أقلام حرّة
مصر وليبيا مرة أخرى

في المليان
حفتر يتمسك بعهوده للرئيس السيسي
ومصر لن تسمح بحلول فى غير صالح الشعب الليبي
جاء استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية لمدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز يوم الأحد الماضي ، وتبادلهما وجهات النظر بشأن المستجدات الخاصة بعدد من القضايا الإقليمية ذات الإهتمام المشترك ومن بينها الأزمة الليبية ، ليعيدنا الى المربع الأول فى تلك الأزمة التي تحاول تركيا وحواريوها تغيير مسار بوصلة نتائج الحوار الوطني الليبي وإفساد خارطة الطريق التي توافق على منتدي الحوار ..
ومع إقتراب موعد إجراء الإنتخابات الرئاسية والنيابية التي حددها منتدي الحوار ومقرر لها 24 ديسمبر القادم ، تتضاعف المؤامرات الإخوانية وتنشط الميليشيات فى طرابلس والغرب الليبي ، وقد أشرت الى هذه الأوضاع عدة مرات خلال شهري يونيو ويوليو الماضيين ..
وقد سارت الصحف العربية الصادرة خارج الحدود في نفس الإتجاه ومنها صحيفة العرب وأشارت فى تقاريرها إلى أن الأصوات الداعية الى عودة الفوضي تحظي بدعم سياسي فى الداخل وأن صراع الميليشيات على النفوذ فى غرب البلاد له من يغذيه وإن حل تلك الميليشيات غير مطروح بجدية ..
وتؤكد تلك التقارير أن كل المؤشرات باتت تصب فى الإتجاه نحو فشل الحل السياسي وعودة الإنقسام الى ليبيا ، وربما نجح العسكريون شيئاً من خلال لجنتهم المشتركة لانهم عسكريون منضبطون بحكم تكوينهم النفسي والعقائدي والأخلاقي . أما السياسيون فهم وراء المصالح الشخصية والحزبية والفئوية والجهوية هائمون يبدون غير ما يضمرون ويفعلون عكس ما يتحدثون !
المشهد حالياً يكشف عن اتساع الشقة بين شرق البلاد وغربها . وبعد أكثر من خمسة أشهر من تسلم السلطات المنبثقة من ملتقي الحوار السياسي مقاليد السلطة لا تزال الخلافات على أشدها .. والأفعال تتكلم منذ البداية وقت أن أعلن الدبيبة زيارة بنغازي يوم الإثنين 26 إبريل بمقدمة “ميليشياوية” لم يسمح لها الجيش الوطني بالتمركز فى صالة كبار الزوار بمطار بنينا الدولي ، ثم بعد ذلك رأينا المشهد الميلودرامي للدبيبة معلنا – ودون التنسيق مع اللجنة العسكرية 5+5 – فتح الطريق الساحلي الذي يربط بين غرب وشرق ليبيا وإنه بذلك أنهي الإنقسام والإغتراب بين مفاصل الأقاليم الليبية ، رغم أن هذا الأمر لم يكن قد دخل حيز التنفيذ بالفعل لأنه من ضمن إختصاصات اللجنة العسكرية وإن اللجنة لم تكن قد انتهت من كافة الإجراءات اللوجيستية لإعلان فتح الطريق بطريقة رسمية وإنه جاري عمل صيانة للطريق وبمجرد الإنتهاء من ذلك – مع وضع نقاط التأمين اللازمة – سيتم فتح الطريق خلال أيام كما جاء فى بيان اللجنة العسكرية المشتركة وقد حدث ذلك بالفعل ..
إجراءات غير قانونية أو تم إلباسها القانون لإيقاف من يرونه منافساً لهم فى الإنتخابات القادمة إذا تمت .. وملتقي الحوار السياسي لا يزال عاجزاً عن التوصل الى قاعدة دستورية لتنظيم الإنتخابات ، ومجلس الدولة الخاضع لسيطرة الإخوان يصنع شروطاً تعجيزية فى وجه تحقيق أية توافقات والخطورة الحقيقية تتمثل فى أن الحكومة تضع البيض كله فى سلة رجب طيب أردوغان دون إعتبار لوجود خلافات حول ذلك مع من يعتبرون شركاء لها فى السلطة والوطن ..
كما أن الحديث عن تأجيل الإنتخابات بات مطروحاً بقوة فى كواليس السياسة فى طرابلس ، وبالتالي فإن التمديد لحكومة الدبيبة يصبح أمراً واقعاً .. ولا جديد فى التعيينات بالمؤسسات السيادية ، واتفاق بوزنيقة المغربية فى مهب الريح حتي موعد رأس العام الهجرية وتم الإختلاف حوله بين إفتاء طرابلس وأوقاف البيضاء وكلاهما يتبع الحكومة !
ومن يتابع المستجدات اليومية يدرك أن أطرافاً تسيطر على الأوضاع فى طرابلس وغرب ليبيا لا تريد الحل السياسي أن يتحقق فهي ببساطة لا تقبل بحل يكون قائد الجيش المشير خليفة حفتر جزءاً منه ، ولا تزال مقتنعة بان الحرب ستعود الى الإندلاع ذات يوم وإنها ستنتصر فيها بدعم الحليف التركي ، وسيكون ذلك منطلقاً لسيطرتها على منابع الثرورة فى وسط وشرق وجنوب البلاد ..
في غرب ليبيا هناك تحالف بين من يسمون أنفسهم ثوار 17 فبراير والإسلام السياسي والميليشيات ، وكل هؤلاء لا يستطيعون الحفاظ على مواقعهم ومصالحهم دون وجود القوات التركية والمرتزقة وهم رافضون من حيث المبدأ لتنظيم الإنتخابات المقررة فى الرابع والعشرين من ديسمبر القادم مخافة أن تطيح بهم إرادة الشعب فى صناديق الإقتراع ..
وقد يكون من الخطأ أن يعتقد الفاعلون السياسيون فى طرابلس أن حفتر فقد تحالفاته الإقليمية والدولية ، فالرجل لا يزال يمثل ثقلاً كبيراً فى المشهد ، وهو يبدو حالياً الأكثر إصراراً على تنظيم الإنتخابات وممثلوه فى الحوار اظهروا مرونة خلال كل المراحل بشهادة البعثة الأممية ، ودوره فى توحيد المؤسسة العسكرية وطي صفحة الماضي مقدر من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ..
وأعتقد أن المشير حفتر يتمسك بعهوده للرئيس عبد الفتاح السيسي بالإهتمام بالحل السياسي .. وأن مصر لن تسمح بأية حلول أخري فى غير صالح وحدة وإستقرار وأمان الشعب الليبي ..
وبالمقابل هناك شكوك لدي المجتمع الدولي بأن المقربين من حكومة الدبيبة هم من يعرقلون الخطي فى إتجاه الرابع والعشرين من ديسمبر .. وعلينا أن نتذكر أن البعثة الأممية لم تسع لإخراج هؤلاء سواء بالكشف عن نتائج التحقيق فى ملف الفساد وبملتقي الحوار أو بالكشف عن تفاصيل التحقيق الدولي فى حسابات مصرف ليبيا المركزي ..