أقلام حرّة

محمد عيد يكتب.. ماذا بعد..؟! خاطرة أدبية

صوت الوطن

عين كالبحر، ورموش تموج بهدوء واحدة تلو الأخرى، تحت جبين يبدو كالسماء، تشع منه النجوم ليُضيء وجه كريم، لسان أحيانًا يبدو رقيقًا كحبات الندى، وتارة يهطل بوابل من الأمطار الثقيلة المؤذية لزجاج السيارات، قلبها كأنه من الطيبة يكاد يشع حنانًا، عقلها من الحكمة يفرط في كل مكان، خفة دمها كعصير القصب المُنعش، عناد أنوثتها تستطيبه النفس.

قفزت من بين البشر، لمسبح قلبه، وحركت ذراعيها يمينًا وشمالًا، فلاذت بأضلعه، وأحكمت سيطرتها على دواخله، فاستسلم لها، كما استسلم الأسد لمروضه.

فتاة في متتصف العقد الثاني من عمرها، تبلغ ماتبلغ من عوامل الجذب، أقوى من مغناطيس فيزيائي تشبث بقطعة من المعدن، فسيطر عليها كل السيطرة، لان الحديد، وذاب الفولاذ، وخضع لها، يبدو أن الأمر يستعصي الفهم حقًا، يصعب على الحكيم تفسيره.

الكلمات لأول مرة تهرب من سنون القلم، الورقة كأنها تهمس إليه، “مجنون أنت.. كيف لك أن تصف الحور العين، جُنّ عقلك ربما، فقدت رُشدك مؤكدًا”.

في هذه اللحظات أدرك، ومع رشفة البُن الأخيرة، التي كان ينتهي معها أي خاطرة يُدونها، وبين تطاير الدُخان، بدأ يُلملم شتاته الذي تبعثر على صاحبة الجلالة، تلك التي تكبره سنه بعام واحد.

يستحيل لملكة على العرش، بصرها وبصيرتها دائمًا تغوص في الغلاف الجوي، أن تُخطيء ذات مرة، ويضل نني العين الأسود اللامع سبيله، وينظر إلى عبد فقير، لا يعرف طوال ال ٢٦ عام الذي قضاها سوى الشقي، لم يكن طعامه سوى التعب والسعي الدائم، شرابه لم يكن مرفهًا أبدًا، شفتيه التي ابتسمت ولهًا عادت لحالتها من جديد.

هو الذي خاض تجارب الحب مسبقًا، رأى فيها مالم ير من قبل في معشوقاته المدللات اللاتي ذاقن على يده معاني العشق، ربما لأن لم يكن ليرى ملكات صاحبات عرش من قبل، حياته دوما بين الأدغال، وكانت صدفة أن يلقيه طائره في شرفة الملكة.

سابقًا وقبل سابق، كانت اختيارات مراهقة، هذه المرة لا يعتقد ذلك، لكن ثمة حقيقة راسخة وواقع ملعون يؤكد المستحيل.

هو ينعتونه بالضعيف المستسلم، وهي من سيمها الشموخ، تكره الضعف والاستسلام، إذا ما افترضنا أنها ستقبله على حاله الرديء، الأقل من مستواها الملوكي، هي تعشق صاحب الشيم القوي، ورغم أن الحياة قاسية، وتغلب عليها كثيرًا، هزمتها وهزمته، نهض واستكمل وسار في طريقه دون أن يُبالي، إلا أن هذه الأمور تهزمه دائمًا، هي تعرف عنه كل الصلابة، تُحدثه كثيرًا ربما بشكل يومي، إلا أن الفتى الفولاذي يخشى ولأول مرة يُخشيه دخول الحرب، أن يُهزم، فيخسر النظر إلى عيناها دائما.

عم الغيوم، ونفذ علبة الدُخان، لملم بقاياه من بين جوانبه، وذهب حائرًا، دون، ليبقى جزءًا من نفسه ومن نصه مفقودًا، ويظل قلبه حائرًا، مؤثرًا على خطى قدمه…

ثم ماذا بعد…. ؟!

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق