ثقافة وقراءة

الاعتراف الأخير

 

 

بقلم- سمية غباشي

جلس مشدوهًا من هول المفاجأة.. فتحت الباب وخرجت مسرعة لم تعطي له الفرصة لأي شيء.. نزلت الدرج وهي تتخبط قدماها وتجرى مسرعة وكأنها تهرب من مجهول يرعبها.. وأخذت تجرى وتجرى وهي تلهث ويكاد قلبها أن يتوقف من….؟؟

من ماذا؟.. توقفت عن الجري وسارت ببطء تحاول أن تستعيد هدوئها وأنفاسها المتلاحقة بدأت في التباعد ودقات قلبها المتسارعة تتهادى..وضعت يدها على وجهها فإذا هي باردة كالأموات.. ماذا فعلت؟ كيف بدر منى ما بدر وكيف استطعت قوله ومن أين أتتني هذه الجرأة؟.. لا لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا فأنا أتوهم ذلك… استردت نفسها شيئًا فشيئًا وعادت إلى أقرب ما يكون لطبيعتها.. وهدوئها.. كانت قد وصلت إلى منزلها وفتحت الباب ودخلت إلى الحديقة الخلفية لتستعيد ما حدث دون أن يراها أحد وهي في هذه الحالة….جلست على الأرجوحة وأخذت تتهدهد عليها وأغمضت عينيها وأراحت رأسها إلى الوراء..وبدأت في استرجاع ما حدث فارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهها البريء فأضاءته أكثر مع احمرار خفيف على وجنتيها يزيدها جمالاً على جمالها.. وتذكرت كاد قلبها أن يتوقف وكيف كان ينظر إليها وهو لا يفهم ما تقول ولا يحتمل أن يصدقه.. ايوه.. أنا قلتله انى باحبه.. يفعل ما يفعل ولكنى لابد أن أصارحه بحبي فالعبء كبير ولا أحتمله وحدي وهو حبيبي فلابد أن يشاركني ولو بالعلم فقط.. ضحكت في نفسها.. يا مجنونة كيف فعلت ذلك.. طيب وهو ذنبه إيه أنا كده ظلمته..نعم ظلمته عندما كانت أمامي الحياة ولا أعرف أن نهايتي قريبة كنت أحبه في صمت وعندما توصل الأطباء لحالتي الصحية المتأخرة الآن أقول له أني أحبه؟ ما هذه الأنانية؟ طيب وما ذنبي أن أموت دون أن يعلم أني أحبه ؟ .. لا يهمني ما حدث وما يحدث المهم أني أحبه والأهم أنه عرف بحبي ولا شيء يهم بعد ذلك…..

كانت تشعر أنها ستموت قبل أن تصل إلى البيت وكانت تجرى وكأنها لا تجرى من المجهول ولكن تجرى إلى المجهول.. وتذكرته مذهولاً ولم يظهر عليه أي رد فعل فرح.. غضب.. إنكار لا شيء لا شيء.. سمعت باب الحديقة يفتح ففتحت عينيها.. آه يا قلبي بدأ قلبها يدق بسرعة إنه هو دخل إليها ووقف أمامها وبسرعة قال لها.. لو سمحتي عاوز أسألك سؤال واحد.. وتجاوبيني بكل صراحة.. ممكن؟ أنت الكلام اللى قلتيه ده حقيقي وبسرعة أجابت عليه بما تبقى لها من جرأة وقدرة على الكلام .. أيوة بحبك وهافضل أحبك لآخر لحظة في عمري القصير اللي ماندمتش عليه غير اللحظة دي.. احتضنها وأخذ يمطرها بصنوف من الكلمات التي كثيرًا ما تمنت أن تسمعها منه .. نعم منه هو وحده.. وأخذ يعبر لها عن مشاعره وكيف كان يتمنى منها ولو نظرة وينتظرها عندما تمر من أمامه وهو يحلم بأن يتنفس الهواء الذي تنفسته حتى يشم رائحتها فيه وووووووووو لم يسمعها ترد عليه.. أمطرها بوابل من القبلات.. لم تتحرك.. هزها بين يديه بشدة ولكنها لم تجبه .. ماتت بين يديه …وكان آخر ما فعلته في حياتها أن اعترفت له بحبها وكان هذا.. الاعتراف الأخير.

 

تمت.. من كتابى ابليس لايدخل الجنة

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق