أقلام حرّة

عادل عامر يكتب: الدعم النقدي والحالة الاقتصادية المصرية

إن التساؤل الاساسي لهذه الدراسة هو عن مستقبل الدعم في مصر وكيف يمكن ترشيده وتعظيم العائد من الانفاق عليه وتحقيق الاهداف المرجوة منه والاجابة على هذا التساؤل ليست بالبساطة التي يتصورها البعض لأنها ترتبط ارتباطا مباشرا بالتشابكات السعرية في المجتمع، فبعض أسعار المنتجات المدعمة يمثل مدخلا لإنتاج سلع أخري

 

وبالتالي فإن رفع قيمة المدخلات سيؤثر بالضرورة على أسعار المنتج النهائي، وبالتالي فإن أي قرار اقتصادي في هذا الشأن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار جميع هذه التشابكات وهي مسألة ليست بسيطة. أن هناك حاجة ملحة لاستهداف الأسر التي تحصل على الدعم من خلال البطاقات التموينية، فمثلا هناك 77.4% من الأسر في أكثر شريحة إنفاقًا تحصل على دعم غذائي، وكذلك تحصل نحو 90% من الأسر في الشرائح العشرية الخامسة وحتى التاسعة على الدعم الغذائي. وتلك الشرائح ليست في حاجة إليه

 

وكان من الأفضل توجيه ما تحصل عليه هذه الأسر إلى الشرائح الدنيا المستحقة فعلا لدعم الدولة لمواكبة الزيادة في أسعار الغذاء.

 

وكشف استطلاع للرأي العام تم إجراؤه خلال شهر يونيو الماضي أن 57.8% من الأسر المصرية ترى أن دخولهم لم تتغير عن العام الماضي التي بلغت 42.2%، وأظهر الاستطلاع أن 91% من الأسر ترى تحسن جودة رغيف الخبز، وفضل 39.9% من المواطنين الدعم النقدي مقابل 42.7% المربوط بالسلع التموينية،

 

أن التغير الأكبر في الدخل جاء بالنقصان بنسبة 58.3% ممن تغيرت دخولهم، في حين كانت هذه النسبة في الاستطلاع السابق في سبتمبر 2015 نحو 44.3%، بما يشير إلى زيادة أعداد من تراجعت دخولهم بين الأسر المصرية خلال عام. فيما أفاد 41.7% من الأسر التي تغيرت دخولها بأنها زادت، مقابل نسبة 55.7% بالاستطلاع السابق عام 2015، وعن استفادة الأسر المعيشية من الدعم الحكومي جاءت النسبة الأكبر من الاستفادة من دعم رغيف الخبز بنسبة 93% من الأسر، تليه البطاقات التموينية بنسبة 87%، تليها الكهرباء بنسبة 39.2%، وأفاد 71.5% من الأسر أنهم لم يجدوا صعوبة في الحصول على البطاقات الذكية،

 

فيما ترى 59% من الأسر أن النظام التمويني الجديد أفضل، كما تشير النتائج إلى استمرار تفضيل الأسر المعيشية للدعم العيني عن الدعم النقدي، ولم تختلف النتائج كثيرا عن الاستطلاع السابق إلا بنسبة بسيطة، حيث يفضل 42.7% من الأسر زيادة الدعم المربوط على البطاقة التموينية، مقابل نسبة 43.6% في الاستطلاع السابق، ويفضل 39.9% من الأسر أن يكون الدعم نقديا للأسر الفقيرة وأسر الضمان الاجتماعي، مقابل 35.1% في الاستطلاع السابق الذي أجرى العام الماضي.

 

خريطة الفقر في مصر

1 يعرف الفقر بأنه حالة من الحرمان من الحياة اللائقة التي يتطلع الفرد أو المجتمع إلى التمتع بها والفقر لا يعني فقد الافتقار إلى ما هو ضروري لتحقيق الرفاهية المادية للفرد ولكنه يعني أيضا الحرمان من الفرص والاختيارات الأساسية مثل: خوض حياة جديدة وسليمة صحيا وخلاقة، والحصول علي دخل لائق، والتمتع بالحرية، والكرامة واحترام الذات، واحترام الآخرين ومن الواضح أن الدخل هو واحد فقط من الاختيارات التي يرغب الناس في التمتع بها.

 

2 تتطلب الدراسة الدقيقة لسياسة الدعم معرفة الخريطة الاجتماعية في مصر ووضع الفقراء بها وتشير الدراسات الحديثة عن الفقر في مصر إلى أن نسبة الفقراء وتشير التقديرات التي تبحث في التوزيع الجغرافي للفقراء في مصر إلى أن هناك 4.51% من الفقراء يعيشون في ريف الوجه القبلي و5.29% في حضر الوجه القبلي مقابل 17% في ريف الوجه البحري و3.10% في حضر الوجه البحري 6.9% في الاقاليم الحضرية.

 

ولقد بلغ عدد الأطفال الفقراء في مصر أكثر من 5.7 مليون طفل يعانون الفقر الشديد بسبب انخفاض مستوي دخل الأسرة من العمل ويزيد احتمال التعرض للفقر في الاسر التي لديها سبعة أفراد أو أكثر ليصل إلى 45% ويصل إلى 41% في الأسر التي لديها أكثر من ثلاثة أفراد وأقل من سبعة، كما أن الشخص الذي ينفق أقل من 172 جنيها في الشهر المتوسط هو الفقير المعدم شديد الفقر،

 

وقد ارتفعت معدلات سوء التغذية المرتبطة بالفقر حيث إن 6% من أطفال مصر ناقصون في الوزن نتيجة سوء التغذية والفقر

 

وبلغ مستوي التقزم ما بين 24% و40% في العديد من المحافظة ومعدلات الهزال نحو 7% من إجمالي أطفال مصر والجدير بالذكر أن النمو الاقتصادي مازال لا يترجم إلي تحسن مستدام أو توزيع عادل للدخل أو رفاهية للمواطنين حيث إن الدخل من العمل بأجر مازال هو المصدر الرئيسي للدخل في مصر يليه التحويلات النقدية من الخارج

 

ومازال الدخل من الزراعة يمثل 23% من إجمالي دخل الفقراء وغير الفقراء ومع تزايد معدلات البطالة وارتفاع معدلات التضخم تزداد توقعات ارتفاع مستويات الفقر في مصر خلال السنوات القليلة المقبلة.

 

خريطة الدعم وتطورها

تعد قضية الدعم من أهم القضايا الاقتصادية التي تطرح عند مناقشة الموازنة العامة سنويا وذلك للتأثير المباشر للدعم على الطبقات الفقيرة من الشعب والمهمشة. فالدعم من القضايا ذات الحساسية العالية لدي الشعب المصري بالإضافة إي أنها تمثل عبئا على ميزانية الدولة وجزءا كبيرا من مشكلة عجز الموازنة المصرية من منتصف القرن الماضي وحتى الآن أن منظومة الدعم النقدي تفيد المجتمع أكثر

 

وتقضى على منظومة الفساد التي تم اكتشافها في عمليات توريد القمح سواء المحلى أو المستورد وينتهي تزوير الكروت الذكية بعد أن يصبح لا حاجة لها وتنتهي منظومة صرف البامبرز والتونة المفتتة والمساحيق من البقال التمويني.

 

ولنا أن نتصور لو أن الدولة صرفت لكل فرد 18 جنيهًا دعم السلع التموينية وصرفت للأم مبلغ دعمها ودعم أولادها القصر وجعلت المواطن يشترى السلع الرئيسية التي يحتاجها دون فرض من الدولة سيجعل المحلات تتسابق على عروض التخفيض لزيادة المبيعات.

 

بإعطاء الدعم للمواطن وليس للبقال أو الأفران أو الصوامع أو مزوري الكروت لأن صرف دعم الخبز نقديًا بمعدل جنيه يوميا لأربعة أرغفة للفرد أي ثلاثين جنيها شهريا ويشترى الخبز من الأفران أو الرصيف أو السوبر ماركت سيلغى مسئولية الدولة عن إنتاج الرغيف ويلغى توريد القمح وفساده ويجعل المخابز تتنافس في إنتاج أرغفة بأسعار مختلفة تناسب كل المستويات وتتنافس فيما بينها لجذب المستهلك، بل توصيل الخبز للمنازل كما في فيلم «بائعة الخبز»، وأضاف إن منظومة الدعم النقدي ستسهم بشكل كبير في خروج بعض الفئات تلقائيا من منظومة الدعم فلا يمكن لأستاذ جامعة أو قاضٍ أو دبلوماسي أو ضابط شرطة أو جيش أو وكلاء وزارة أو رجال أعمال يذهبون إلى مكتب البريد شهريا من أجل صرف 18 جنيهًا. ودعم نقاط الخبز أقرب إلى الدعم النقدي. وجزء كبير من المصريين غير متقبل لفكرة الدعم النقدي بسبب آثاره السلبية على المستهلك مع تآكل قيمة الدعم عاماً بعد الآخر،

 

إن الدولة بظروفها الحالية مازالت تحتاج إلى بعض الوقت قبل التحول إلى فكرة التحول للدعم النقدي المباشر. ويجب قبل التحول إلى الدعم النقدي تحديد واضح لمن يستحق الدعم النقدي. وقالت: إن نسبة غير قليلة من حائزي البطاقات التموينية لا يستحقون الدعم.

 

  • من هو الفقير؟ ولقد بدأت مصر بدعم الغذاء في أعقاب الحرب العالمية الثانية حيث ظهرت ولأول مرة في عام 1942 وزارة التموين وأخذ الدعم يتطور بإدخاله علي الطاقة إلي جانب التوسع في عدد المنتجات الغذائية المدعمة إلي أن تم تبني برنامج الاصلاح الهيكلي في بداية التسعينيات من القرن الماضي والذي نص علي ضرورة تخفيض الدعم بسبب تأثيره السلبي المباشر علي ميزانية الدولة ولقد ظل الدعم يتطور حتي وصل في موازنة عام 2012/2013 إلي 145،2 مليار جنيه وهو الرقم الذي يقترب من إجمالي عجز الموازنة وتقدر قيمة الدعم في الموازنة العامة القادمة 2013/2014 إلي 159،3 مليار جنيه حيث تبلغ 30،4% من قيمة الانفاق العام للدولة.

 

وتؤكد كل الدراسات التي تمت حديثا أن سياسة الدعم الحالية تشجع علي تنامي الأنشطة المهدرة للموارد مثل التهريب والتعاملات بالسوق السوداء، والزيادة غير المحسوبة في استخدام الطاقة الملوثة للبيئة بسبب سعرها المدعوم وضعف الكفاءة في اختيار الاستثمارات المناسبة لاسيما ما يتعلق بالقدرة التنافسية

 

ولقد أدي الدعم المفرط للطاقة إلى تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد كثيف استهلاك الطاقة فمصر تأتي في المرتبة الخامسة في دعم الطاقة وتسبق العديد من الدول المنتجة للطاقة وذات الثروات النفطية الأكبر وتشير أيضا معظم الدراسات إلى أن الدعم يرسخ النمط الاستهلاكي في أذهان الشعب فأخطر ما في الدعم أننا ندعم الاستهلاك فكلما استهلك الفرد أكثر نقدم له مزيدا من الدعم

 

ولقد أدت هذه السياسة إلى سوء استخدام موارد البلاد غير المتجددة من البترول والغاز إلى جانب أن ضآلة السعر وعدم استخدام التكنولوجيا الحديثة أدي إلى عدم ترشيد استخدام المنتجات البترولية بالإضافة إلي عدم محاولة ايجاد بدائل أخري من الطاقة وسوء هيكلة أسعار المنتجات البترولية المختلفة كل ذلك أدي إلى ظهور أنماط استهلاكية سيئة وغير اقتصادية وبالتالي زادت كمية الاستهلاك من المواد البترولية دون إضافة عائد اقتصادي للبلاد

 

وهكذا أصبحت قضية الدعم الآن من أكبر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. وتعتبر منظومة الدعم غير فعالة في الوصول لهذا الهدف، حيث أن أغلبية المستفيدين هم من الفئة الغير مستحقة للدعم الحكومي، لذا قامت الدولة بوضع خطة لإعادة هيكلة المنظومة بالكامل لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه وتخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة.

 

* تدعم الدولة العديد من السلع والخدمات، مثل الوقود (البنزين – السولار – المازوت)، والكهرباء، والسلع التموينية، وخدمات النقل مثل مترو الأنفاق، والأسمدة والكيماويات الزراعية، والصحة، والتعليم. – لا يصل الدعم لمستحقيه، حيث أن منظومة الدعم غير قادرة على تحديد المستحقين الحقيقيين، لافتقارها إلى قاعدة بيانات محدثة يمكن الاعتماد عليها، ونتيجة لذلك فإن نسبة كبيرة من الدعم تذهب لغير المستحقين.

 

على سبيل المثال، البنزين سلعة مدعمة لعموم الشعب المصري، حيث تبلغ تكلفة اللتر الواحد من بنزين 92 سبعة جنيهات، ويتم بيعه بـ 3.5 جنيه، وبعد تخفيض قيمة الدعم أصبح 5 جنيهات أي أن الدولة مازالت تدعمه بـ 2 جنيه تقريبًا لكل لتر، في حين أن نسبة استفادة الطبقة الفقيرة من ذلك الدعم لا تتعدى الـ 10%، حيث أنه لا يوجد لديهم سيارات خاصة وحتى إذا كان لديهم فإن معدل استهلاكهم قليل مقارنة بالطبقات الأخرى.

 

مثال آخر، نجد أن اسطوانة الغاز والتي تبلغ تكلفتها 115 جنيهًا وكانت تباع بسعر 15 جنيهًا للمواطن وبعد تخفيض الدعم أصبح السعر 30 جنيهًا أي أن الدولة مازالت تدعمها بقيمة 85 جنيهًا، وتصل إلى كافة المواطنين سواء المستحقين للدعم أو غير المستحقين بنفس السعر. –  الموازنة العامة للدولة هي الخطة المستقبلية التي تقوم الدولة بإعدادها والخاصة بالإيرادات والمصروفات المتوقعة خلال الفترة المقبلة، والتي تكون عادة سنة مالية، ويتحقق عجز الموازنة عندما تكون قيمة المصروفات مثل الأجور والدعم وفوائد الديون، أكبر من الإيرادات مثل الضرائب والمنح وغيرها.

 

وتقوم الدولة منذ سنوات عديدة بالاستدانة لسد عجز الموازنة، وذلك لأن أغلب بنود الموازنة هي بنود حتمية لا تستطيع الدولة أن تمنعها أو تخفضها بسهولة مثل الدعم والأجور وفوائد الديون. إضافة إلى ذلك كانت جميع الأنظمة السابقة خلال الـ 60 عامًا الماضية تخشى أن تقترب من إصلاح منظومة الدعم خوفًا من الغضب الشعبي،

 

فكانت الدولة تقوم فقط بتأجيل حل المشكلة وتزيد العبء على الأجيال القادمة، لذلك لم تحل المشكلة أبدًا، بل تفاقمت وتزايد إقبال الدولة على الاقتراض لسد العجز، حيث يشهد الدين العام في مصر ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية وتجاوزت نسبة الدين العام 107% من الناتج المحلى الإجمالي، أي أن الدولة مدينة بقيمة أكبر من إجمالي ما يتم انتاجه داخلها.

 

–  تقوم الدولة المصرية طبقا لخطة الإصلاح الاقتصادي بإعادة هيكلة بنود الموازنة العامة للدولة، حيث يتم إعادة هيكلة منظومة الدعم لضمان وصوله للمستحقين الحقيقيين، وتستهدف الدولة خفض نسبة الدين العام إلى 95% خلال العام المالي 2017 / 2018 بدلا من 107% حاليًا، لذا فقد تم وضع خطة طويلة الأجل لتخفيض قيمة الدعم الممنوح على السلع والخدمات مع توفير إجراءات لحماية الفئات المستحقة.

 

– طبقًا لخطة الدولة لإعادة هيكلة منظومة الدعم، فقد تم تخفيض الدعم المقدم من الدولة على منتجات الطاقة من البنزين والسولار والمازوت وأسطوانات الغاز. وبالنسبة لإجراءات الحماية الاجتماعية، اتخذت الدولة إجراءات لحماية الفئات الأقل دخلًا من آثار قرارات الإصلاح الاقتصادي وإعادة هيكلة منظومة الدعم، وزيادة دعم البطاقات التموينية، حيث تم زيادة الدعم المقدم لأصحاب البطاقات التموينية من 21 جنيهًا إلى 50 جنيهًا للفرد شهريًا، بتكلفة 85 مليار جنيه، ذلك بالإضافة إلى دعم الخبز، والذي يبلغ قيمة دعم الفرد فيه 90 جنيهًا شهريًا، وإجمالي ما يحصل عليه المواطن حاليًا 50+90=140 جنيه شهريًا. رفع حد الإعفاء ومنح خصم على الضريبة المستحقة على الدخل، حيث أن رفع حد الإعفاء من الضريبة على الدخل على من 6500 إلى 7200 جنيه سنويًا، ومنح خصم على الضريبة المستحقة على الدخل، بإجمالي تكلفة 7 مليارات جنيه، و80% لشريحة الدخل من 7200 إلى 30000 جنيه، والتي تبلغ نسبة الضريبة المستحقة عليها  10%، و40%، لشريحة الدخل أكثر من 7200 إلى 45000  جنيه، والتي تبلغ نسبة الضريبة المستحقة عليها  15%، و5% لشريحة الدخل أكثر من 45000 إلى 200000 جنيه، والتي تبلغ قيمة الضريبة المستحقة عليها 20%، ولا يوجد خصم من الضريبة المستحقة للفئة الخامسة وهى ما يزيد عن 200 ألف جنيه سنويًا، والتي تبلغ قيمة الضريبة المستحقة عليها 22.5%، ووقف العمل بضريبة الأطيان الزراعية، حيث تم إيقاف العمل بضريبة الأطيان الزراعية لمدة 3 سنوات بتكلفة مليار جنيه.

 

وبالنسبة للأجور والمعاشات، ومنح علاوة دورية بنسبة 7%، بالإضافة إلى علاوة غلاء استثنائية بنسبة 7%، للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، بحد أدنى للعلاوتين 130 جنيه، ومنح علاوة غلاء استثنائية لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية 10% بالإضافة إلى العلاوة الدورية، وزيادة المعاشات بنسبة 15%، بحد أدنى 150 جنيه) بتكلفة 24 مليار جنيه، وزيادة معاش تكافل وكرامة بقيمة 100 جنيه، والمستفيد حوالي 175000 مواطن. المشكلات الحالية لنظام الدعم

 

1 تشير أهم الدراسات وكذا بيانات مركز معلومات مجلس الوزراء إلى أن 75% من الفقراء في مصر يحصلون على الدعم السلعي من خلال البطاقات التموينية والتي يبلغ عددها حاليا نحو 15،8 مليون بطاقة ما بين دعم كلي وجزئي يستفيد منها العاملون بالحكومة والقطاع العام والمستحقون لمعاش السادات والضمان الاجتماعي وأصحاب المعاشات والأرامل والحرفيون والعاملون بالحرف باليومية والعمالة الزراعية المؤقتة،

 

أما الدعم الجزئي فيستفيد منه أصحاب المهن الحرة والورش وغيرهم ويوفر السلع المدعومة للمواطنين عبر آلية محددة تتحكم في الأسعار. وعلى الرغم من أن 75% من المصريين يستفيدون من الدعم السلعي من خلال البطاقات التموينية كما ذكرنا. إلا أن هناك نحو 48% من أصحاب الدخول العالية يستفيدون من هذا النظام خارج نظام البطاقات التموينية.

 

فيما يعتبر هدرا للموارد خاصة أن هذه النسبة ترتفع إلى نحو 74% فيما يتعلق بالاستفادة من دعم الخبز والدقيق.

 

2-ومازالت مشكلة هذا النظام تكمن في وصول الدعم إلى غير مستحقيه، وهنا تشير الدراسات التي أجريت علي بحث ميزانية الأسرة اخيرا إلى أن أغني 20% من فئات المجتمع تحصل على نحو 28% من اجمالي الدعم بينما يحصل أفقر 20% من فئات المجتمع على 16% منه وتزداد هذه المسألة بشدة في دعم الطاقة حيث تحصل الفئة الأعلى إنفاقا على 34% من الدعم مقابل 17% للفئة الدنيا.

 

3-ومن أهم مشكلات هذا النظام هي سوء استخدام السلع المدعمة خاصة في ظل الاستخدامات المختلفة للسلعة الواحدة فمثلا الديزل الذي يستخدمه الفلاح البسيط في أمور الزراعة يستخدم كمولد للطاقة في فنادق البحر الأحمر، وينطبق نفس الوضع في رغيف الخبز المخصص للطبقات الفقيرة باعتباره الغذاء الرئيسي يستخدم كعلف للحيوانات، وتشير الاحصاءات إلى أن الفقد في دعم رغيف الخبز يصل إلى 30% وفي البوتاجاز يتراوح بين 10% و15% وكذلك في البطاقات التموينية حيث يتراوح ما بين 15% و20%.

 

4- ويؤدي نظام الدعم الحالي إلي التعدد في أسعار السلعة الواحدة بالأسواق وعلي سبيل المثال وجد أن 10% فقط من المواطنين يحصلون علي أنبوبة البوتاجاز بسعرها الرسمي بينما يحصل 90% عليها بسعر يتراوح من 15 50 جنيها حسب طبيعة التوزيع، وكمثال آخر في مجال الدعم الزراعي، فإن القطاع الخاص يتسلم الأسمدة بسعر 1500 جنيه للطن ويبيعها بسعر 3400 جنيه للطن وذلك في الوقت الذي تمارس فيه الدولة ضغوطا علي المنتجين من أصحاب مصانع المناطق الحرة التي تعتمد عليها لسد الفجوة وتجبرها علي طرح أسعارها الرسمية للمستهلك بما لا يزيد علي 1500 جنيه للطن.

 

الدعم النقدي ومشكلاته

 

1-تأسيسا على المشكلات الحالية التي سبق ذكرها، تعلو بعض الأصوات مطالبة بالدعم النقدي باعتباره يضمن وصول الدعم لمستحقيه خاصة وان الدراسات تشير إلي أنه لو استفاد الفقراء من الأموال الموجهة للدعم علي الوجه الأكمل، لانخفض الفقر بمعدل يفوق أثر زيادة معدل النمو الناتج بنسبة 3% واختفاء السوق السوداء للسلع وترشيد الاستهلاك مع ضمان عمل الأسواق بصورة سليمة.

 

2- والمشكلة الأساسية في هذا النظام تكمن في حقيقة تحديد الفئات المستحقة للدعم والمعايير التي يمكن استخدامها في سبيل تحقيق ذلك وهنا يري البعض أن أفضل هذه السبل هي استخدام قيمة الانفاق علي الكهرباء كمؤشر لمستوي إنفاق الأسرة ولكن هذا المؤشر عيوبه كثيرة منها أن الأسر الأكثر فقرا قد لا ترتبط بشبكة الكهرباء العامة بالبلاد كما هو الحال في العشوائيات حاليا، كما أن هذا المؤشر لا يعكس الاستهلاك الحقيقي للأسر التي لديها أكثر من مسكن ناهيك عن انه يأخذ في الاعتبار أثر حجم الأسرة علي قيمة الانفاق علي الكهرباء.

 

3-والمشكلة الثانية والأهم تكمن في كيفية الوصول إليهم في ظل الأوضاع السائدة بالمجتمع المصري والزيادة الكبيرة في العشوائيات.

 

4-أما المشكلة الثالثة فهي تكمن في كيفية تحديد المبالغ المستحقة لكل أسرة ومشكلة المتابعة المستمرة لهذه الأسر، ناهيك عن الآثار الأخرى المتوقعة لهذا النظام مثل التضخم نتيجة لذهاب الأموال إلى أفراد يرتفع لديهم الميل للاستهلاك مما يؤدي إلى المزيد من الارتفاعات في الأسعار وزيادة مبالغ الدعم وليس العكس

 

كما أن هذا النظام لا يصلح اطلاقا في الخدمات العامة مثل النقل والمياه والكهرباء والطرق وغيرهم، والأهم من كل ما سبق ان الغالبية العظمي ترفض هذا التحول إذ إنه وفقا لاستصلاح الرأي الذي أجراه مركز معلومات مجلس الوزراء وأخيرا وجد نحو 4.64% لا يفضلون التحول إلى نظام الدعم النقدي وهناك 6.3% محايد و3.3% لم يحدد وبالتالي كانت نسبة من يؤيد هذا التحول نحو 7.28%.

 

نحو سياسة متكاملة لإصلاح نظام الدعم انطلاقا من كون السياسة الاقتصادية يجب أن تظل في خدمة الأفراد والمجتمع فرفع معدلات النمو وحدها ليست كافية لانتشال الفقراء ومحدودي الدخل اذ يجب ان يكون نموا مواليا للفقراء وموسعا لقدرتهم وفرصهم وخيارات حياتهم، أي ضرورة العمل على ازالة أسباب الفقر وليس فقط التخفيف من آثاره،

 

وذلك في إطار يهدف إلى توفير السلع الأساسية والضرورية للمواطنين خاصة محدودي الدخل بأسعار في متناول أيديهم حتى تحقق عدالة التوزيع وذلك من خلال:

 

1-اتباع استراتيجية تنموية متكاملة ومن منظور شامل وواسع يأخذ بعين الاعتبار علاج الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد القومي كمدخل لرفع مستويات المعيشة لكل المصريين.

 

2-رفع كفاءة الاستخدام للموارد المتاحة وتنميتها كمدخل لترشيد الدعم.

 

3-الاستمرار في سياسة الدعم بمفهوم جديد من حيث امكانية الأخذ بفكر الدمج بين الدعمين العيني والسلعي.

 

4-حسن ادارة الأموال المنفقة على الدعم والقضاء على الفساد الذي شاب المنظومة.

 

5-العمل على سد الفجوة في السلعة الأساسية المدعومة عن طريق ترشيد الاستهلاك وخاصة في مجال السلع التي يتم استيرادها بالعملات الأجنبية.

 

6-اتخاذ الاجراءات التشجيعية الكافية لتحفيز المزارعين علي تسليم المحاصيل الزراعية بشكل اختياري وبما لا يتعارض مع آليات السوق.

 

7 -استمرار الجهود المبذولة للحد من خسائر هيئة السلع التموينية.

 

8 -ضرورة الاحتفاظ بمخزون سلعي مناسب ووضع ضوابط التي تكفل ترشيد تكلفة الانتاج وزيادة الطاقة التخزينية من الصوامع للمطاحن والمخابز وذلك لتعظيم الانتاجية وتقليل الفاقد من القمح وتحسين جودة منتجاته.

 

9 -ترشيد دعم الهيئات الاقتصادية من خلال:

 

أ -اعادة النظر في تبويب هذه الهيئات وذلك بتبويبها إلي مجموعات متجانسة واتباع سياسة اقتصادية محددة تحقق الهدف من استقلالها.

 

ب -هناك هيئات يغلب عليها الطابع الاقتصادي واطارها القانوني يؤهلها للعمل كوحدة اقتصادية مثل هيئات الموانئ البحرية والبرية وكلها هيئات يمكن أن تتحول إلي شركات قابضة.

 

ج دراسة اقتصاديات التشغيل بما يقضي علي أوجه الإسراف ومراجعة نظم التشغيل وقوائم التكاليف لترشيد وضبط الإنفاق.

 

د الاهتمام بالصيانة واستغلال الطاقات العاطلة، مع التخلص من الأنشطة غير الاقتصادية.

 

ه فض التشابكات بين الهيئات الاقتصادية وبعضها البعض، وبينها وبين الحكومة.

 

وحل مشكلة تزايد الفاقد السلعي وخاصة في مياه الشرب المنتجة نتيجة عدم محاسبة بعض المشتركين بنظام العداد، والاقتصار على المحاسبة بطريقة المتوسطات.

 

ز توحيد المعاملة في استخدام الفوائض بمراعاة القواعد المحاسبية في احتجاز الاحتياطيات اللازمة للوفاء بأقساط القروض أو لتدعيم مراكزها المالية.

 

10 وضع حد أدني حقيقي للأجور يتناسب مع مستويات المعيشة، ويتحرك سنوياً وفقاً لمعدلات التضخم المعلنة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، على أن يكون هذا الحد جزءاً لا يتجزأ من عقود العمل الجماعية والفردية.

 

11 تعديل الرقم القياسي لأسعار المستهلكين وتصحيح الأخطاء التي تشوبه حتى يصبح أكثر قدرة على التعبير عن الواقع الفعلي المعاش، خاصة وأن هذا المؤشر مازال يحتوي علي العديد من السلع المحددة بأقل من قيمتها في السوق.

 

مقترح تمويل الدعم

 

علاوة على المبلغ الذي يتقرر في الموازنة العامة للدولة للدعم، فإنه يمكن تدبير موارد إضافية تتلخص فيما يلي:

 

1 استثمار المبالغ المخصصة لدعم السلع التي لا يرغب المستهلكون في الحصول عليها في مشاريع إنتاجية تستوعب العاطلين من أبناء فئات المعدمين ومحدودي الدخل وتحقق عائدا يستخدم لتمويل الدعم.

 

2 إنشاء صناديق اجتماعية يمولها رجال الأعمال لتلبية احتياجات الأسر من المعدمين ومحدودي الدخل مع وضع شروط معينة لعملها.

 

3 عودة نظام الوقف الخيري ليلعب دورا مهما في تقديم الدعم للمعدمين وذوي الدخول المحدودة كما كان في الماضي.

 

مقترح آليات توصيل الدعم إلى مستحقيه

 

وفي محاولة لإلقاء الضوء على آليات توصيل الدعم إلى مستحقيه، فإن معظم المقترحات المجتمعية تتركز حول ما يلي:

 

1 إن أنسب طريقة لحصر من لا دخل لهم هي أن يتقدم كل من لا يعمل وغير قادر علي العمل بطلب للحصول على دعم مباشر من الدولة. بينما تقوم الدولة علي الجانب الآخر بمسح شامل للأسر المصرية لتحديد مستحقي الدعم الحقيقيين مع المتابعة الدورية والمستمرة لدخول المواطنين شريحة الدعم والخروج منها، وبحيث لا يبقي الدعم ثابتاً دائما لمن استحقه برغم تغير ظروفه الاجتماعية.

 

2 أهمية الاستمرار في تقديم دعم الخبز البلدي والمحدد له خمسة قروش للرغيف، غير أن الأمر يتطلب فرض رقابة فعالة على الخبز للتأكد من تطبيق نظام دعم الرغيف في مرحلته الأخيرة فقط مع فصل الإنتاج عن التوزيع بشكل نهائي وحاسم.

 

3 ضرورة إعادة النظر في عدد السلع التموينية المدعمة، حيث إن عددا منها يعد منخفضا للغاية من حيث النوعية ولا يشتريه حتى محدودي الدخل، ولقد أعلنت الحكومة عن نيتها في تحسين سلع الدعم قريباً.

 

4 يشكل دعم البنزين عبئا كبيرا على موازنة الدولة، وهو في حقيقة الأمر دعما للأغنياء ويؤدي إلى الإسراف في استخدامه، كذلك هناك ضرورة لوضع ضوابط صارمة في استخدام البطاقات الذكية لتقنين دعم جميع أنواع الوقود ?بنزين سولار مازوت? للمستحقين مع ترك الباقي في السوق بالأسعار الحرة، ولقد أعلنت الحكومة عن بدء تطبيق هذه الآلية اعتباراً من يوليو القادم. 5 غالبية الدعم الموجه للبوتاجاز لا يصل إلى مستحقيه بسبب عدم فاعلية الرقابة على منافذ التوزيع ووجود الوسطاء في عملية نقل وتوصيل أنابيب البوتاجاز للمستهلكين

 

لذلك يجب إيجاد آلية حكومية/شعبية لإحكام الرقابة على توزيع البوتاجاز خاصة في المناطق الشعبية والعشوائيات. 6 لتوصيل الدعم لمستحقيه فيما يتعلق باستخدام المياه والكهرباء والنقل بالسكك الحديدية فإنه من الضروري الأخذ بمبدأ التكافل الاجتماعي، وذلك باستخدام أسعار متباينة علي أساس تقسيم الاستهلاك من المياه والكهرباء إلى شرائح جديدة، وزيادة السعر مع زيادة الاستهلاك، أما بخصوص تعريفات النقل فيجب مراجعة أسعار تذاكر السفر للدرجتين الأولي والثانية لدعم أسعار الدرجة الثالثة.

 

7 مراجعة ودراسة أي مدي حققت البطاقات الذكية التموينية التي تم تطبيقها تجريبيا في بعض المحافظات هدفها من حيث توصيل الدعم لمستحقيه وما الدروس المستفادة من هذه التجربة.

 

8 ومن خلال ترتيبات على المدي المتوسط، يجب التحرك نحو بناء وتشغيل وإدارة منظومة الكترونية متكاملة لدعم المواد البترولية، يتم من خلالها ضبط وتنظيم عمليات نقل وتداول وتوزيع المواد البترولية بما يضمن وصول المواد المدعومة إلى مستحقيها والقضاء على ظاهرة تهريبها، بحيث تشمل نظاما للتحكم في الكمية والقيمة المدعومة من المواد البترولية التي يتم منحها لكل شريحة من المستهلكين وطريقة منحها سواء شهريا أو سنويا وإمكانية زيادتها أو تقليلها وفق السياسات والقرارات التي يتم اتخاذها في هذا الشأن.

 

9 عدم تحمل الدولة أعباء الدعم إلا بعد قيام المستهلكين بصرف الحصص المخصصة لهم والتي يتم تحديدها وفق القرارات المختلفة لذلك.

 

10 التأكيد على أنه ليس من الضروري أن يكون هناك نظام موحد للدعم بمفهوم إما دعم سلعي أو دعم نقدي، وذلك بالأخذ بالنظام المختلط فبعض السلع يصلح لها النظام السلعي والبعض الآخر النظام النقدي، والمهم هو إيجاد آلية يمكن من خلالها تنفيذ النظام المختلط.

 

إن الدعم النقدي يعطى للمستهلك الحرية فى الحصول على السلعة فى الوقت المناسب له، وحسب تفضيلاته واختياراته، وبالتالى سيخلق ذلك ضغطاً على بعض السلع فى بعض الأوقات نتيجة زيادة الطلب على سلع معينة أو فى أوقات معينة، مما سينتج عنه ارتفاع فى أسعارها بشكل كبير. وبذلك تختفى آثار دعم هذه السلع

 

ولا يصبح للدعم النقدي أهمية أو تحقيق للغرض المعمول من أجله.. أما الدعم العينى فهو إجبار المستهلك على اختيار السلع فى توقيت معين وتحديد رغباته وفقاً للمتاح من السلع، وبالتالى تظل أسعار هذه السلع فى حدود المعقول فتحدث نوعًا من الدعم بحصول المستهلك عليها بأسعار أقل من السعر السوقى.

 

بمعنى أن الدعم النقدى سيؤدى إلى اختفاء أثر الدعم بالتدريج وسيشتكى الفقراء من عدم القدرة فى الحصول على السلع بالأسعار المدعمة، أما العينى فهو محكوم بتوقيت واختيارات للمستهلك وضعتها الجهات المنظمة.

 

أما مثلا منظومة النقاط بالعيش فأعطت حرية للمستهلك للاستغناء عن سلعة واختياره لأخرى، لكنه فى ذات الوقت محدد له السلع التى يمكن الحصول عليها نظير استغنائه عن الخبز وفى توقيت معين. •

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق