أقلام حرّة

محمد عيد يكتب.. لملم الحنين “خاطرة أدبية”

صوت الوطن

جلس على البحر، يضمه السراب والاغتراب، نظره يشدو في الفضاء الرحب، يرى بين ثنايا الأيام كيف صارت نفسه كالحطام تذروها الرياح في كل واد، لتسطر كلمات غريبة، لماذا لا أغار عليك أيتها الملكة؟، بل لماذا أغار عليك أصلًا؟!.

الصقيع يحتضن قلبه، يرتعش كطير جريح، يستجدي الكلام من جوف البحر، تداعبه نسائم الليل الذكية، فتوقظ به ألمًا، وعلى بعد أمتار ظهر القمر – ملكة البلدة – يتدلى من خصلاته نجومًا تتوهج كالمصابيح الليد.

جلست بجانبه، يبدو أنها كانت تقصده بالبحث، أو حتى أنها سارت خلفه تتبع أثر قدمه، همست إليه، وسألته لم تبدو كهذا مهزومًا منكسرًا، يبدو أن ويلات الحب قد سقطت عليك، ولا يصح لفارس أن ينحني هكذا، إلا وإن كان ما أصابه هو العشق الملعون، افتح لي قلبك وحدثني عنها، نظر إليها في عجب، وتحدث صامتًا، وما يدريك أنك صاحبة السهم، رامية الرمح، حاملة السيف، السجّان الذي كبلني.

ابتسمت، فأضاءت ما حولها، بأسنانها التي بدت كأنها شموع وسط ليل عاتم، ثم نفضته من صمته، وأمرته بالحديث فورًا، وإلا تركته وحيدًا – ما أصابك أيها الغامض، انطق – تحدث إليها، وروى كل تفصيلة، كأنه متهم يهرول بالاعتراف بكل شيء، كطفل وقع في حضن أمه، وابدى لها سوءته.

غباؤها.. أغضبه جدا غباؤها، وهي تحاول أن تستجديه لتعرف من هي صاحبة الصون والعفاف، كي تساعده، وتحاول أن تكون همزة الوصول، وتقرب البعيد، وهو في ورطة، فلا يستطيع البوح، كما يخشى غضبها منه بعدم الجواب، فكان في حيرة من أمره.

اشتد غضبه، وزادت هواجسه، وحاصره التفكير، فإنه الخشية من الاعتراف، أن ترفضه فيخسرها صديقة، وخشية الصمت الموحش أن تفلت من بين يديه، لا هو يقدر على توفير عيش الملوك لها ، ولا مضمون أن تقبله بحالته البسيطة هذه.

قد تتعثر الكتابة، وكذلك الحديث، لملم الحنين، وأغلق الأمل المرسوم على الجبين، غني تراتيل الأنين، واغتال كل الأحلام في كل السنين… لا تسألوني شعرًا، فكل الذكريات قصائد تكتبها الأقدار.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق