المميزةتحقيقات وتقارير

هل تنجح البنوك في اختبار التكنولوجيا؟

تقرير – محمد عيد:

رغم الضجة والدعاية الضخمة التي حصلت عليها خدمة تحويل الأموال من خلال الهاتف المحمول منذ إطلاقها رسميًا عام 2013، إلا أن الخدمة لم يطبقها فعليًا سوى 12 بنكا فقط بالقطاع المصرفي من إجمالي 38 بنكًا، أي نحو الثلث فقط.
استطاعت الخدمة جذب نحو 10.5مليون عميل بفضل تواجد شركات المحمول ضمن المنظومة والانتشار القوي لهذه الشركات، إلا أن نسبة التفعيل مازالت منخفضة جدًا تقل عن 5% في معظم البنوك التي طبقت الخدمة.
هذه المؤشرات تطرح تساؤلًا مهما حول قدرة البنوك على النجاح في اختبار “الرقمنة” والقدرة على الأخذ بالتطورات التكنولوجية الحديثة في تطوير خدماتها والوصول لقطاعات أكبر من العملاء خاصة ذوي الدخل المنخفض، ومدى استعدادها لتغيير ثقافتها التي لا تجتذب كثيرًا من العملاء، وتنجح في زيادة نسبة الشمول المالي.
هذا السؤال ضروري ونحن مقبلون على عام 2019 الذي سيشهد تطبيق عدد من الخدمات المصرفية الإلكترونية منها الدفع السريع QR Code والتسليف عبر المحفظة الإلكترونية، والبطاقة الوطنية “ميزة”، وكلها خدمات تستهدف زيادة نسبة المتعاملين مع البنوك وتقليل القطاع غير الرسمي، وخفض تعامل الكاش.
واللافت للنظر أن نسبة الشمول المالي التي تجاوزت 25% حاليًا في مصر وفقًا لبيانات غير رسمية مقابل 14% منذ نحو 3 سنوات، لم تأت بسبب مجهودات ذاتية من قبل البنوك لكن جزءا كبيرا منها كان بسبب مبادرات البنك المركزي الخاصة بالمشروعات الصغيرة التي مولت أكثر من 200 ألف شركة، ومبادرة التمويل العقاري التي استفاد منها عشرات الآلاف من العملاء الذين لم يكونوا يتعاملون مع البنوك .
في غضون ذلك أبدى البنك الدولي تحفظه على معدلات الشمول المالي مصر، قائلا في تقرير إن معدل الشمول المالي في مصر مازال منخفضا حيث إن 7% فقط من الشركات لديها إمكانية الوصول إلى التمويل مقارنة بنسبة 28% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقا لدراسة البنك الدولي.
كما أن الاقتصاد المصري لا يزال يعتمد على المعاملات النقدية، حيث إن 98% من المدفوعات تتم نقدا، إنه يجب تعزيز قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة على الوصول إلى التمويل.
لذلك فإن البنوك مطالبة وهي مقبلة على خدمات جديدة وعهد جديد يدشنه البنك المركزي بإطلاق رخص الوكالات المصرفية وغيرها من الإتاحات، أن تجعل من التعامل معها أكثر سهولة ويسر لما يحفز العملاء على التعامل معها، وحتى لا تكون نسب تفعيل الخدمات الجديدة متدنية للغاية مثلما هو الحال في الدفع عبر المحمول.
ومن أهم المحاور التي يمكن أن تنعكس بالإيجاب على الصورة الذهنية للبنوك، أن يتم تبسيط إجراءات “اعرف عميلك” وأن يتم تداولها بين البنوك بحيث يوقع العميل ورقا مبسطا، ويتم تداوله حتى لا يضطر لتكرار الأمر في بنوك أخرى، والأهم من ذلك أن يتم تطبيق النسخة الإلكترونية من هذه الإجراءات حتى يتمكن العميل من فتح الحساب إلكترونيًا دون الذهاب إطلاقًا للفرع .
هذا بجانب إعادة النظر في توجهات البنوك، فمصر بها 38 بنكًا يمكن القول إن عدد البنوك الكبرى التي تسعى للانتشار في كل بقاع مصر لا يتعدى 10 بنوك بينما يكتفي معظم البنوك الأخرى بتحقيق مكاسب من العمل التقليدي والاستثمار في أدوات الدين، لذلك فإن تدخل الرقيب “البنك المركزي” بإعادة توجيه دور هذه البنوك ضروري لمحاولة استيعاب أكثر من 50 مليون نسمة يمكن أن تشملهم إحصائيات الشمول المالي في مصر.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق