المميزةتحقيقات وتقارير

كيف تخرج أموال الأوقاف من مأزق الـ”واحد في الألف”؟!

تسبب إعلان هيئة الأوقاف المصرية، لأول مرة عن إجمالى أملاك الهيئة في صدمة لدى كثيرين، ليس فقط من ضخامة ما تمتلكه الهيئة من أصول، تقدر بتريليون و37 مليارًا و370 مليونًا و78 ألف جنيه، حسبما أعلن سيد محروس، القائم بأعمال رئيس هيئة الأوقاف أمام لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، لكن الصدمة الحقيقية كانت من العائد الهزيل لتلك الأصول الضخمة الذي بلغ خلال السنة المالية السابقة 2017-2018 مليارا و200 مليون جنيه، أي نحو واحد في الألف من قيمة الأصول.
ورغم محاولات رئيس الهيئة التخفيف من وقع الصدمة بتأكيده أن ٩٥٪ من أصول وأملاك الأوقاف المتميزة تدار بقانون الإيجار القديم،  وهو ما يبرر عائدها الذي لا يكاد يذكر، إلا أن ذلك لم يفلح في تخفيف حدة الصدمة.
وإذا أضفنا حجم التعديات الهائلة على الأراضي التابعة لـ”الأوقاف” يتضح لنا مدى الأزمة التي تعانيها تلك الثروة المهدرة في بلد، تشير بعض التقديرات إلى أن ربع ثروته العقارية مملوكة للأوقاف، فضلا عن تسرب ذلك الدخل الهزيل في شقوق الإنفاق على فعاليات وزارة الأوقاف، دون ان تكون هناك رؤية استثمارية لاستغلال تلك الثروة الهائلة.
ويذهب ٧٥٪ من أموال الهيئة لوزارة الأوقاف لتمويل أنشطة الدعوة والبر والقوافل الدعوية ومشروعات خيرية ومساعدات للفقراء واليتامى، وأنشطة الدعوة في الخارج، و ١٥٪ نظير إدارة الهيئة، معظمها يذهب لمرتبات الموظفين، و ١٠٪ تنمية موارد.
هذا التدهور الذي تعانيه أموال الأوقاف وأصولها الضخمة كان سببا في طرح العديد من الأفكار من جانب خبراء واقتصاديين في محاولة لإيجاد مقاربة استثمارية حقيقية للاستفادة من ذلك الكنز المهدر.
بعض تلك المطالبات وصل إلى المطالبة بإلغاء دور وزارة الأوقاف، والفصل بين كل ما هو دينى عن الوقف تمامًا، وإسناد الأمور الدينية إلى الأزهر، أما إدارة الصندوق الاستثماري للأوقاف فيسند لصندوق “تحيا مصر”، لحين تشكيل صندوق آخر على غراره.
ويطرح آخرون رؤية قريبة، ترتكز على تأسيس صندوق سيادي لإدارة أملاك الأوقاف، وكون ذلك مقدمة لطرح استراتيجية متكاملة لإدارة أملاك الأوقاف،  وإنقاذها من سوء الإدارة، وسيطرة المصالح الخاصة، وبالتالي نحن بحاجة لإعادة هيكلة أموال الأوقاف، وتغيير القوانين الخاصة بها، لإدارتها اقتصاديًا، بنظام محكم للرقابة.
إن البحث عن رؤية استثمارية بديلة لإدارة الأوقاف، لا يعني بأي حال من الأحوال دخول تلك الأموال والأصول بين أنياب الخزانة العامة، فهذا كفيل بإهدار فرص الإصلاح، كما أنه يمثل مخالفة قانونية وشرعية أيضا.
ولعل ذلك ما دفع هيئة كبار العلماء بالأزهر برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر،  في أبريل الماضي إلى رفض نص المادة الأولى من مشروع القانون المقترح والوارد للأزهر من اللجنة الدينية بمجلس النواب لبيان الرأي الشرعي حول مدى جواز أن يقوم رئيس مجلس الوزراء، بتغيير شروط الواقف في الوقف الخيري إلى ما هو أصلح.
فالقاعدة الشرعية تنص على أن “وصية الواقف كشريعة الشارع”، لكننا بحاجة إلى قاعدة استثمارية لا تقل عن القاعدة السابقة وضوحا، تؤكد أن استثمار وتنمية أموال الأوقاف من أهم مقاصد الشريعة والمصلحة الوطنية على حد سواء.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق