فن وفنانين

المخرج الذي حارب هوليوود بمفرده

فى ثمانينيات القرن العشرين كانت أفلام السينما الأمريكية -ممثلة فى هوليوود- ذائعة الصيت حول العالم، ونجحت فى استقطاب عدد كبير من نجوم السينما الأوروبية، للعمل هناك سواء كانوا مخرجين أو ممثلين أو كتابا، وكان أميتاب ورفاقه فى تلك الفترة أيضا يقومون بتحقيق مكاسب خيالية لصناعة السينما فى بوليوود، التى انتقل صداها من الشرق الأقصى للأوسط، ثم لبقية العالم، حتى أصبحت المنافس الأول لهوليوود فى صناعة السينما؛ ووسط حالة الاستقطاب هذه كانت الأفلام التى تحاكى قصصا إنسانية شحيحة، لكنها كانت تتحضر هناك فى الشمال الإسكندنافى على نار هادئة، تنسج خيوط قصتها بشكل مختلف، ربما لم تكن المفضلة فى ذلك التوقيت، لكنها كانت الأكثر واقعية ووعيا بمشاكل مجتمعها، والفضل فى ذلك يعود للمخرج الدنماركى بيل أوجست، رائد السينما الإسكندنافية وأحد أعلام السينما الأوروبية.

أوجست، الذى أكمل عامه الـ ٧٠ هذا الشهر، قدم واحدة من أهم ندواته على هامش مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، والذى يرأس لجنة تحكيم دورته الـ ٤٠، عن تجربته الفريدة والشخصية فى صناعة السينما، حيث قال إنها بدأت معه فى سن صغيرة للغاية، بالتحديد حينما كان طفلا، حيث توفيت أمه فى سن السابعة، وكان له أب غاضب طوال الوقت، فاتجه إلى قراءة الروايات التى ساعدته فى فهم الحياة والواقع وفى صناعة السينما أيضا، حيث يعتبر من وجهة نظره أن الطفل الذى عانى منذ الصغر أكثر نجاحا ونضجا من الطفل السعيد، فالأول عندما يكبر سيتمكن من اللعب على كل مفاتيح البيانو.

ولا يزال يرى أوجست نفسه حتى هذه اللحظة مصورا وليس مخرجا، فالمخرج من وجهة نظره هو سارد لأحداث مصورة، ويعتقد أيضا أن المخرج عليه أن يكتسب خبرات فى العديد من تخصصات صناعة السينما قبل أن يصبح مسئولا عن مجموعة عمل بتخصصات مختلفة، ويجب أن يتعلم كيف يتحكم فى كل التفاصيل الصغيرة فى العمل، والسبب وراء ذلك أن هناك قليلا جدا من الممثلين نجحوا فى تجاربهم الإخراجية، ذلك لأنه لا يرى العمل الفنى سوى من وجهة نظر أحادية تتمثل فى دوره هو فقط لا غير.

وبعد فيلم «بيلى الفاتح» إنتاج عام ١٩٨٧، والحائز على جائزة الأوسكار بفئة الأفلام الناطقة بغير الإنجليزية، أحب الأعمال إلى قلبه، فهى قصة تتحدث عن طفل ووالده هاجرا من السويد إلى الدنمارك طمعا فى حياة أفضل، وكادا أن يقعا فى دائرة العبودية لولا أن الطفل استطاع أن يحمى والده من هذا المصير، فهو يرى أن هذه القضية معقدة وكبيرة؛ حيث توجد الآن أعداد كبيرة من المهاجرين حول العالم، لذا فإن إعادة تقديم مثل هذه القصة مرة أخرى سيتطلب تعميق الفكرة لتتلاءم مع الظروف الراهنة -على حد قوله.

ورغم أن هوليوود كانت الملاذ الآمن لصناع السينما حول العالم؛ فإن أوجست لم يكن شغوفا بالعمل هناك، لقد تلقى بالفعل عددا من العروض للتوجه إلى هوليوود وصناعة بعض الأفلام، لكنه يرى أنه مكان لا يحب أن يتواجد فيه؛ لأنه أفضل مكان يمكنك أن تفقد فيه حرفتك وشخصيتك، لقد حاربها بمفرده، هناك بالفعل مجموعة من المخرجين الأكفاء، لكنك بعد مرور قليل من الوقت ستكتشف أنه ليس المكان المناسب لصنع أى شيء جديد، إن هوليوود بيئة غير صحية، فحسب أوجست، هم ماهرون فى جذب الجمهور، وهو أمر عانت منه السينما الأوروبية لأنها كانت تهتم أكثر بالحبكة الجيدة على حساب الصورة، فسرد القصة فن ويجب تعلم كيفية خلق القصص وإنتاجها، لذلك من الجيد التحرر من الإطار الأدبى لأى رواية تريد أن تقدمها للسينما والتركيز على السيناريو وحسب.

وبالحديث عن مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الـ٤٠، قال أوجست إنه شاهد أفلامًا عظيمة بهذه الدورة، غايتها إيصال رسالة للمشاهد بشكل ذكى من خلال محتوى مختلف ومميز، لكنه غير متابع للسينما العربية؛ لأن دور العرض فى الدنمارك لا تعرض هذه الأفلام، لذا فهو يرى أن شركات «البث المباشر عبر الإنترنت» كشركة «نيتفليكس» سهلت من هذه المهمة، وستكون فرص إطلاعه على السينما العربية أكبر الآن.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق