المميزةمنوعات

صناعة السعادة: كيف تحولنا إلى فئران تجارب في أيدي “أباطرة” الرفاهية؟!

 

السعادة هدف كل إنسان في هذه الدنيا، قد تكون السعادة في الثروة، وقد يراها البعض في تحقيق الذات، بينما يعتقد آخرون ان تكمن في حالة الرضا التي تمنحنا القدرة على تقبل ما نحن فيه، وتجعلنا سعداء بأي شيء مهما كان بسيطا.

أما أن تتحول تلك السعادة إلى “صناعة” فهذا ما يحتاج إلى تفسير، وهذا ما يسعى كتاب “صناعة السعادة: كيف باعت لنا الحكومات والشركات الكبري الرفاهية؟” الصادر عن سلسلة عالم المعرفة في شهر سبتمبر الماضي، من  تأليف ويليام ديفيز وترجمة مجدي عبد المجيد خاطر.

يُسلِّط الكتاب الضوء علي مشروع فكري مُضلل بدأ منذُ مائتي عام تقريبًا، اقتحمت من خلاله صناعة السّعادة قلعة إدارة الاقتصاد العالمي وغدت جبهة قتاله الجديدة، بحيث بات مستقبل الرأسماليّة يتوقّف على قدرتنا على التصدّي للضغوط النفسيّة والبؤس والمرض.

يسعي هذا المشروع الّذي تنفق عليه الحكومات والشركات الكُبرى ووكالات الإعلان الآن عشرات المليارات، إلى رصد وتوقّع ومعالجة وتصوّر والتنبؤ بأقل التقلبات التي تطرأ على عقولنا ومشاعرنا وأدمغتنا، تحت زعم جعل البشر أكثر سعادة وتحسين المجتمعات من خلال فهم ’علمي‘، لكنّه يستهدف في حقيقته التلاعب السلوكي بالبشر وإخضاعهم لمجموعة من التصورات النفعيّة والبيولوجيّة والسلوكيّة، صارت هي التصورات الوجيهة الوحيدة تقريبًا اليوم.

هكذا يتمّ الزّج بانفعالاتنا ورفاهيتنا إلى قلب حسابات الكفاءة الاقتصاديّة الأوسع؛ إذْ يُشير مثلًا تقدير لمؤسسة جالوب عام 2013 إلى أنّ عدم إحساس الموظفين بالسعادة يُكلِّف اقتصاد الولايات المتحدة نصف تريليون دولار سنويًّا بسبب تدنّي الإنتاجيّة والإيرادات الضريبيّة وارتفاع تكاليف الرعاية الصحيّة.

لا يتبنّي الكتاب موقفًا مُعاديًا من السعادة، لكنّه يسعى للكشف عن أسباب عدم الارتياح للطريقة التي تبنّى بها صُنّاع القرار السياسي والاقتصاديون مفهومي السعادة والرّفاهيّة، والدّعوة إلي تصميم وتنفيذ أشكال بديلة للتنظيم السياسي والاقتصادي تقوم على التشاور والحوار، بعيدًا عن محاولات السيطرة السيكولوجيّة. ومن خلال الفصول الثمانية، واستحضار مؤسسي نظريات الخداع ووهم الرفاهية وبيع السعادة، يرصد الكتاب آراء علماء الاجتماع حول لعبة السيطرة النفسية وبيع الوهم والسعادة، التي تُمارس على الإنسان عندما يفقد أقل حقوقه في التعليم والصحة والعيش بكرامة.

ويشير إلى أن أدوات التصدي للضغوط النفسية والبؤس والمرض، هي أسلحة أنظمة الحكم للسيطرة على عقول الشعوب، وسلطة للكيانات الرأسمالية أن تبسط أذرعها كدول وممالك موازية، فـ”ديزني” مملكة، و”هوليوود” إمبراطورية مستقلة بذاتها، ذلك أن استقلالها مستمد من قدرتها على ابتكار ونشر أساليب جديدة للسعادة طوال الوقت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق