مقال رئيس التحرير

جبر الخواطر.. حكاية من الواقع

 

 

بقلم.. جمال عبد المجيد

#جبر_الخواطر على الله وحده… فهو الجبار اسمه دال على قدرته وبه تندمل الجراح وتلتئم القلوب..
كنت منزعجا جدا وشغلني أمر من أمور الحياة التي لا تكل ولا تمل عن مضايقاتنا وإزعاجنا وعندما حزبني هذا الأمر أصبت بغضب شديد نزل على كل من حولي أنذاك..

وفي توقيت الغضب و”النرفزة” وعند ميدان السيدة عائشة بالقاهرة كنت استعد لاتجاه الدوران لسلوك طريق صلاح سالم وإذ فجأة ظهرت لي طفلة لا تتعدي العاشرة تماما وهي إحدي الأطفال لسيدة افترشت رصيف تحت الكوبري لبيع المناديل وما إن رأيتها حتي أغلقت نافذة زجاج اليسار خوفا من مطاردتني وأنا منفعل.. ولسوء الحظ لم أغلق الزجاج إلي النهاية وما إن رأت الطفلة ذلك حتي هرعت إلي ونظرها مصوب نحو “لعبة بلاستيكية” يزدان بها “تابلوة” السيارة..
كل أملها ورجاها في ذلك الوقت أن تحصل عليها لم يكن أموال أو بيع للمناديل ;بله الحصول على “الحصان” البلاستيكي وما إن نطقت وقالت “أنا عايزة اللعبة دي” حتي خرجت رصاصة من فمي موجهة إلي رجاءات تلك الطفلة التي حرمت التعليم وحرمت السكن الهادئ ونالت استعطاف كل من يمر عليها في إشارات المرور; لم تكن رصاصتي رحيمة عليها وأنا في قمة غضبي وعندما طالبتني باللعبة أرديتها بكلمتي”أنتي يا بنت” بلفظ حاد يملؤه الغضب الذي كاد أن يفجرني حزنا وإشفاقا عليها من تلك”الوقفة في الإشارة” ودار في ذهني رأسمالية المجتمع الذي يدير ظهره لهؤلاء الأطفال ومنهم أنا بعد أن خرجت الرصاصة من فمي..
اعتدلت في سيري نحو طريق صلاح سالم والمرور مزدحم في الثالثة عصرا والسيارات تتلاحق ;للهروب من تلك البقعة الخانقة ورغم سيل “الكلاكسات” من حولي لم أشعر بها وكل تفكيري لماذا تحكم في غضبي إلي هذا الحد ;لأكسر خاطر طفلة ألقاها حظها العثر في وجوه مدافع المارة حتي وإن كان لهذا مسمي آخر نعرفه ونهرب منه..
تزاحمت الأفكار في رأسي ;لكن الفكرة التي سيطرت علي هي”جبر خاطر تلك الفتاة” لكن كيف وأين والطريق سائر في زحامه إلي المجهول ولم يبق أمامي إلا منعطف القلعة للدوران للخلف والرجوع إلي السيدة عائشة حيث الفتاة والزحام والسيارات وميكروباصات المقطم..
أخذت يسار الطريق محاولا الوصول إلي الدوران وقد فعلت وأنا مصمم للرجوع ووفقني الله وأصبحت في اتجاه السيدة عائشة طريق الجيزة وأنا أتمني أن أجدها في طريقي عند “الملف” حتي لا أضطر إلي البحث عنها مترجلا في ظل عدم وجود انتظار في تلك الأرض التي لا تتسع لقدم مترجل أو غيره.
اقتربت من “الملف” وأنا أدعوا الله أن أراها أمامي حتي لا يضطر رجل المرور إلي تنبيهي وما إن هممت من مغادرة المكان حتي وجدتها على يميني وبسرعة خاطفة تناولت” اللعبة” وقلت لها
أنتي طلبتي اللعبة دي
أيوة
خديها
بجد
أيوة… واسمك أيه
منار
متزعليش مني يا منار….
ثاني يوم الخميس ١٤ فبراير.. ابني تعب جدا تعب مفاجئ في المعدة اتملك منه جرينا بيه عالمستشفي طلبوا أشعة عالصدر ومنظار على الرئة في حال الأشعة أظهرت شيئا في فمه. ظهرت الأشعة وليس بها شئ على إلاطلاق لكنه مازال في حالة قئ متواصل غير معروف سببه انتقلنا من مستشفي لآخر.. غير معروف السبب.. جلست وأمسكت طفلي بين يدي ونظرت إليه وأنا قلبي وأمه منفطران عليه وناجيت الله” يارب أنا جبرت بخاطر منار” أجبر بخاطري واشفي ابني.
الحمد لله.. دقائق بعد تحليل دم وحقنة عضل قام “زي الحصان”.. كان برد شديد في المعدة..

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق