتعلقة بالتعامل مع المهاجرين المصريين، ليس فقط من الجيل الأول ممن لا يزالون يحتفظون بوشائج قربى مع الوطن الأم، لكن الأهم مع الأجيال الثانية والثالثة التي اندمجت بشكل كامل في مجتمعات الهجرة، وباتت جزءا منها، ليس فقط بالجنسية، وإنما بالانتماء والثقافة ونمط الحياة.

إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء تشير إلى ان عدد المصريين المهاجرين يبلغ نحو 9.5 مليون مواطن، بينما يبلغ عددهم نحو 3.5 مليون وفقا لإحصائيات منظمة الأمم المتحدة، فالتعداد المصري يضم أكثر من ٦ ملايين مصري يعيشون في المنطقة العربية، وهؤلاء لا يعدون مهاجرين دائمين بحسب التعريفات الأممية، بينما يعيش نحو ١٫٣ مليون مصري في المنطقة الأوروبية، و١٫٦ مليونا في الأمريكتين، ونحو ١٤٠ ألفا فقط في المنطقة الآسيوية.

وقد ظل المهاجرون المصريون لفترة طويلة بعيدا عن دائرة الاهتمام الرسمي، رغم أن كثيرا منهم يتولون مواقع مرموقة في مجتمعاتهم الجديدة، علميا وإداريا وثقافيا، ويمكن أن يكونوا – إذا ما أحسنا الاستفادة منهم وتنظيم التنسيق معهم – إضافة قوية لرصيد القوة الناعمة، بل وتحويلهم إلى شريان حيوي لتوظيف خبراتهم وإمكانياتهم لخدمة الوطن الأم.

وللحقيقة فقد نجحت الدولة مع تأسيس وزارة للهجرة في إخراج المهاجرين المصريين من دائرة اعتبارهم ممولين فقط للاقتصاد بالعملات الأجنبية، خاصة وأنهم بالفعل يعدون موردا مهما، فقد بلغت تحويلات المصريين بالخارج  ما يقارب 20 مليار دولار سنويا، حيث تعد مصر من أكبر 10 دول مستقبلة للتحويلات علي مستوى العالم، واتخذت إجراءات أكثر جدية مثل تخصيص مقعد للمصريين بالخارج في البرلمان، وكذلك تنظيم عدة مؤتمرات تحت عنوان “مصر تستطيع”، بل وحتى تنظيم رحلات سياحية وتثقيفية للأجيال الشابة من المهاجرين المصريين للتعرف على وطنهم الأم، ومحاولة خلق رابطة تتجاوز حدود ذكريات الآباء.

لكن تلك الجهود – ورغم التقدير لها – تحتاج إلى أن تنطلق من رؤية أكثر شمولا لتوظيف قوة المهاجرين المصريين بأجيالهم المختلفة لخدمة المصلحة الوطنية، بأن يكونوا “لوبي” لدعم المصالح المصرية، وجسرا للتعاون مع بلدان المهجر، مثلما يفعل العديد من الدول في العالم، وفي مقدمتها إسرائيل التي استطاعت توظيف الجالية اليهودية والمتعاطفين معها لتكوين “لوبي” مؤثر ليس فقط على السياسات الأمريكية، وإنما على مراكز صنع القرار في العديد من الدول الكبرى. إن القاهرة بحاجة ماسة إلى ذلك “اللوبي” المصري في مختلف الدوائر العالمية المؤثرة، لمواجهة تنامي نفوذ قوى عديدة بعضها منافس، وبعضها معاكس، لكن الأمر بطبيعة الحال لا يتوقف على وجود إرادة رسمية وحسب، بل يحتاج إلى تنظيم ودأب ورؤية تتجاوز الأفكار البيروقراطية، وتخلق ربطا حقيقيا مع الجاليات والمهاجرين المصريين بالخارج، لا يقتصر فقط على مشاعر الحنين للوطن، أو كجزء من المشهد الاحتفالي في الزيارات الرسمية.. فهل نستطيع؟.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق